أخبار القارة الأوروبية – لجوء
بدأ متطوعون القيام بعمل إنساني يهدف لمساعدة المهاجرين على الحدود البولندية البيلاروسية، في مبادرة تهدف لتقديم بعض الأشياء الأساسية لهؤلاء المهاجرين العالقين على الحدود.
محام بولندي يدعى كاميل سيلر، يعيش قرب الحدود، أطلق هذه المبادرة التي سماها “الضوء الأخضر”، ويسعى من خلالها القائمون عليها لمساعدة المهاجرين عبر تقديم مساعدات لهم من طعام وشراب وكهرباء وتدفئة وغيرها، في ظل وجود قرابة 15 ألف مهاجر عالق على هذه لحدود.
المبادرة أطلقت صفحة لها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك سمتها “green light” وتم إنشاء هذه الصفحة في 12 من شهر أكتوبر الجاري، حيث تقدم المعلومات للمهاجرين بخمس لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية والعربية والكردية.
الضوء الأخضر..
وتوضح الصفحة أن المنازل التي يمكن مساعدة المهاجرين فيها مضاءة بضوء أخضر وذلك يعني أن تلك المنازل تقدم المساعدات للمهاجرين العالقين، لكنها تشدد على أنها لن تقدم مساعدات على الاختباء أو السفر لمسافة أبعد، بل تساعد فقط للسماح للمهاجر بالبقاء على قيد الحياة، كجزء من التضامن مع شخص محتاج.
سيلر دعا جيرانه في القرية التي يعيش فيها وهي قرية دوبيتشي سيركيوين شمال شرق بولندا، لتركيب ضوء أخضر وتشغيله لإعلام المهاجرين بأنه يمكنهم تلقي الطعام ومساعدات طارئة أخرى.
ووفقًا لسيلر، فقد عرّض العديد من المهاجرين أنفسهم للخطر عن غير قصد، من خلال البقاء في الغابات خلال الطقس البارد بدلاً من طلب المساعدة من السكان المحليين، لأنهم يخشون إعادتهم إلى بيلاروسيا.
وكانت المنطقة الحدودية قد شهدت العثور على سبعة قتلى خلال الأسابيع الأخيرة يرجح أنهم قد لقوا حتفهم بسبب البرد وانخفاض درجة حرارة أجسامهم.
وقال المحامي إن المهاجرين القادمين إلى المنازل يمكنهم الحصول على وجبة، وتغيير الملابس، والحصول على الإسعافات الأولية، ويمكنهم شحن هواتفهم لاستمرار تواصلهم مع أهاليهم.
كما انتقد سيلر، الحكومة البولندية على الطريقة التي تعامل بها الوافدين على المنطقة الحدودية، وشرح أنه شعر بضرورة تقديم يد المساعدة لهم، مبينا أن هؤلاء الأشخاص الذين ينامون في البرد ويعانون من الجوع، أحيانًا يكون بعضهم جرحى ومنهم من يموتون في الغابة، سيساهم الضوء الأخضر في تلاشي خوفهم من طلب المساعدة الفورية عند الحاجة”.
تحذيرات وقوانين صارمة..
لكن هذه المبادرة تصطدم برغبة بعض السكان في التخلص من المهاجرين حيث يقومون بوضع أضواء خضراء لجذب المهاجرين الذين يفاجؤون بتسليمهم للشرطة، وفي بعض الأحيان يضع بعض السكان الأضواء الخضراء لمساعدة المهاجرين لكن الشرطة تنتبه لذلك وتستغله لاعتقالهم، وهو ما حذر منه المحامي البولندي.
الدافع الرئيس لإطلاق هذه المبادرة هو سن السلطات البولندية أنظمة وقوانين صارمة ستدخل حيز التنفيذ قريبًا، وستعلن عن القيام بعمليات إعادة تعني في كثير من الأحيان موت بعض اللاجئين”.
وكان البرلمان البولندي قد أقر الأسبوع الماضي بشرعية عمليات الصد، وهي ممارسة غير قانونية انتقدت منظمات حقوق الإنسان بولندا بسببها، وقبل ذلك، أعلنت بولندا في سبتمبر/أيلول حالة الطوارئ في المنطقة الحدودية.
