“الحقوق” أصعبها.. تعديل الشهادات رحلة جديدة يخوضها اللاجئون في المانيا

خالد محمد – ألمانيا

لم تنتهي معاناة شريحة كبيرة من اللاجئين السوريين بوصولهم إلى الأراضي الألمانية في العام 2015، ضمن موجة اللجوء، ورغم حصول عدد كبير منهم على أوضاع إقامة قانونية في البلاد، إلا أنهم وجدوا أنفسهم أمام رحلة ومعركة جديدة مع القانون الألماني، لا سيما بالنسبة لمسألة تعديل الشهادات سواء العلمية منها أو المهنية.

طريق طويلة..

عند الحديث عن مسألة تعديل الشهادات، تبرز شهادة الحقوق كأصعب الشهادات تعديلاً في ألمانيا، خاصةً مع اختلاف القوانين بين سوريا وألمانيا، وصعوبة المصطلحات القانونية، بحسب ما يقوله “أنس العلي”، خريج كلية الحقوق جامعة دمشق، لافتاً إلى أن طول طريق تعديل الشهادة ووعورتها أجبرت المئات من حملة تلك الشهادة على تغيير طريق حياتهم.

ويضيف “العلي”: “الكثير منا اتجه إلى العمل العادي سواء في المصانع او الشركات، والبعض الآخر اتجه إلى التدريب المهني في إحدى المهن الأخرى، وترك شهادة الحقوق، خاصةً وأن معادلة الشهادة تحتاج إلى مستوى لغة عالي بالإضافة إلى تدريب اللغة الاختصاصية والعودة على الأقل لدراسة الفرع مجدداً في الجامعات الألمانية، وهو ما يصعب فعله، على اعتبار أن الكثير من المحامين هم كبار في السن نسبةً للعودة إلى التعليم الجامعي من جديد”.

وأكد الحقوقي “العلي” أن “تعديل شهادة الحقوق في أقصر الآجال، قد يستغرق ما لا يقل عن 10 سنوات، وهذا يعني ان المحامي لن يتمكن من الانخراط في سوق العمل قبل سن 40 عاماً، إذا كان قد وصل ألمانيا وعمره 30 عاماً”.

كما يعتبر “العلي” أن تلك المدة طويلة جداً، لا سيما وأن الكثير من اللاجئين يبحث عن تحسين وضعه القانوني في البلاد عبر الحصول على الجنسية أو الإقامة الدائمة، وهي الأمور التي تحتاج إلى عمل، لافتاً أيضاً إلى أن المهمة شبه مستحيلة بالنسبة للمتزوجين منهم وأصحاب العائلات.

في ذات السياق، يوضح “عبد الستار أحمد” الحاصل على شهادة في الطب البشري من سوريا، أن طريق تعديل شهادة الطب بدوره ليس قصيراً حتى وإن كان أكثر قصراً من تعديل شهادة الحقوق، لافتاً إلى أن “عملية التعديل تمر بعدة مراحل ومعايير أساسية قبل تعديلها، من بينها مقارنة عدد المواد التي درسها الطالب أو الخريج في بلده الأم مع عدد المواد في الجامعات الألمانية، بالإضافة إلى مقارنة عدد الساعات التي حصل عليها خلال سنوات دراسته، وتحديد شرط حصوله على المستوى اللغوي المطلوب، قبل منحه شهادة مزاولة المهنة على الأراضي الألمانية”

يشار إلى أن السوريين جاؤوا بالمرتبة الأولى بين الأجانب الذين تقدموا بطلبات تعديل الشهادات في ألمانيا عام 2018، بحسب بيانات مركز الإحصاء الألماني، بواقع 4800 شهادة.

ويؤكد “أحمد” إلى أن مستوى اللغة المطلوب لتعديل الشهادة والحصول على  رخصة مزاولة المهنة في ألمانيا يختلف بين ولاية وأخرى، على أن لا يقل عن مستوى C1، لافتاً إلى أن الخبرة العملية التي حصل عليها مقدم الطب تؤخذ بعين الاعتبار عند التعديل.

فروع متنوعة وفرص متاحة

في سياق تناوله لتجربته الخاصة، يقول “محمد الغانم” الحاصل على شهادة الصيدلة: “تمكنت بعد حصولي على معادلة شهادتي، من الحصول على وظيفة في مجال تخصصي، واعتبر أن هذه نعمة وفرصة لا تحصل دائماً، لا سيما وأن الكثير من أصحاب الشهادات وحملتها لم يتمكنوا من ذلك بسبب إجراءات التعديل، والتي تضم جملة أمور أهمها، الحصول على فرصة تدريب عملي في الاختصاص ومستوى لغة لا يقل عن b2 وتقديم الطلب الرسمي للحصول على إذن العمل المؤقت”، معتبراً أن تلك الشروط تعتبر من الأسهل مقارنةً ببقية الاختصاصات الأخرى.

وكان مكتب الإحصاء قد كشف في تقريره الخاص بالشهادات العلمية أن غالبية الشهادات المعدلة حتى العام 2019 كانت في المجالات الصحية والطبية، حيث بلغة نسبة تلك لشهادات نحو 61 بلمئة من إجمالي الشهادات، منها 10400 شهادات تمريض وعناية صحية، واكثر من 7 آلاف شهادة طب‎.‎

إلى جانب ذلك، يوضح “الغانم” أن عملية تعديل شهادته والاعتراف بها داخل ألمانيا استغرق نحو ثلاث سنوات، موضحاً أنه “على كل شخص حمل شهادة الصيدلة ويرغب بتعديلها أن يكون ملماً بالقوانين الناظمة للمهنة كشرط للتعديل، على أن يقوم بفترة تدريب تتراوح بين 6-12 شهراً، ويتقدم بعدها لامتحان المعادلة الألمانية، الخاص بالقوانين الصيدلانية الناظمة لعمل الصيادلة والصيدليات في ألمانيا.

يذكر أن بيانات مكتب الإحصاء الألماني كشفت عن ارتفاع عدد طلبات تعديل الشهادات في البلاد، إلى نحو 7 آلاف شهادة.

Exit mobile version