أزمة الهجرة.. المفوضية الأوروبية ترفض تمويل بناء حواجز على حدودها

أخبار القارة الأوروبية – متابعات

بعد جدل محتدم ووجهات نظر مختلفة حول قضية المهاجرين رفضت المفوضية الأوروبية، طلبا تقدمت به 12 دولة أوروبية للحصول على تمويل بهدف بناء أسوار وسياجات على حدودها لمنع دخلو المهاجرين إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وشهد أمس الجمعة اجتماعات بين قادة الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي لتقريب وجهات النظر حول قضية التعامل مع هؤلاء المهاجرين، ورغم اتفاقهم على أهمية وضع حد للهجرات المتدفقة من دول الشرق الأوسط، إلا أنهم لم يتفقوا على وسيلة بعينها لوضع حد لهذه الأوضاع.

وكان وزراء داخلية 12 دولة هي النمسا وبلغاريا وقبرص والدنمارك وإستونيا واليونان والمجر وليتوانيا ولاتفيا وبولندا والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا، كتبوا في رسالة إلى المفوضية الأوروبية في 7 تشرين الأول/أكتوبر الجاري لمطالبة الاتحاد الأوروبي بتمويل بناء حواجز شائكة على حدود تلك الدول.

وجاء في الرسالة “إن حاجزا ماديا يبدو أشبه بإجراء فعال لحماية الحدود، يخدم مصالح مجمل الاتحاد الأوروبي وليس فقط الدول الأعضاء في الخط الأمامي”. لكن الرد من المفوضية الأوروبية جاء بالرفض المطلق لتقديم أي تمويل من الاتحاد الأوروبي لبناء هذه الحواجز.

وسبق أن بدأت كل من بولندا وليتوانيا ببناء سياج من الأسلاك الشائكة على قسم من حدودها مع بيلاروسيا، أما المجر، فأقامت حاجزا مماثلا على حدودها مع صربيا وكرواتيا خلال أزمة الهجرة عام 2015، وهو ما قامت به أيضاً صربيا مع كرواتيا.

دول أوروبية تعتبر الحواجز الشائكة “أمر ضروي”

يقول رئيس ليتوانيا غيتاناس ناوسيدا خلال كلمة له الجمعة في بروكسل اثناء القمة الأوروبية، إن مثل هذه التدابير “ذات ضرورة قصوى على المدى القريب للتعامل مع هذه الأزمة”، في إشارة إلى تدفق المهاجرين عبر بيلاروسيا.

الموقف ذاته أيدته النمسا وقالت على لسان مستشارها الجديد ألكسندر شالنبيرغ إن” إقامة هذه الأسلاك والحواجز أمر ضروري” مشيرا إلى أن الأشهر الأخيرة أظهرت أن ضغوط الهجرة لم تهدأ، وإنها تعاود الزيادة في واقع الأمر”،

وأضاف أن تعزيز الحدود الخارجية للاتحاد ضرورة لا غنى عنها، مؤيدا دعوة ليتوانيا لأن يمول الاتحاد البنية التحتية الحدودية باستخدام وسائل وأدوات مثل الطائرات المسيرة والأسوار.

لكن رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين أبدت معارضتها لهذا المطلب، وقالت في ختام قمة للدول الـ27 في بروكسل التي تم بحث المسألة خلالها: “كنت واضحة للغاية بخصوص وجهة نظر موجودة منذ زمن طويل لدى المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي بأنه لن يكون هناك أي تمويل للأسلاك الشائكة والأسوار”.

وأمام هذا الخلاف الأوروبي المحتدم عبرت المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها، أنغيلا ميركل، التي تستعد للانسحاب من الحياة السياسية، عن قلقها على مستقبل الاتحاد الأوروبي ووصفته بأنه يواجه مشكلات “كبرى”، أهمها دولة القانون والهجرة والاقتصاد.

وقالت ميركل خلال آخر قمة أوروبية تشارك فيها في بروكسل “أترك الآن هذا الاتحاد الأوروبي … في وضع يدعو إلى القلق، تخطينا الكثير من الأزمات لكننا أمام سلسلة من المشكلات التي لم تلق حلا”.

من جانبه دعا رئيس الوزراء الإيطالي، قبل انعقاد اجتماع المجلس الأوروبي، دول الاتحاد إلى تحفيز قنوات الهجرة القانونية، باتباع نموذج الممرات الإنسانية، وطالب بإدارة أوروبية “موحَّدة” لتدفقات الهجرة، وخطط عمل واضحة وممولة تمويلا كافيا لتنفيذها بسرعة، مع إعطاء أولوية متساوية لجميع طرق البحر المتوسط، بما في ذلك الطريق الجنوبي.

وفي نهاية اجتماع بين قادة الدول الأوروبي استمر قرابة خمس ساعات أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا جاء فيه إن “موقف بلدان الجنوب، بما في ذلك إيطاليا، من ناحية التحركات الثانوية، أي حركة المهاجرين بين دول الاتحاد الأوروبي، لا يمكن حلها دون معالجة مشكلة التحركات الأولية، تلك التي تأتي من دول خارج الاتحاد نحو دوله، التي تصل إليه للمرة الأولى”.

