تدفق اللاجئين عبر المانش يتسبب بأزمة بين باريس ولندن

أخبار القارة الأوروبية

شهدت الدول الأوروبية موجات متتالية من المهاجرين المنطلقين نحو القارة العجوز فارين من ويلات الحروب وعدم الاستقرار وشظف العيش في بلدانهم ، لا سيما بعد تفاقم الأوضاع الإنسانية في العراق وسوريا، لكن الأزمة الأفغانية زادت الطين بلة، وانضم اللاجؤون الأفغان إلى أرتال القوارب الباحثة عن ملاذ آمن وعيش مستقر في القارة الأوروبية.

ورغم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلا أن موجات المهاجرين لا تزال تسعى لعبور المانش انطلاقا من فرنسا تجاه بريطانيا وهو ما وتر العلاقة بين باريس ولندن. فالحكومة البريطانية تدرس السماح لمسؤولي حرس الحدود بإبعاد القوارب القادمة عبر بحر المنش دون الإفصاح عن الأساليب التي ستتبعها لهذا الغرض، وهو ما علق عليه وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، بالقول إن باريس لن تقبل انتهاك بريطانيا قوانين الملاحة الدولية، ولن تقبل كذلك ما وصفه بالابتزاز المالي في إشارة إلى دفع بريطانيا 54 مليون جنيه إسترليني لفرنسا، من أجل مضاعفة دورياتها التي تمنع انطلاق المهاجرين من الأراضي الفرنسية.

وكانت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل قد التقت دارمانان لإجراء محادثات حول أزمة المهاجرين، لكن الجانبين أخفقا في الاتفاق على أي إجراءات جديدة.

باتيل عادت للبرلمان البريطاني وأبلغت الأعضاء أنها مستعدة لحجز ملايين الجنيهات موجهة للفرنسيين لاستخدامها في منع عبور المهاجرين إلى المملكة المتحدة؛ وذلك بعد أن تم رصد عدد قياسي من الأشخاص الذين وصلوا الى بريطانيا قبل أيام، حيث تبدو لندن غاضبة من انخفاض أعداد المهاجرين الذين يتم اعتراضهم قبل وصولهم للمياه البريطانية، ما جعلها تلوح بسحب التمويل في حال فشل فرنسا في منع ثلاثة من كل أربعة متسللين بحلول نهاية سبتمبر الجاري.

ودعت الوزيرة فرنسا للتعاون إذا أرادت الحصول على المال مشيرة إلى أن دفع المال مشروط بالوصول إلى النتائج المرضية.

مصادر حكومية أكدت أن العدد النهائي للمهاجرين الذين عبروا المانش في الآونة الأخيرة ارتفع إلى ألف شخص يوميا في ظل استغلال المهربين لاعتدال الطقس في هذا التوقيت ما يرفع العدد الإجمالي للعابرين إلى أكثر من 13 ألفاً و500 هذا العام، مقارنة بـ8420 شخصاً عبروا العام الماضي.

وأشارت تقارير غير مؤكدة في مدينة دوفر البريطانية، إلى احتمال عبور أكثر من 1000 شخص، خلال يوم واحد، وبفضل الطقس المعتدل، تم تسيير 158 رحلة عبور، يوم الأحد، دون رصد على متن قوارب صغيرة.

ومنذ إبرام صفقة بقيمة 54 مليون جنيه إسترليني، في 21 يوليو، لمضاعفة الدوريات الفرنسية، وصل أكثر من 3500 مهاجر إلى بريطانيا،  وأوقف الفرنسيون أقل من نصف هذا العدد، وفقاً لمصادر في وزارة الداخلية البريطانية.

المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، رفض حديث دارمانين عن “الابتزاز المالي”، معبرا عن رضاه بشأن التكتيكات التي تستخدمها قوة حرس الحدود الفرنسية في تأمين الحدود ومنع الهجرة.

ومع شعور بريطانيا بعدم الرضا عن الأداء الفرنسي في منع دوريات الهجرة قالت الحكومة الإنجليزية إنها ستستخدم كل تكتيك متاح للتصدي لتهريب البشر، حيث أفادت صحيفة “ديلي تيلغراف”، بأن باتيل حصلت على مشورة قانونية تسمح للسفن بإعادة توجيه القوارب الصغيرة بعيدًا عن المياه البريطانية.

سعي الحكومة في لندن لاستخدام أساليب وتكتيكات أكثر قوة لمنع المهاجرين من عبور القناة وردعهم دون وضع الجانب الإنساني في الاعتبار، دفع وزير داخلية حكومة الظل في بريطانيا، نيك توماس سيموندز، إلى اعتبار اقتراح إعادة توجيه قوارب الهجرة بأنه  خطير ويعرض الأرواح للخطر، معتبرا أنه يدل على الفشل الكامل لوزيرة الداخلية بشأن هذه المسألة.

يشار أن القناة الإنجليزية تعد من أخطر ممرات الشحن وأكثرها ازدحامًا في العالم، حيث يأتي العديد من المهاجرين من بعض أفقر مناطق العالم وأكثرها فوضوية، ويطلب الكثير منهم اللجوء بمجرد أن تلتقطهم سلطات المملكة المتحدة.

ويُلزم قانون الملاحة البحري الدولي، على النحو المنصوص عليه في العديد من الاتفاقيات، بمساعدة الأشخاص المنكوبين في البحر.

مصير المهاجرين الذين أنفقوا كل ما في جعبتهم للوصول إلى بلد مستقر وآمن بات رهينة لمدى صرامة الحكومة البريطانية في منع القوارب القادمة عبر المنش، لكن هؤلاء المهاجرين لم يعد لديهم ما يخسرونه بعد أن تركوا أوطانهم وديارهم خلفهم  وهو ما يزيد من صعوبة التعامل معهم، ويجعل خيار تقنين أوضاعهم في النهاية هو الحل القريب، وقد تجبر موجات المهاجرين الدول الغربية على البحث عن حلول جذرية لأزمات الشرق الأوسط التي وصلت تداعياتها إلى أوروبا في صورة قوارب المهاجرين.

Exit mobile version