إيطاليا.. مبادرات لوقف استغلال المهاجرين العاملين في الزراعة

أخبار القارة الأوروبية

ما أن يصل المهاجرون إلى إيطاليا حتى يصبحوا هدفا للشركات والعصابات التي تنتهز فرصة عدم توفيق أوضاعهم، أو عدم قانونيتها، أو حتى عدم معرفتهم بالقوانين في البلاد لاستغلالهم، وهو ما تسعى الحكومة لوضع حد له عبر جملة من الإجراءات التي تتخذها من آن لآخر.

أحدث هذه الإجراءات هو إطلاق مبادرة جديدة بعنوان “العمل من أجل الريف الاجتماعي”، في العاصمة روما تهدف لمكافحة مشكلة العصابات ووقف ممارساتها الإجرامية في الزراعة، وتقديم المساعدة للعمال المهاجرين الذين يتم استغلالهم، وتعزيز دمجهم اجتماعيا ووظيفيا.

وكانت وسائل إعلام قد كشفت عن حدوث عمليات استغلال للعمال في قطاع الزراعة، وبينت أن إحدى كبريات شركات المنتوجات الزراعية المعروفة باسم سبرِيافيكو  قامت بجعل العمال يراكمون ساعات عمل تصل إلى 260 ساعة في الشهر، وهو ما جعل محكمة ميلانو تأمر بفرض إدارة قضائية لمدة عام واحد لمُجَمَّع سبرِيافيكو (Spreafico).

وسبرِيافيكو هو عملاق في قطاع الفاكهة والخضروات خضع لتحقيق في توظيف العمال، وتم ضبط حوالي 6 ملايين يورو”.

مشروع العمل من أجل الريف الاجتماعي  تم إطلاقه في قاعة جوزيبي أفوليو للاحتفالات التابعة لاتحاد المزارعين الإيطالي في روما، بهدف التركيز على الزراعة الاجتماعية، كنموذج ناجح لمنع ومكافحة مشكلة العصابات، ووقف ممارسات المافيا الإجرامية المعروفة بمسمى “كابورالاتو”، وتعزيز الاندماج، وكذلك إعادة الدمج الاجتماعي والوظيفي للمهاجرين.

وللوصول للغاية المنشودة يتم  إنشاء وتعزيز شبكة وطنية من المتعاونين المتكاملين متعددي القطاعات في مجالات الزراعة والخدمات الاجتماعية والصحية والتدريب والتعليم واستقبال المهاجرين.

ومن المقرر أن يتم تفعيل المبادرة في 12 منطقة في وسط شمال إيطاليا، وهي فيلا دي أوستا وليغوريا ولومبارديا وبيدمونت وترينتو – ألتو أدجي وفريولي فينسيا جوليا وفينيتو وإميليا رومانيا وأومبريا وتوسكانيا وماركي ولاتسيو.

كما ستكون هناك 17 منطقة إقليمية، حيث سيتم إنشاء وحدات متنقلة، على أن تعمل هذه المناطق مع نوافذ معلومات اتحاد المزارعين الإيطالي، لتسهيل ظهور العمال الذين يتم استغلالهم، والبدء في تقديم المساعدة لهم، وتقديم الدعم والاستشارة لضحايا العصابات.

المهمة أوكلت إلى فريق متعدد التخصصات، مكون من وسطاء ثقافيين ولغويين ووكلاء تنمية إقليمية وأخصائيين اجتماعيين.

البرنامج يسعى لتقديم دورات تدريبية للعمال والوسطاء، لتعريفهم بالمهارات في هذا المجال، بالإضافة إلى ورش عمل للمهاجرين، لزيادة مهاراتهم في قطاع الزراعة، وترسيخ أفضل الممارسات في الزراعة الاجتماعية، وهو جزء من خطة تمتد لثلاث سنوات وتهدف إلى مكافحة العصابات، وتم سنها وفقا لقانون 199/ 2016، وبتمويل من صندوق “فامي”، ووزارة العمل الإيطالية، وبدعم من المنتدى الوطني للزراعة الاجتماعية، الذي يضم 30 منظمة تتكون من شبكات وطنية وتعاونيات واتحادات ومنظمات غير حكومية وجمعيات.

الهدف الأسمى للمشروع هو  الوصول لسياسات وإجراءات مشتركة ضد العمالة غير المسجلة، وتعزيز شبكة العمالة الزراعية عالية الجودة، وتقدير دور الزراعة الاجتماعية.

