تطورات أفغانستان تعيد قضية اللاجئين إلى الواجهة في أوروبا

أخبار القارة الأوروبية – هيئة التحرير  

أعادت التطورات في أفغانستان إلى الواجهة قضية اللجوء إلى الدول الأوروبية هربا من نيران الحرب وتداعيات الصراعات الداخلية في الدول غير المستقرة، حيث سبق وأن اتخذت الدول الأوروبية مواقف متشددة بعد تدفق اللاجئين إليها من مناطق الصراع في العالم لا سيما سوريا وليبيا واليمن، والعراق، وأخيرا وليس آخرا أفغانستان.

وبحسب الأمم المتحدة فقد تجاوز عدد اللاجئين والنازحين في العالم عتبة الثمانين مليوناً في منتصف العام 2020 وهو مستوى قياسي، في خضم جائحة كوفيد-19، فيما أفادت منظمة العفو الدولية بأن عدد اللاجئين فقط بلغ 22.5 مليون شخص.

المجتمعات الأوروبية باتت أمام معضلة اجتماعية وأخلاقية، ما بين الرغبة في استضافة هؤلاء الفارين من جحيم المعارك في بلادهم وما بين التبعات الاقتصادية والاجتماعية للجوء، لكن ما وقع في أفغانستان خلف شعورا بتخلي الغرب عن مسؤولياته وتفضيله مصلحته الشخصية وتنكره لمن كانوا في صفه هناك، ولا تزال بوصلة المواقف الأوروبية تترنح في هذه القضية من دولة لأخرى.

فرنسا..

في فرنسا خرج مئات الأشخاص في باريس ومنهم افغان يطالبون بـ”الإجلاء الفوري” لعائلات أفغانية مهددة، ورفعت لافتات كتب عليها “إجلاء الآن” و”أهلا بالأفغان” وبعضها باللغة الإنجليزية حمل نداء “أنقذوا عائلاتنا” و”حياة الأفغان مهمة”.

ودعا المتظاهرون إلى التحرك منعا لما وصفوه بكارثة إنسانية على وشك الوقوع مع فتح ممرات إنسانية لراغبي الخروج.

من جهتها طالبت الجمعيات المنظمة للتظاهرة أن تلتقي وزير الخارجية جان ايف لودريان، ابتداء من هذا الاسبوع”، فيما كان لودريان قد قال في وقت سابق إنه سيتم النظر في حالات الرغبين في مغادرة بلادهم مضيفا أن أعدادهم تزداد يوميا.

وتستضيف فرنسا قرابة  436,100 وذلك بحسب إحصاءات البنك الدولي لعام 2020 كما توجد أعداد أخرى من اللاجئين الذين وصلوا لفرنسا بشكل غير شرعي، وهم عرضة للمساءلة من  الشرطة وسبق وصوردت خيمهم.

تركيا..

أما تركيا التي تعد من أكثر الدول استضافة للاجئين فقد أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال اتصال هاتفي مع المستشارة الألمانيّة أنغيلا ميركل السبت، أنّ بلاده لا تستطيع تحمّل عبء هجرة إضافيّة من أفغانستان عقب استيلاء حركة طالبان على السلطة، مشيرا إلى أن بلاده تستضيف 5 ملايين لاجئ ولا تستطيع تحمل المزيد.

وانتقد أردوغان تردد الاتحاد الأوروبي بشأن طلب أنقرة مراجعة اتّفاق موقّع في مارس من العام 2016 بين أنقرة وبروكسل لوقف تدفّق المهاجرين.

ويُمكن بموجب هذا الاتّفاق، إعادة المهاجرين غير الشرعيّين الذين يصلون الاتحاد الأوروبي، إلى تركيا، في مقابل تقديم مساعدات ماليّة لأنقرة من أجل استقبالهم، معتبرا أن موقف الاتحاد الأوروبي من تحديث الاتفاق يؤثّر سلبًا على إمكان التعاون في مجال الهجرة.

وبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فقد  تم تسجيل 5.64 مليون لاجئ سوري في الدول المجاورة، منهم أكثر من 3.6 مليون شخص في تركيا، بالإضافة إلى ذلك، تستضيف تركيا حالياً حوالي 360,000 لاجئ وطالب لجوء من دول أخرى غير سوريا، معظمهم من أفغانستان والعراق وإيران.

وشهدت الآونة الأخيرة زيادة الحساسية تجاه اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا، حيث طالت أعمال عنف منازلهم ومحالهم التجارية في العاصمة أنقرة، بعد أن شن سُكان محليون في منطقتي “أوندر” و”بطل غازي”،  هجمات عليهم في العاصمة التركية أنقرة، في أعقاب مقتل شاب تُركي يسمى “أميرهان يالتشن” على يد شخص سوري،  ما أثار ضجة وفزعا في أوساط اللاجئين السوريين المنتشرين في مختلف أنحاء تركيا.