في هذا الصدد، تظاهر آلاف الأشخاص يوم الأحد 17 أكتوبر/تشرين الأول في العاصمة وارسو، للتضامن مع المهاجرين على الحدود البولندية البيلاروسية الذين يتعرضون للصد من قبل السلطات البولندية.
وحذر بعض المتظاهرين من أن المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل على الحدود قد يتجمدون حتى الموت. وحملوا لافتات مصنوعة من البطانيات الحرارية في إشارة لأهمية تقديم المساعدة.
أوضاع هؤلاء المهاجرين غاية في الصعوبة، فهم عالقون بالمنطقة الحدودية ولا يوجد مصدر رزق لهم في ظل إعطاء الدول الأوروبية في هذه المنطقة ظهرها لهم فبولندا تستمر في إقامة الحواجز الحدودية لإبعاد المهاجرين نحو بيلاروسيا، كما شرع البرلمان قانوناً يسمح للبلاد بإقامة جدار على حدودها مع بيلاروسيا.
وقد عبرت أعداد كبيرة من المهاجرين من الشرق الأوسط بشكل رئيسي إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ليتوانيا ولاتفيا خلال الأشهر القليلة الماضية.
ويعتقد أن زيادة أعداد المهاجرين الوافدين على الاتحاد الأوروبي عبر بيلاروسيا له أسباب سياسية مباشرة، تكمن في الخلاف السياسي بين روسيا البيضاء وباقي دول الاتحاد الأوروبي.
هجوم مزدوج..
سبب الخلاف هو قيام قوات الأمن التابعة لرئيس بيلاروسيا للوكاشينكو بتحويل مسار طائرة كان على متنها ناشط بيلاروسي متجهة من اليونان إلى ليتوانيا، ما أثار رد فعل من الاتحاد الأوروبي الذي فرض عقوبات على بيلاروسيا، وهو مردت عليه مينسك بالتراخي في ضبط حدودها، وأشار إلى ذلك لوكاشينكو قائلا إن بلاده يمكن أن تنتقم من خلال تخفيف الضوابط الحدودية على المهاجرين غير النظاميين المتجهين إلى الغرب وكذلك على مجال تهريب المخدرات.
وكان الاتحاد الأوروبي قد اتهم لوكاشينكو بنقل أشخاص بطريقة منظمة من مناطق أزمات إلى الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وهو ما جعل بولندا وليتوانيا ولاتفيا تشدد تأمين الحدود وبناء سياج حدودي يمتد طوله لمئات الكيلومترات.
لوكاشينكو أكد في شهر مايو الماضي أن بلاده لن تستمر في القبض على المهاجرين بأعداد كبيرة، الأمر الذي ظهر جليا مع تدفق الآلاف نحو الاتحاد الأوروبي انطلاقا من بيلاروسيا، فيما وصل عدد العالقين على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا إلى 15 ألف شخص.
رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين انتقدت في وقت سابق وبشدة سلوك لوكاشينكو، واعتبرته هجوما مزدوجا يهدف للضغط على الدول الأوروبية سياسيا من جهة وتعريض حياة البشر للخطر من جهة أخرى مطالبة برد حاسم وقوي من التكتل.
واتهمت المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها انجيلا ميركل الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو بممارسة إتجار الدولة بالبشر، كما هددت في مستهل قمة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بعقوبات اقتصادية أخرى على بيلاروسيا.
واتجهت ألمانيا في مقابل سلوك بيلاروسيا لاقتراح تعزيز التعاون مع بولندا لحماية الحدود بينهما من خلال مقترح قدمه الألماني هورست زيهوفر، إلى نظيره البولندي ماريوزكامينسكي.
زيهوفر اقترح القيام بدوريات مشتركة على الحدود بين البلدين ولاسيما على الجانب البولندي من أجل تقليص الهجرة غير الشرعية القادمة من بيلاروس.
كامينسكي لم يتطرق إلى عرض زيهوفر ولم يقدم تعهدات محددة منها ما يتعلق على سبيل المثال بحجم أطقم الحماية. وأشار الوزير البولندي في خطابه إلى ” التعاون المثمر القائم بالفعل” بين دوريات مشتركة للشرطة الاتحادية الألمانية وحرس الحدود البولندية في مناطق حدودية.