كما يطمح البرنامج لكي يصبح نموذجا للتنمية الإقليمية، التي تجمع بين الاستدامة الاقتصادية والشرعية والشمول والجودة، وهي قادرة على محاربة العصابات، ووقف ممارسات المافيا في الزراعة، من خلال تطوير سلاسل التوريد والأشكال المبتكرة للتوزيع.

وكانت الحكومة الإيطالية  قد نشرت عبر موقعها “دمج المهاجرين” ، مجموعة من الأسئلة والأجوبة التي تشرح للعمال الأجانب، الذين يعيشون في إيطاليا، حقوق العمل التي يتمتعون بها في البلاد، ويقدم الموقع أيضا معلومات مفيدة لهؤلاء الأجانب لمواجهة الاستغلال في العمل.

الموقع يتناول قضايا هامة ويشرح الحقوق التي يتمتع بها العمال الأجانب في إيطاليا،  وما هو الاستغلال في العمل، بهدف توضيح الشؤون المتعلقة بسوق العمل من جوانب مختلفة للأجانب الذين يعيشون في البلاد.

وتأتي الإجابات على الأسئلة من دليل التعليمات للتكامل، الذي يحتوي على إجابات لأكثر من 250 سؤالا، من أجل توفير معلومات مفيدة للأجانب الذين في طريقهم نحو الاندماج الاجتماعي والعمالي في إيطاليا.

ويوضح الموقع أن العمال الأجانب يتمتعون بنفس حقوق العمل التي يتمتع بها نظراؤهم الإيطاليون مثل الرعاية الصحية، والأمن في العمل، وتكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة، والحماية من أي نوع من أنواع التمييز، والحق في راتب عادل ومناسب، والحق في التوفيق بين العمل والحياة الأسرية كالحَبَل، وكذلك الحق في عدم التمييز عند الإصابة بأمراض معينة تسبب نقص (المناعة كالإيدز أو السيدا) مثلا ، والحق في الراحة، والحق في الإنتماء أو عدم الانتماء إلى النقابات المعترف بها.

ويتمتع العمال الأجانب بجميع الحقوق المنصوص عليها في عقد العمل أو العقد الجماعي الوطني أو الإقليمي المتعلق بقطاع عملهم، وأثناء عملية الاختيار لا يمكن لصاحب العمل المحتمل طرح أسئلة حول الآراء السياسية والدينية، والحالة المدنية والأسرية وغيرها، وذلك تطبيقا لمبدأ “عدم التمييز”.

الموقع أوضح أن أسبوع العمل القياسي يشمل 40 ساعة، لكن عقود العمل الجماعية على المستوى الوطني أو القطاعي هي المرجع، إذ أن العمل الإضافي ممكن لكن يجب أن يكون محدودا.

ويحق للعامل بحسب القوانين الإيطالية الحصول على 11 ساعة متتالية من الراحة كل 24 ساعة، وفترة راحة لا تقل عن 24 ساعة متتالية، عادة يوم الأحد، كل أسبوع، ويجب أن تستمر الإجازات السنوية لمدة أربعة أسابيع على الأقل، ولا غنى عنها.

القوانين في إيطاليا تعتبر أن الاستغلال في العمل عندما تكون هناك بعض القضايا التي تتعلق بالراتب الذي يقل عن المعايير الوطنية الرسمية، أو عندما يكون الراتب غير عادل مقارنة بساعات العمل، أو العمل الإضافي المتكرر، وعدم الحصول على الراحة الأسبوعية والإجازات السنوية مدفوعة الأجر والإجازة المرضية مدفوعة الأجر، والانتهاك المنهجي للأمن والصحة في مكان العمل، واستخدام الأساليب المهينة في مراقبة العامل”.

وصمم هذا المكتب خصيصا للأجانب من ضحايا أو ضحايا محتملين للاستغلال في العمل، ويقدم الوسطاء والمشغلون متعددو الثقافات خدمة متعددة اللغات حول كيفية تقنين الموقف، والوصول إلى الخدمات الإقليمية، والالتحاق ببرامج مكافحة الاستغلال في العمل.

إجراءات مختلفة تحاول من خلالها الحكومة الإيطالية إرساء مبدأ العدالة لا سيما في التعامل مع المهاجرين الذين يصلون إلى هذا البلد دون فهم طبيعته وقوانينه، ويجدون أنفسهم فريسة لاستغلال الشركات والتجار والعصابات ليدخلوا في دوامة لا يمكنهم الهروب منها إلا بالتسلح بالمعرفة بالقوانين التي تكفل لهم عدم استغلالهم حتى لو لم يتم توفيق أوضاعهم بشكل قانوني في البلاد.

Exit mobile version