أخبار القارة الأوروبية – بورتريه
وافق يوم أمس 30 من شهر أغسطس مولد الرسام الفرنسي، جاك لوي دافيد، الذي يع أحد أبرز فناني المدرسة الكلاسيكية الجديدة.
ولد جاك لوي دافيد في باريس لعائلة فرنسية ثرية في 30 أغسطس 1748، عندما كان عمره نحو تسع سنوات، قُتل والده في مبارزة، وتركته والدته مع أعمامه المعماريين الموسرين، والذين اعتنوا به إذ تلقى تعليمًا ممتازًا في كلية الأمم الأربع، بجامعة باريس، لكنه لم يكن أبدًا طالبًا جيدًا؛ كان لديه ورمًا في وجهه يعيق حديثه، وكان منشغلًا بالرسم بشكل دائم.
كان يملأ دفاتر ملاحظاته بالرسوم، وقال ذات مرة: “كنت أختبئ دائمًا خلف كرسي المحاضر، أرسم طوال وقت الدرس”، وبعد وقت قصير، أراد أن يصبح مصورًا، لكن أعمامه ووالدته أرادو له أن يصبح معماريًا، تغلب على المعارضة، وذهب ليتعلم من فرانسوا بوشيه (1703–1770)، المصور الأبرز في ذلك الوقت، والذي كان أيضًا قريبًا له من بعيد.
باوتشر كان مصورًا على طراز الروكوكو، لكن الأذواق كانت تتغير، وكانت صيحة الروكوكو إلى زوال ليحل محلها أسلوب أكثر كلاسيكية، فقرر بوشيه بدلًا من أن يفرض على دافيد وصايته، أن يبعث به دافيد إلى صديقه، جوزيف-ماري فيان (1716–1809)، مصور يتبنى رد فعل كلاسيكي على الروكوكو، وهناك، انتظم دافيد في الأكاديمية الملكية، التي كان مقرها موقع اللوفر الآن، فيما كانت الآكاديمية تقدم كل عام لطالبٍ مميز جائزة روما، والتي تمول 3-5 سنوات من الإقامة في المدينة الخالدة.
ونظرًا لأن الفنانين كانوا يعيدون النظر تلك الفترة في الأساليب الكلاسيكية، فقد أتاحت الرحلة إلى روما للفائزين بها فرصة لدراسة بقايا كلاسيكيات العصور القديمة، وأعمال أساتذة عصر النهضة الإيطاليين بشكل مباشر.
تجمهر كل طالب داخلي في نقطة التجمع الرومانية في الأكاديمية الفرنسية، والتي كانت في الفترة بين عامي 1737 و1793، قصر مانشيني في فيا ديل كورسو. نافس ديفيد، وفشل في الفوز، بالجائزة لثلاث سنوات متتالية بلوحات (مينيرفا تقاتل المريخ، وديانا وأوبوللو يقتلان أطفال نيوبي، وموت سينيكا).
الخسارة الثانية
بعد خسارته الثانية عام 1772، دخل دافيد في إضراب عن الطعام، استمر ليومين ونصف قبل أن يشجعه أعضاء هيئة التدريس على مواصلة التصوي، واثقًا الآن بكونه حصل على الدعم والمؤازرة اللازمين للفوز بالجائزة، عاد لدراساته بحماسة عظيمة، فقط ليفشل في الفوز بجائزة روما مرة أخرى في العام التالي. أخيرًا، في 1774، فاز دافيد بجائزة روما عن قوة لوحته اكتشاف إيراسيستراتوس لسبب مرض أنتيخوس، وهو موضوع وُضع من قبل الحكام.
في أكتوبر 1775 قام برحلته إلى إيطاليا مع معلمه، جوزيف-ماري فيان، والذي كان قد عُيّن لتوه مديرًا للأكاديمية الفرنسية في روما، وأثناء وجوده في إيطاليا، درس ديفيد غالب الوقت أعمال أساتذة القرن السابع عشر مثل بوسان، وكارافاجيو، وكاراتشي.
وبالرغم من أنه صرح بالتالي «لن تغريني قطع أثرية، فهي تفتقد إلى الحركة، إنها لا تتحرك»، ملأ دافيد اثنا عشر دفترًا برسوم استخدمها والأستوديو الخاص به كنماذج لبقية حياته.
