أخبار القارة الأوروبية – اسبانيا
حلم الأندلس المأمول مازال يطارد الآلاف من المهاجرين القادمين من الجنوب لعل الحظ يحالفهم بالوصول لدولة قد تشكل طوق نجاة لهم من بلادهم التي تعاني الفقر والجوع وعدم الاستقرار.
السلطات المحلية في مدينة مرسية الإسبانية أفادت باعتراض نحو 11 قاربا خلال 48 ساعة، تحمل على متنها أكثر من 155 مهاجرا بينهم نساء وقاصرون، جميعهم من الجزائر، مشيرة إلى أن مهاجرا واحدا قضى، دون أن تذكر تفاصيل إضافية تفيد بأسباب الوفاة، فيما تم نقل المهاجرين إلى ميناء قرطاجنة في مرسية، حيث خضعوا لفحص فيروس كوفيد 19، عملا بالإجراءات الصحية.
سلطات المدينة قالت إن 73% من المهاجرين غير الشرعيين الوافدين إليها وإلى جزر البليار، في النصف الأول من العام الحالي، قدموا من الجزائر.
وكان شهر يوليو تموز الماضي قد شهد وصول أكثر من 160 مهاجرا إلى مرسية، على متن 11 قاربا، جميعهم من أصول جزائرية، قالت السلطات إنهم “مهاجرون اقتصاديون”.
يذكر أن الجزائريين والمغاربة يشكلون النسبة الأكبر من المهاجرين غير الشرعيين الواصلين إلى إسبانيا، عبر شبكات تهريب منظمة.
المهاجر يدفع قرابة 2500 يورو مقابل محاولة العبور إلى إسبانيا، وربما يستعين عقب وصوله مرة ثانية بالمهربين، إما لمواصلة رحلة الهجرة أو لإيجاد فرصة عمل بأجر زهيد.
دراسة نشرتها منظمة “كوميناندو فرونتيرا” غير الحكومية، أفادت بأن عدد المهاجرين الذين لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الوصول إلى إسبانيا خلال النصف الأول من العام الجاري وصل إلى ما مجموعه 2087 مهاجرا، ينحدرون من 18 دولة معظمها من غرب إفريقيا، مقارنة بـ 2170 طوال عام 2020.
الدراسة كشفت أن أكثر من 90% من الوفيات قضوا إثر غرق 57 سفينة على الطريق البحري إلى جزر الكناري الإسبانية.
ومنذ نهاية عام 2019، ارتفع عدد المهاجرين الوافدين إلى الأرخبيل الإسباني في المحيط الأطلسي بشكل كبير.، حيث تقع جزر الكناري مقابل السواحل الأفريقية، وأقصر طريق للوصول إليها من الساحل المغربي يمتد لأكثر من 100 كيلومتر، وهو طريق خطير بسبب التيارات البحرية القوية.
هيلينا مالينو رئيسة المنظمة ، قالت إن الزيادة في عدد الوفيات هذا العام ترجع إلى زيادة استخدام القوارب المطاطية، وهي أقل أمانا، حيث يواجه المهاجرون صعوبة في العثور على قوارب خشبية.
كما استنكرت عدم وجود تعاون كاف بين خدمات الإنقاذ الإسبانية والمغربية، مؤكدة عدم وجود تنسيق بين البلدين، مشيرة إلى عدم إرسال أي مساعدة إسبانية أو مغربية إلى القوارب المنكوبة. وقالت “يقضي المهاجرون أحياناً يوما كاملا وهم يغرقون ببطء”.”.
وزارة الداخلية الإسبانية، كانت قد قالت إن 12622 مهاجرا وصلوا إلى إسبانيا عن طريق البحر في النصف الأول من العام، أي ما يقرب من ضعف عدد الوافدين في نفس الفترة من العام الماضي وهم 7256، مضيفة أنها لا تملك تفاصيل عن عدد المهاجرين الذين اختفوا أثناء عبورهم.
وفي سبتة أفادت صحيفة “إلفارو دي سوتا” المحلية بأن ما يقرب من خمسين عاملا مغربيا اجتمعوا يوم الاثنين أمام الوفد الحكومي للمطالبة بحل وضعهم بعد أن عجزوا عن مغادرة المدينة لأكثر من عام ونصف بسبب إغلاق الحدود مع المغرب.
وحسب الصحيفة ذاتها فإن هؤلاء العمال خططوا لتنفيذ وقفات احتجاجية صباح كل يوم اثنين للفت انتباه السلطات، مضيفة أن ما يقارب من 500 عامل مغربي، عالقين في سبتة، والعديد منهم في وضع محفوف بالمخاطر.
وكانت مندوبة حكومة سبتة، سالفادورا ماتيوس، قد أفادت بأن 600 مهاجر مغربي تم قبول طلباتهم للجواء في مكتب تراخال بسبتة، من ضمن 1600 طلب، مضيفة أن هؤلاء الذين تم قبول طلباتهم جرى نقلهم إلى مدينة الجزيرة الخضراء، في حين لازال المئات من المهاجرين الآخرين يقدمون طلباتهم أو ينتظرون النظر فيها.
ومعظم من تقدموا بطلبات اللجوء، كانوا قد تسللوا إلى سبتة خلال التدفق الجماعي على المدينة في مايو أيار الماضي خلال الأزمة الديبلوماسية بين المغرب وإسبانيا.
وفي السياق نقلت صحف ملحية اسبانية ، نقلت خبرا مفاده أن المهاجرين السريين أصبحوا مؤخرا أكثر عدوانية وعنفا وعازمين على الاشتباك مع الوحدات الامنية في السياج الحدودي الذي يحيط بمدينة مليلية.
وكان الحرس المدني الإسباني قد أعلن ضبط عناصر من الحرس المدني أسلحة بيضاء وهراوات وعصي حديدية بحوزة مهاجرين غير شرعيين ينحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء، عند محاولتهم اقتحام السياج الحديدي لمليلية المحتلة خلال موخرا.
تجدر الإشارة إلى أن المنطقتين الحدوديتين المحتلتين بسبتة ومليلية عرفتا مؤخرا استنفارا أمنيا كبيرا من طرف السلطات المغربية، وذلك من أجل منع تكرار سيناريو الهجرة الجماعية غير المسبوقة الذي تم تسجيله شهر ماي الماضي .
رحلة محفوف بالمخاطر يخوضها المهاجرون الحالمون بالعيش في إسبانيا، معرضين حياتهم للخطر، على أمل أن يجدوا لأنفسهم وأسرهم موطئ قدم هناك، لكن عدم خشيتهم من الموت وإلقاء أنفسهم في عرض البحر يكشف مدى معاناتهم في بلدانهم حتى باتت المغامرة الحل الوحيد لتخليص أنفسهم من حياة لا تطيقهم، فرغم نجاح البعض في الدخول لإسبانيا كلاجئين إلا أن الغالبية العظمى من الذين لم تنصفهم بلادهم، لم تستقبلهم أيضا إسبانيا فعلق البعض في سبتة ومليلة وبعضهم لم يستطع الدخول أو العودة من حيث جاء، وبعضهم قضى بين الأمواج المتلاطمة وهو يبحث عن طوق نجاة من الغرق والفقر معا.
Comments 3