إيطاليا تحاول استعادة توازنها الاقتصادي بعد الحائجة

أخبار القارة الأوروبية – إيطاليا

تمتلك إيطاليا ثالث أكبر اقتصاد وطني في منطقة اليورو، وثامن أضخم اقتصاد على مستوى العالم من ناحية الناتج المحلي الإجمالي، ويحتل اقتصادها المرتبة 12 كأكبر اقتصاد على مستوى العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي المعادل للقوة الشرائية، لكن وبرغم ما تتمتع به البلاد من قدرات اقتصادية كبيرة إلا أن جائحة كورونا كانت بمنزلة طعنة قوية تلقاها الاقتصاد في خاصرته وترتب عليها ترنح يكاد يغير مستقبل البلاد بشكل سريع.

أولى تداعيات الجائحة كانت انخفاض متوسط العمر في البلاد بمقدار 1.2 عام في 2020، ووصل هذا الانخفاض إلى 4 أعوام في بعض المناطق المتضررة، بحسب ما أعلن المعهد الوطني للإحصاء في البلاد.

ويختلف الفارق بشكل كبير بحسب المناطق، ففي مدينتي بيرجامو وكريمونا (شمال)، الأكثر تضررا في إيطاليا، انخفض متوسط العمر عند الرجال ما بين 4,3 و 4,5 أعوام من العمر المتوقع، وعند النساء بمقدار 3,2 و2,9، وفي المقابل، انخفض متوسط العمر المتوقع بشكل أقل في فوجيا (جنوب) وإينا في صقلية.

الوباء تسبب في وفاة 129,515 شخصا في إيطاليا، نصفهم في المناطق الشمالية (لومباردي وبيدمونت وليغوريا وأومبريا وفينيتو) التي يقيم فيها 36 % فقط من سكان إيطاليا البالغ عددهم 60 مليونًا.

وتعد إيطاليا أول دولة أوروبية ظهر فيها الوباء في فبراير 2020، وسرعان ما انتشر الفيروس في لومباردي، المركز الاقتصادي للبلاد التي أصبحت لفترة من الوقت بؤرة الوباء العالمي. وتم حتى الآن إعطاء أكثر من 79 مليون جرعة لقاح وتطعيم 71,65 في المائة ممن تزيد أعمارهم على 12 عامًا بالكامل، وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن الحكومة الإثنين.

الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا جدد دعوته للمواطنين بالتحصن ضد فيروس كورونا المستجد، مؤكدا أن عدم الحصول على اللقاح يعرض الأرواح للخطر.

وكانت السلطات الصحية الإيطالية قد أعلنت أن عدد الإصابات بفيروس كورونا في أنحاء البلاد حتى الـ24 ساعة الأخيرة، بلغ 5315 إصابة، فيما وصل عدد الوفيات 49 حالة.

الكارثة الصحية ألقت بظلالها على المجتمع الإيطالي ككل فارتفعت نسبة الشباب الذين لا يعملون ولا يدرسون لتصل إلى 23.3٪ عام 2020، أي بزيادة بـ1.1 نقطة مئوية مقارنة بعام 2019، وذلك بحسب المعد الوطني للإحصاء الذي كشف عن انكماش بنسبة 0.4.

ارتفاع مستوى البطالة كان مجرد مؤشر على التدهور الذي أصاب الاقتصاد الإيطالي بسبب الجائحة، رغم أن حكومة ماريو دراغي تجاوزت تداعيات كوفيد 19 وسجلت نموا غير مسبوق بنسبة 5% ، كما حصلت إيطاليا على الحصة الأكبر من خطة التحفيز الأوروبية الضخمة البالغة 750 مليار يورو، وباتت قادرة على إنفاق 191.5 مليار يورو من الأموال المستمدة من صناديق بروكسل.

شبه الجزيرة الإيطالية في طريقها إلى كسب رهانها بتلقيح 80 في المائة من السكان بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) الجاري، وبالتالي تجنب قيود جديدة من شأنها الإضرار بالانتعاش المستمر الذي وصفه كارلو بونومي رئيس «كونفندوستريا»، منظمة أرباب العمل الرئيسية في البلاد، بأنه «معجزة اقتصادية صغيرة».

وكانت البلاد قد سجلت في عام 2020 أسوأ ركود لها منذ الحرب العالمية الثانية، من حيث جاء تأثير الانتعاش. كذلك، تعززت معنويات الإيطاليين بتتويج منتخبهم الوطني في بطولة اليورو لكرة القدم، وهو أمر يجب أن يعود بالفائدة على اقتصاد البلاد، والفوز في عدد قياسي من الميداليات في أولمبياد طوكيو، بالإضافة إلى فوز فرقة روك إيطالية في مسابقة الأغنية الأوروبية يوروفيجن.

انتعاش الاقتصاد الإيطالي مرهون بعدم فرض قيود جديدة حيث يتوقع في حال سير الأمور بشكل جيد أن يعود الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى ما قبل الوباء في الربع الأول من عام 2022 وبالتالي تعول البلاد كثيرا على مسألة التطعيم.

لكن هناك حالة مقلقة من عدم اليقين على الصعيد السياسي خاصة بشأن مدى إمكانية بقاء ماريو دراغي على رأس الحكومة في منصبه لفترة كافية لبدء الإصلاحات المنصوص عليها في خطة الإنعاش الاقتصادي؟ هناك احتمال بأن يتم انتخابه رئيساً للجمهورية عندما تنتهي ولاية سيرجو ماتاريلا في نهاية يناير (كانون الثاني) 2022، الأمر الذي قد يمهد الطريق أمام اليمين المتطرف بزعامة ماتيو سالفيني للعودة إلى السلطة.

Exit mobile version