قُدّم للمصور أنطون رفاييل مينغز (1728–1779)، الذي عارض توجه الروكوكو في تزيين وتبسيط الموضوعات القديمة، مناصرًا بدلًا من ذلك الدراسة الصارمة للمصادر الكلاسيكية والتمسك القوي بالنماذج القديمة، أثّر أسلوب مينغز القائم على المبدأ والتاريخ في تمثيل الموضوعات الكلاسيكية بشكل كبير لوحات دافيد السابقة للثورة، مثل عذراء فيستا، على الأرجح من ثمانينيات القرن الثامن عشر. عرف مينغز دافيد أيضًا بالكتابات النظرية ليوهان يواخيم فينكلمان عن النحت القديم (1717–1768)، الباحث الألماني المُعتقَد تأسيسه لتاريخ الفن الحديث. كجزء من جائزة روما، أُخذ دافيد في جولة لأطلال بومبي المكتشفة حديثًا عام 1779، والتي عمقت من إيمانه بأن بقاء الثقافة الكلاسيكية هو دليل على قوتها الخالدة والتقليدية والمفاهيمية.
خلال الرحلة أيضًا، درس دافيد باجتهاد كبار مصوري عصر النهضة، كان لرفائيل تأثيرًا كبيرًا وباقيًا على الفنان الفرنسي الشاب.
بالرغم من أن زملاء دافيد الطلاب في الأكاديمية وجدوا أنه من الصعب التعامل معه، فإنهم أدركوا عبقريته. مُددت إقامة دافيد في الأكاديمية الفرنسية بروما عامًا، وفي يوليو 1780، عاد إلى باريس، وهناك، وجد أشخاصًا مستعدين لاستخدام نفوذهم من أجله، وعُينَ عضوا في الأكاديمية الملكية.
أرسل للأكاديمية لوحتين، وأدرجت كلتاهما في صالون عام 1781، وهو شرف عظيم، ومدحه المصورون المشهورون المعاصرين له، لكن إدارة الأكاديمية الملكية كانت معادية للغاية تجاه هذا المبتدئ الشاب. بعد الصالون، منح الملك إقامةً لدافيد في اللوفر، وهو امتياز قديم ومرغوب جدًا يختص به الفنانين العظماء. وعندما كان متعهد عقود الملك، م. بيشول، ينسق مع دافيد، طلب من الفنان أن يتزوج ابنته، مارغريت تشارلوت.
جلب له هذا الزواج المال، وأربعة أطفال، وكان لدافيد 50 تلميذًا وكان معهودًا إلية من الحكومة بتصوير هوراس محتميًا بوالده، أمده حموه بالمال الذي يحتاجه للرحلة، وتوجه ديفيد إلى روما مع زوجته وثلاثة من طلابه، واحد منهم هو، جان جيرمان درويه (1763–1788)، الفائز بجائزة روما لذلك العام.
في روما، عام 1784 صور دافيد صورته الشهيرة قسم هوراتي، في هذه القطعة، يشير الفنان إلى قيم عصر التنوير مع إشارة إلى العقد الاجتماعي لروسو.
سياسيا كان دافيد مؤيدًا نشطًا للثورة الفرنسية وصديقًا لماكسميليان روبسبيار (1758–1794)، وكان عمليًا الحاكم المطلق للفنون تحت حكم الجمهورية الفرنسية. ثم تم سجنه بعد سقوط روبسبيار، لينضم لنظام نابليون، القنصل الأول لفرنسا، نمى طرازه الإمبراطوري في هذا الوقت، المميز باستخدامه ألوان البندقية (فينيسيا) الدافئة.
بعد انحسار سلطة نابليون الإمبراطورية وانتعاش آل بوربون، نفى دافيد نفسه إلى بروكسل، ثم إلى المملكة المتحدة الهولندية، حيث بقي حتى وفاته في 29 ديسمبر 1825.
لدافيد عدد كبير من التلاميذ، ما يجعله التأثير الأقوى على الفن الفرنسي في بدايات القرن التاسع عشر، خاصة التصوير الأكاديمي الصالوني، ومن أشهر أعماله “قسم القتال” (1784)، و”موت مارات” (1793)، و”نساء سابين” (1799) ونابليون عابرًا جبال الألب (1801- 1805).