المهاجرون في السويد.. مشاكل الاندماج وتربص الأحزاب اليمينية

أخبار القارة الأوروبية – السويد

رغم تمتع السويد بمستوى عال من الرفاهية، وقدرتها على توفير حياة جيدة للمواطنين السويديين وكذلك المهاجرين إلا أن أزمات المهاجرين تتفاقم مع مرور الوقت ما بين عدم قدرتهم على الاندماج واختلاف الثقافة فضلا عن تعالي الأصوات المطالبة برحيلهم لا سيما من جانب الأحزاب اليمينية التي تستغل أي حادث للنيل من سياسة الهجرة في البلاد، إضافة إلى ترصد وسائل الإعلام للحالات السلبية التي قد تظهر في مجتمعات المهاجرين وتضخيمها.

وازدادت حدة الهجوم على المهاجرين بعد وقت قصير من تسرب لقطات مما سمي “عراك مستشفى لوند” والذي شارك فيه قرابة 60 شخصا من أسرتين من أصول مهاجرة.

وسائل الإعلام في السويد ركزت على الأصل العرقي للمتصارعين، وبثت لقطات من مشاهد العراك وهو ما أثار غضب السويديين، خاصة في مدينة لوند التي عرفت باحتضانها أفضل جامعات البلاد.

وعلى الرغم من رفض البعض تعميم ما رآه على المهاجرين، إلا أن بعض الأحداث باتت تنعكس على مزاج الشارع السويدي حيال اللاجئين والمهاجرين، معتبرين أن دافع الضريبة السويدي لا يتوجب عليه تمويل مجموعات تعيش على هامش المجتمع.

استناداً إلى مواقع الصحف التي غطت الحدث، طالب البعض بضرورة انتهاج سياسة عودة هؤلاء غير السعداء بحياتهم في السويد إلى موطنهم الأصلي، حيث يمكن أن يكونوا أكثر سعادة وراحة،  هذا عدا عن توالي التصريحات الغاضبة من المشاهد من قبل معظم الأحزاب السياسية، من مختلف الاتجاهات، وخصوصاً قبل عام من الانتخابات المقبلة التي يسعى فيها اليمين القومي المتشدد لتحقيق تقدم كبير بسبب ما يسميه فشل سياسة الهجرة والدمج.

وأظهرت بعض اللقطات تدخلاً من قبل الشرطة السويدية التي هرع أفرادها بالعشرات، بالإضافة إلى قوات التدخل السريع بسلاحها الكامل. وعلى الرغم من ذلك، ظلت المعركة مستمرة أمام صدمة المستشفى ومحيطه والذين أمكن لهم أن يشاهدوا ما يجري وسماع الصراخ بلغات غير سويدية.

 وتشهد مناطق سويدية حالة مأساوية تعيشها أسر لاجئة ومهاجرة مع انتشار الجريمة المنظمة لعصابات المخدرات، وبات سويديون ومهاجرون يتركون بعض الضواحي خوفاً على مستقبل أطفالهم.

في غضون ذلك أعدت جامعة كامبريدج دراسة عن أوضاع المهاجرين في السويد كشفت أن الذين يعيشون في السويد من المهاجرين أو الذين تم تبنيهم من أسر سويدية يظهرون مستويات  مقلقة من المرض العقلي بعد العيش في السويد أو دول الشمال الإسكندنافي، ولديهم أمراض عقلية أعلى من السويديين والأوروبيين المتواجدين في السويد وتكون النسبة بين من تم تبنيهم هي الأعلى من حيث ظهور المشاكل العقلية ثم المهاجرين  وأخيرا السويديين.

وتشير الدراسة إلى أن النسبة الأعلى من المشاكل النفسية تتركز في القادمين من أفريقيا وجنوب الصحراء ودول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ويزاد الأمر قتامة وسوءا بين المهاجرين من أمريكا الجنوبية، وبدلا من البحث عن أسباب عدم قدرة المهاجرين على التكيف في المجتمع دعا مشرعون  في البرلمان السويدي إلى ضرورة  وقف سياسة الإسكان الحالية، التي تتيح للاجئين والمهاجرين العيش حيث يشاؤون، وتشهد نشوء مجتمعات موازية تعيش عزلة تامة عن المجتمع السويدي.

بعض الساسة اقترح تبنّي سياسة الدنمارك  حيث يوجد 15 تجمعاً سكنياً تضم أكثر من 90 في المائة من قاطنيها من أصول مهاجرة باعتبارها “غيتوهات”، وتوزيع القاطنين بشكل يمنع تشكّل مجتمعات موازية لا علاقة لها بالحياة السويدية، وينشأ فيها مراهقون بمعزل عن القوانين والقيم في البلاد. ويقترح هؤلاء تبنّي سياسة الدنمارك بهدم بعض المجمعات السكنية التي تكتظ بعمارات تقطنها غالبية ساحقة من أصول لاجئة ومهاجرة.

من جهته قال حزب سفاريا المعادي للهجرة على لسان زعيمه، جيمي أوكيسون، إن فرض ساعات من العمل الإجباري على الأشخاص المهاجرين مقابل حصولهم على مساعدات مالية في الدنمارك قانون جيد ومن الرائع تطبيقه في السويد، مضيفا أنه من غير المقبول حصول المهاجرين في بيوتهم على مساعدات دون القيام بعمل أو جهد أو نشاط ولا يمكن أن يعيشوا على الإعانات لأي مدة زمنية .

وأضاف أنه سيناقش هذا المقترح مع أعضاء من حزبه لكي يكون مقترحا رسميا ملزما لكل من يريد تمديد متطلبات الحصول على دعم مادي وتوسيع النشاطات المعمول بها حاليا لتشمل مبادرات مفيدة أجتماعيا وليس الاقتصار على حضور دروس اللغة السويدية للأجانبب فقط .

أوكيسون يطالب بأن تكون ساعات العمل إجبارية وبالمحاسبة بمعنى أن من يعمل أقل من 40 ساعة لا يجب أن يحصل على مساعدات كاملة، ومن لا يعمل ساعات تطوعية لا يحصل على مساعدات وهي مقترحات أعلنت الدنمارك أنها ستنفذها على المهاجرين لديها.

نسبة لا بأس بها من المهاجرين في السويد تعاني من البطالة والتسرب المدرسي وانخراجها في مجموعات خارجة عن القانون، لكن وبالرغم من كونها نسبة قليلة إلا أن الإعلام يركز عليها وتتخذها الأحزاب اليمينية ذريعة لتشويه المهاجرين ونقد سياسة الدمج والترويج لفشلها، بانتظار ما ستسفر عنه الانتخابات المقبلة في البلاد والتي وبلا شك سيكون لنتائجها بالغ الأثر على أوضاع اللاجئين في البلاد.

Exit mobile version