أخبار القارة الأوروبية- ألمانيا
ازدادت في الآونة الأخيرة أعداد المهاجرين القادمين إلى ألمانيا والذين يتسللون بطرق شتى أبرزها الاختباء في الشاحنات، وهو ما يزيد القلق من انهيار لائحة دبلن الخاصة بالاتحاد الأوروبي.
وتنص اللائحة على إعادة المهاجرين إلى أول دولة استقبلتهم في الاتحاد الأوروبي، وهو ما أشار إليه وزير الداخلية الألماني المنتهية ولايته، هورست زيهوفر، معبرا عن قلقه من استمرار الهجرة غير القانونية عبر دول أعضاء في جنوب الاتحاد الأوروبي وانهيار هذه اللائحة.
وتعد اليونان وبيلاروسيا مصدرا أساسي لهؤلاء المهاجرين خاصة وأن الأخيرة باتت نطقة انطلاق لهؤلاء المهاجرين.
في هذا السياق، أصدرت وزارة الداخلية الألمانية تقريرا كشفت فيه عن زيادة أعداد المهاجرين المتسللين عبر الشاحنات بشكل حاد
وتكشف الأرقام الواردة في التقرير عن انهيار شبه كامل للآلية، حيث ترفض المحاكم الألمانية إعادة المهاجرين إلى اليونان على وجه الخصوص، على أساس أنهم قد يواجهون ظروفا سلبية في مخيمات اللاجئين.
وتضغط الداخلية الألمانية على اليونان لقبول الدعم الألماني في توفير السكن والرعاية.
وبين التقرير أنه:”إذا لم يحدث تقدم هنا، فيجب محاولة اتخاذ المزيد من الإجراءات الوطنية كملاذ أخير”.وترى الوزارة أنه ينبغي دراسة فرض ضوابط مؤقتة على الحدود لضبط حركة المسافرين المتجهين إلى ألمانيا من اليونان.
التقرير يكشف أيضا أن عن وجود معلومات مؤكدة تفيد بأن العديد من المهاجرين “قد تم استدراجهم إلى بيلاروسيا بوعود كاذبة وغالبا ما تمنعهم السلطات البلاروسية من شق طريقهم إلى بر الأمان من المنطقة الحدودية والعودة إلى بلدانهم الأصلية”.
اقتراح ألماني لدوريات مشتركة مع بولندا
وكان “زيهوفر” قد اقترح على نظيره البولندي القيام بدوريات مشتركة على الحدود بين البلدين من أجل تقليص الهجرة غير الشرعية القادمة من بيلاروس، وذلك في خطاب الاثنين الماضي بعث به زيهوفر إلى نظيره البولندي.
وأـضاف زيهوفر في خطابه أنه حتى يمكن منع الرحلات غير القانونية إلى ألمانيا على نحو فعال، فإنه ينبغي الاستعانة بهذه الدوريات ” بشكل أساسي في الأراضي البولندية وبطبيعة الحال تحت قيادة حرس الحدود البولندية”.
لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فضوابط الحدود هذه بالتحديد سيكون لها انعكاسات سلبية على كلا الجانبين، مثل الاختناقات المرورية وعوائق في مرور البضائع، تذكر بفترة الحجر بسبب أزمة كورونا.
ورغم أن دوريات مراقبة الحدود الالمانية البولندية لن تمنع الدخول غير المصرح به إلى ألمانيا، لكن من المحتمل أن تساعد على تخفيضه، فوجود ضوابط ثابتة على الحدود تصعب عملية المراقبة الشاملة، علماً أن الدوريات المشتركة، تساعد على تسجيل المزيد من الباحثين عن حماية في بولندا.
بذلك تكون بولندا غالبا هي المسؤولة عن إجراءات اللجوء، وهو ما هو سيكون مرهقا، فأغلب اولئك الذين يحاولون شقّ طريقهم عبر بيلاروسيا، لا يفضلون البقاء في بولندا، بل غالبيتهم يكون الهدف لديهم هو الوصول إلى ألمانيا أو دول أوروبا الغربية الأخرى.
زيهوفر عرض أيضا زيادة حصة أفراد الشرطة الاتحادية الألمانية في الدوريات على نحو ملحوظ وذلك نظرا لأن حماية الحدود مع بيلاروسيا أدت إلى تحمل قوات حرس الحدد البولندية لأعباء كبيرة في الوقت الراهن.
وتتهم الحكومة الألمانية الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو بنقل مهاجرين ولاجئين من مناطق أزمات إلى الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بشكل منظم.
وكان آلاف الأشخاص من بلدان الأزمات كالعراق وسوريا ومناطق أخرى وصلوا إلى ألمانيا بشكل غير قانوني عبر بيلاروسيا وبولندا، وقد بدأت موجة الهجرة هذه منذ شهر يوليو/تموز الماضي.
وشهد يوم الأربعاء إقامة اجتماع لوزراء الولايات، في ألمانيا ويرغب من خلاله وزير الداخلية “زيهوفر” مناقشة الإجراءات الممكن القيام بها للحد من الهجرة غير القانونية.
ولا يمكن الوصول لحلول سهلة وواضحة لهذه الأزمة اتي باتت معقدة للغاية بعد أن دخلت الأجندة السياسية فيها على الخط بعد بعد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد بيلاروسيا، إثر إجبار الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، طائرة على تغيير مسارها في مايو/أيار الماضي، من أجل اعتقال صحفي كان على متن الطائرة.
