“عصر شكسبير”.. إليزابيث الأولى ملكة إنجلترا وآخر حكام سلالة تيودور

أخبار القارة الأوروبية – بورتريه

ولدت إليزابيث الأولى في السابع من سبتمبر من عام 1533 وهي ابنة الملك هنري الثامن، وآن بولين زوجته الثانية التي نفِّذ فيها حكم الإعدام عام 1536 بتهمة خيانة الوطن وكانت إليزابيث حينها في الثانية والنصف من عمرها ومن هنا تم إلغاء زواج آن من هنري الثامن وتم إعلان إليزابيث ابنة غير شرعية.

 بعد موت أبيها الملك هنري في عام 1547، خلفه في الحكم أخوها من أبيها إدوارد السادس الذي نشأ بروتستانتياً كأخته إليزابيث.

 وعندما توفي في عام 1553، ورث العرش إلى ليدي جين غراي مُقصياً بذلك أختيه إليزابيث، وماري الكاثوليكية الرومانية عن الحكم ومخالفا للقانون آنذاك. لكن أرادته لم تتم، فقد تُوجت ماري على العرش، وتم خلع ليدي جين غراي ومن ثم أعدمت.

كانت ماري مثل أمها كاثوليكية فجعلت مذهب الأمة الإنجليزية كاثوليكياً، وكانت تضطهد الفئة البروتستانتية حتى عُرفت باسم السفّاكة ماري، وكانت ماري تسيء الظن بإليزابيث التي كانت سُترشَّح بعدها للحكم، بينما كانت إليزابيث تتجنب بشدة التدخل في الأمور السياسية خلال فترة حكم ماري.

 ومع ذلك فقد وقعت إليزابيث ضحية الظن في عام 1554 بعد الثورة المعروفة باسم ثورة ويات، التي فشل فيها الثوار في الإطاحة بحكم ماري، واعتُقلت إليزابيث رغم عدم ثبوت أي أدلة تدينها بالاشتراك في الثورة.

عندما توفيت ماري عام 1558 أصبحت إليزابيث الملكة وتولت الحكم، وأدارت البلاد بالشورى، واعتمدت في كثير من الأمور على فريق من المستشارين الموثوق بهم بقيادة وليام سيسيل، بارون بورغلي الأول.

وكان من أول ما قامت به الملكة إليزابيث بعد اعتلائها العرش إقامة الكنيسة البروتستانتية الإنجليزية، وأصبحت الحاكم الأعلى لها.

 هذا وقد أسهمت تسوية إليزابيث الدينية في تطوير الشكل الذي عليه الكنيسة الإنجليزية حاليا.، كان من المتوقع أن تتزوج إليزابيث وتنجب وريثا لمواصلة حكم سلالة تيودور، إلا أنها لم تفعل، رغم كثرة من المتقدمين إليها، وبتقدم إليزابيث بالسن، اشتهرت بكونها ما زالت عذراء، الأمر الذي أنشأ هالة من حولها نُقلت من خلال الصور، والمواكب، والأدب في ذلك العصر.

كانت إليزابيث في فترة حكمها أكثر اعتدال من والدها وإخواتها غير الأشقاء، وكان أحد شعاراتها “أرى، ولكني لا أتكلم”، لم يكن لديها تعصب ديني، بل كانت تتجنب الاضطهاد المنهجي.

وفي عام 1570 أعلن البابا أن إليزابيث حاكمة غير شرعية، كما أحل رعاياها من الولاء لها، وجرت مؤامرات عديدة تهدد حياتها، ولكن تم إحباط جميع هذه المؤامرات بفضل جهاز الخدمة السرية الذي يديره وزرائها.

 كانت إليزابيث حذرة وعلى دراية بالشؤون الخارجية والمناورات التي تدور بين القوى الكبرى، مثل فرنسا وإسبانيا. وقد ساندت بغير حماسة الحملات العسكرية غير الفعالة، وذات الموارد الشحيحة في هولندا وفرنسا وأيرلندا. وفي منتصف عقد 1580 لم يكن لإنجلترا الخيار لتجنب الحرب مع إسبانيا، انهزم أسطول الأرمادا الإسباني على القوات الإنجليزية في عام 1588، ليرتبط اسم إليزابيث بأعظم انتصار عسكري في التاريخ الإنجليزي.

عُرفت فترة حكم الملكة إليزابيث بالعصر الإليزابيثي، حيث اشتهرت تلك الفترة بازدهار الدراما الإنجليزية بريادة عدد من الكتاب المسرحيين مثل وليم شكسبير وكريستوفر مارلو، كما اشتهر ببراعة البحارة الإنجليز المغامرين مثل فرنسيس دريك.

ولكن كان بعض المؤرخين أكثر تحفظا في تقيمهم، فوصفها بعضهم بأنها حادة الطباع ومتذبذبة في بعض الأحيان، وأنها نالت أكثر مما تستحق. وفي نهاية عهدها، ظهرت سلسلة من المشاكل الاقتصادية والعسكرية، التي أدت إلى انخفاض شعبيتها. وفي ظل حكومة محدودة الصلاحيات ومتداعية للسقوط، وأثناء تعرض ملوك الدول المجاورة لمشكلات داخلية، فقد أثبتت إليزابيث أنها ملكة مثابرة وعنيدة وذات شخصية براقة، وكذلك كان حال مع ابنة عمها المنافسة ماري ستيوارت ملكة اسكتلندا، مما أدى إلى سجن ماري في عام 1568، ثم إعدامها في عام 1587.

 وبعد فترات الحكم القصيرة لإخوة إليزابيث غير الأشقاء، فقد نجحت إليزابيث خلال فترة حكمها التي امتدت إلى 44 عاما أن تجلب الاستقرار إلى البلاد، وتساعد على تعزيز الشعور بالهوية الوطنية. كانت صحة إليزابيث على ما يرام حتى خريف عام 1602، فبعد سلسلة من وفيات صديقاتها دخلت إليزابيث في حالة من الاكتئاب الشديد. وفي فبراير 1603، توفيت كاثرين كاري، كونتيسة نوتنغهام ابنة شقيق كاثرين كاري صديقة إليزابيث المقربة، مما ادى إلى صدمة قوية لإليزابيث.

وفي مارس، مرضت إليزابيث ودخلت في حالة مستمرة من الحزن الشديد، وجلست على وسادة لساعات دون حراك. وعندما أخبرها روبرت سيسيل أنها يجب أن تذهب إلى الفراش، قالت له بامتعاض “الكلمة يجب أن لا يستخدمها الأمراء”.

وتوفيت في 24 مارس 1603 في قصر ريتشموند ما بين الساعة الثانية والثالثة صباحًا.، وبعد بضع ساعات، وضع سيسيل والمجلس الخطط قيد التنفيذ وأعلن جيمس ملكًا لإنجلترا.

عندما أصبح تسجيل وفاة الملكة في 1603 معيارا، فيما بعد تم إصلاح التقويم الإنجليزي في العقد 1750، في ذلك الوقت استخدمت إنجلترا يوم رأس السنة الميلادية في 25 مارس، المعروف باسم يوم السيدة، وهكذا تصبح إليزابيث قد توفيت في اليوم الأخير من العام 1602 في التقويم القديم، وفي الاتفاقية الحديثة يستخدم التقويم القديم للتاريخ والشهر بينما يستخدم الحديث للسنة.

Exit mobile version