وأشار البيان إلى أن “هناك عقدة أخرى تتمثل بالحواجز والعقبات التي سيتم بناؤها على الحدود الخارجية للاتحاد، للمساعدة في إدارة التدفقات”، مبينا أن “بلدانا عديدة، بما في تلك المتاخمة لبيلاروسيا، ترسل المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي انتقاما من العقوبات، وترغب بتمويل من ميزانية الاتحاد”.

اعتقالات في صفوف “مهربي البشر”

في سياق متصل، ألقت قوات حرس الحدود البولندية القبض على 14 شخصا على خلفية ما تردد عن قيامهم بمساعدة مهاجرين على عبور الحدود إلى بيلاروسيا.

وقالت متحدثة باسم حرس الحدود إن المتعلقين بينهم مواطنان ألمانيان كانا يقومان بنقل 34 مهاجرا من العراق في شاحنة صغيرة، مضيفة أن باقي المعتقلين ينحدرون من بولندا وسوريا وأوزبكستان ورومانيا وجورجيا وإيران، مشيرة إلى أنه يجري التحقيق معهم بتهمة مساعدة المهاجرين وتحريضهم على عبور الحدود بشكل غير قانوني.

وفي منطقة بودلاتشيا الحدودية، جرى حتى الآن اعتقال أكثر من 160 شخصا يقومون بتهريب مهاجرين. وقالت الحكومة الاتحادية الألمانية إن ألمانيا من بين الدول التي تتعامل مع تدفق لعمليات العبور غير القانونية، مشيرة إلى المسارات الجديدة. 

ويوم الأربعاء الماضي، استخدمت الشرطة البولندية اليوم الأربعاء، الغاز المسيل للدموع ضد مهاجرين حاولوا عبور الحدود البيلاروسية نحو بولندا.

وبحسب بيان صادر عن جهاز حرس الحدود البولندي، فإن مهاجرين غير شرعيين حاولوا اقتحام حدود البلاد مع بيلاروسيا، ما اضطر أفراد الحرس لـ”استخدام القوة والغاز ضدهم”.

ووفقا للبيان ، فإن بعض المهاجرين “ألقوا الحجارة والقطع الخشبية على حرس الحدود وأفراد الجيش، وساعدهم في ذلك موظفو الخدمات البيلاروسية”، مضيفا أن “المهاجرين على الجانب البيلاروسي يمتلكون أدوات خطيرة (فؤوس وسكاكين)”، مضيفا : “فيما يتعلق بالمهاجرين الذين دمروا السياج الحدودي، تم تطبيق تدابير الردع، بما في ذلك استخدام الغاز، كما تمت إعادة 16 مهاجرا غير شرعي إلى خط الحدود مع بيلاروسيا”.

وكانت مظاهرة قد خرجت في العاصمة البولندية وارسو يوم الأحد الماضي، تضامنا مع المهاجرين الذين يحاولون الدخول إلى بولندا عبر بيلاروسيا، وجاء تنظيم المظاهرة للتعبير عن رفضهم تصرفات حكومة بلدهم مع المهاجرين والتي وصفوها بـ” غير الإنساني”. ورفع المتظاهرون خلال مسيرة جابت شوارع وارسو لافتات كتب عليها شعار “وقف أعمال التعذيب على الحدود”.

ومنذ بداية العام الجاري حاول نحو 20 ألف مهاجر عبور الحدود بين بيلاروسيا وبولندا معظمهم من دول الشرق الأوسط، ويقوم حرس الحدود البولندي بإعادة من تم ضبطهم إلى الخط الحدودي قسريا.

من جانبها، قالت الشرطة الاتحادية الألمانية إن نحو 500 شخص دخلوا ألمانيا بشكل غير قانوني من مسار الهجرة الجديد عبر بيلاروسيا وبولندا خلال يومين. وأعلنت السلطات اليوم السبت تسجيل ما إجماله 3751 حالة في الثلاثة أسابيع الأولى من تشرين أول/أكتوبر الجاري.

ورغم أن أعداد المهاجرين منذ أزمة اللاجئين التي حدثت عام 2015 وحتى الآن لا يتجاوز 2 مليون في مقابل 450 مليون نسمة هم تعداد سكان دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن ما تخشاه الدول الأوروبية هو أن تصبح الهجرة ذريعة لنمو وتمدد المد القومي الشعبوي، فقضية الهجرة لا يمكن اعتبارها بأي حال من الأحوال تمثل خطرا على دول الاتحاد، لكن هذا التيار يغذي المخاوف منها لتحقيق أهداف بعينها قد تؤدي حال تحققها إلى تخلي التكتل الأوروبي عن قيم  التعددية وحقوق الإنسان التي طالما تغنى بها.

Exit mobile version