في مقابل العقوبات، أعلن لوكاشينكو أنه لن يصد المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الاتحاد الأوروبي.
وينفي لوكاشينكو مسؤوليته عن الوضع على الحدود في تصريحاته الرسمية، لكن وفقاً للمعلومات الواضحة، فبلاده تسمح لمواطني 76 دولة بالدخول إلى ترابها بدون تأشيرة أو على الأقل دون قيود كبيرة.
ولا توجد إحصائيات رسمية حول عدد الأشخاص الذين تم استقدامهم لغرض إيصالهم للحدود، ولكن لوكاشينكو اليوم في وضع محرج بسبب العدد الكبير من المهاجرين العالقين مؤقتًا أو كليًا في بيلاروسيا.
في المنطقة الحدودية مع بولندا، هناك ما يناهز 15000 شخص ينتظرون فرصة لعبور الحدود، فيما يُعتقد أن لوكاشينكو نفسه يريد الحد من عدد الأشخاص الذين يدخلون البلاد، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء.
بيلاروسيا تشدد إجراءات دخول أراضيها
شركة الرحلات السياحية ” Anex Tour” أعلنت أنه في المستقبل، لن يتمكن الأشخاص القادمون من أفغانستان ومصر وإيران واليمن ونيجيريا وباكستان وسوريا من السفر إلى بيلاروسيا إلا بتأشيرة صالحة.
أما في السابق، فقد كان من الممكن الحصول على تأشيرة عند الوصول إلى مطار مينسك.
هذه الأجراءات ليست كافية بنظر دول الاتحاد الأوروبي، حيث وصف هايكو ماس وزير الخارجية الألماني، حاكم بيلاروسيا بأنه “رئيس عصابة تهريب تابعة للدولة”.
ماس ناقش مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الآخرون، الإجراءات العقابية الجديدة ضد مينسك في بداية الأسبوع، وقال عن بيلاروسيا “لم نعد نقبل بعد الآن أن تكسب شركات الطيران أيضًا أموالًا مع بيلاروسيا في تخطيطها للأزمة”.
وتحاول مفوضية الاتحاد الأوروبي التفاوض أيضا مع البلدان التي يأتي منها المهاجرون في هذا الصدد، حيث قالت مفوضة الهجرة إيلفا جوهانسون في بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري إنه : “لن تكون هناك مزيد من الرحلات الجوية من بغداد إلى مينسك”.
وتقول السلطات الفيدرالية الألمانية إنها سجلت دخول أكثر من 5000 شخص غير مصرح لهم على طريق بيلاروسيا هذا العام.
وتحاول كل من بولندا ولاتفيا وليتوانيا إغلاق الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي مع بيلاروسيا، وبدورها تقوم الولايات الفيدرالية ببناء الأسوار الحدودية، وتخطط بولندا أيضا لطرق تحصين دائمة.
ومنذ بداية أكتوبر/تشرين الأول فقط، سجل حرس الحدود الألماني حوالي 10 آلاف محاولة عبور غير قانوني على الحدود مع بيلاروسيا، بعد 6 آلاف محاولة في سبتمبر/أيلول، حيث يتم إبعاد العديد من المهاجرين عن الحدود، وهو أمر قانوني بموجب القانون الدولي.
الاتجاه غير القانوني يقضي بصد وإعادة أشخاص قد وصلوا بالفعل إلى أراضي الاتحاد الأوروبي ولديهم الحق في التقدم بطلب للحصول على اللجوء.
وقد أفاد مهاجرون للصحافة البولندية أنهم تعرضوا للضرب على أيدي حراس حدود يرتدون الزي الرسمي على كلا الجانبين، أي بولندا وبيلاروسيا.
الوضع الحقوقي غير واضح بشكل كاف، لأن بولندا أعلنت حالة الطوارئ في المنطقة الحدودية، لكن ذلك لم يمنع استمرار تدفق الآلاف لمحاولة عبور الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وبولندا نحو ألمانيا.
مخاوف من تكرار أزمة 2015
وتزداد المخاوف في ألمانيا من زيادة وتيرة المهاجرين كما جرى وقت الأزمة السورية، حيث سجل المكتب الاتحاد ي للهجرة واللاجئين عام 2015، 476649 طلب لجوء أولي، وفي عام 2016، وصل العدد إلى 722370 طلبا أوليا فقط.
أما في العام الجاري فقد أبلغ المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين عن 100278 طلبا أوليا بحلول نهاية سبتمبر/أيلول، وهو ما يزيد بنسبة 35.2% عن عدد الطلبات التي تم تقديمها في نفس الفترة من العام الماضي2020.
وقد يكون لجائحة كورونا دورها هاما في نقص أعداد المتوافدين خلال عام 2020، لكن رالف برينكهاوس (CDU) رئيس الكتلة البرلمانية للائتلاف الحاكم يخشى “أن الأمر يمكن أن يتطور”.
في عام 2015 ، لم تحظ “المؤشرات” ، لذلك يحرص السياسيون حاليا على اتخاذ تدابير كافية على المستوى الوطني والدولي وأيضا على مستوى الاتحاد الأوروبي، وسط مخاوف شديدة من تكرار اجتياح المهاجرين للأراضي الأوروبية حتى مع استقرار الأوضاع نسبيا في الشرق الأوسط.