ألمانيا..

من جهتها، شدّدت ميركل على أنّ إجلاء الأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية، من أفغانستان، هو “أولويّة قصوى”.

وكانت ميركل قد أبدت انفتاحها على ما سمته استقبالا منظّم للاجئين الأفغان الأكثر عرضة للمخاطر الهاربين من نظام طالبان، لكنّها أقرت بصعوبة توصل الشركاء الأوروبيين لاتفاق بهذا الشأن.

وأشارت ميركل التي استقبلت بلادها بين عامي 2015 و2016 أكثر من مليون طالب لجوء، إلى ضرورة أن ينصبّ التركيز في مرحلة أولى على إيجاد حلول إقليمية من أجل استقبال هؤلاء اللاجئين في الدول المجاورة لأفغانستان.

أما شعبيا فقد أظهر استطلاع حديث أن نحو ثلثي الألمان يؤيدون ضمان حماية في ألمانيا للأفغان المعرضين للخطر في بلدهم، حيث وجاء في استطلاع معهد “يوغوف” لقياس مؤشرات الرأي الذي تم نشر نتائجه الأحد أن إجمالي 63% من الألمان الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون ضرورة أن تقدم الحكومة الاتحادية مساعدة للمضطهدين في أفغانستان.

وشهدت مدن ألمانية مظاهرات لتسريع عمل جسر جوي لنقل  أشخاص من أفغانستان، فيما شارك 500 شخص في تظاهرة بمدينة فرانكفورت في أحد الميادين الشهيرة للمطالبة بهذا الجسر.

وبلغ عدد الحاصلين على حق اللجوء في ألمانيا 1.3 مليون، في حين بلغ عدد من ينتظر نتيجة طلبه أو ممنوع ترحيله لأسباب مختلفة حوالي نصف مليون لاجئ، وتشهد البلاد انتقادات لسياسة اللجوء الألمانية “لدينا مكان في ألمانيا” خاصة من حزب اليسار بينما تطالب دول أوروبية من ألمانيا تخفيف أعباء اللجوء عن دول مثل إيطاليا واليونان.

رفض نمساوي..

موقف النمسا جاء على لسان المستشار المحافظ سيباستيان كورتس الذي شدد على معارضته استقبال مزيد من الفارين من أفغانستان بعد أن استولت طالبان على السلطة هناك.

وكانت النمسا قد استقبلت ما يزيد عن واحد بالمئة من سكانها من طالبي اللجوء خلال أزمة الهجرة في أوروبا في عامي 2015 و 2016 ، وبنى كورتس مستقبله السياسي على اتخاذ موقف متشدد بشأن الهجرة وفاز في كل الانتخابات البرلمانية منذ عام 2017، ووصل عدد اللاجئين في النمسا حتى عام 2020 141,866 بحسب إحصاءات البنك الدولي.

إسبانيا..

مدريد من جهتها قالت إن الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيث اتفقا على استخدام قاعدتين عسكريتين في جنوب إسبانيا لاستقبال الأفغان الذين كانوا يعملون لحساب الحكومة الأمريكية، وذلك لحين ترتيب سفرهم إلى دول أخرى.

وتعد إسبانيا بنظر الكثيرين مقرا مؤقتا لعبور اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبي،وبحسب إحصاءات البنك الدولي يبلغ عدد اللاجئين في إسبانيا 103,679 شخص.

وكانت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل “فرونتكس” قد أفادت بأن عدد عمليات العبور غير القانوني للاجئين عبر الحدود الأوروبية في الأشهر السبعة الأولى من عام 2021 بلغت أكثر من 82000، بزيادة 59٪ عن الإجمالي المسجل قبل عام.

وكان السبت الماضي قد شهد وصول طائرة تقل 110 لاجئين أفغان وأسرهم إلى مركز تابع للاتحاد الأوروبي في إسبانيا بقاعدة عسكرية خارج مدريد وكان بينهم 36 فردا كانوا يعملون لحساب الإدارة الأمريكية في أفغانستان. وتستخدم هذه القاعدة في استضافة اللاجئين الأفغان الذين عملوا لحساب الاتحاد الأوروبي وأسرهم قبل نقلهم إلى دول أخرى في الاتحاد.

وبعد سيطرة طالبان على العاصمة الافغانية كابول منتصف أغسطس الجاري، بعد عقدين من إبعادها على يد القوات الأمريكية، تزاحم الآلاف حول مطار العاصمة من أجل مغادرة أفغانستان، وتسيطر الحركة على جميع المعابر الرئيسية مع الدول المجاورة، فيما يؤكد المسؤولون في الحركة أنهم لا  يريدون أن يغادر الناس البلاد، فيما تفيد التقارير بأنه لا يسمح بالخروج إلا للتجار ومن يحملون وثائق سفر رسمية.

Exit mobile version