أخبار القارة الأوروبية – ألمانيا
تعد ألمانيا الهدف الرئيس للمهاجرين، الذين يخوضون رحلة شاقة بها ما بها من متاعب جمة، للوصول لأرض الأحلام التي يرون فيها مستقرا ليس له مثيل في باقي الدول الأوروبية حتى الغربية منها، لكن الوصول لهذا الهدف يحتاج لتخطي الصعاب خاصة في المرحلة الأخيرة التي يصل فيها المهاجر إلى بيلاروسيا وعليه أن يجتاز بولندا لبلوغ ألمانيا.
صعوبة الوضع في بولندا
المهاجرون حين يصلون إلى دول البلطيق أو بولندا، غالبا ما يواجهون فيها مشاق التعامل القاسي من جانب الشرطة التي تستخدم العصي والضرب والكلاب في محاولة ضبط حدودها، فيما تكون نهاية رحلتهم في ألمانيا، ولا تتم إعادة المهاجرين إلى بولندا، كما تنص عليه القواعد الأوروبية من حيث المبدأ، بل ينقلون إلى مراكز استقبال أولية لتسجيل أسمائهم.
وبدأت بولندا ودول البلطيق تقيم أسواراً من الأسلاك الشائكة، ويخططون لإقامة جدران دائمة على طول حدودهم مع بيلاروسيا، وتريد الحكومة في وارسو، على وجه الخصوص، أن ينظر إليها على أنها متشددة فيما يتعلق بالهجرة وعلى أنها ضد ضغوط مينسك وموسكو، حيث قالت هذا الأسبوع إنها ستزيد عدد قوات دوريات الحدود البيلاروسية لعشرة آلاف.
ألمانيا تفتح صدرها للمهاجرين
وتتمتع ألمانيا بسمعة جيدة منذ العام 2015 عندما فتحت أنغيلا ميركل حدود البلاد أمام طالبي اللجوء، بحسن استقبالها المهاجرين.
وشهدت البلاد في الآونة الأخيرة وصول 6100 مهاجر، معظمهم من الشرق الأوسط، إلى ألمانيا عبر “طريق الهجرة” الجديد في بيلاروس.
ويصل آخرون منهم بمساعدة مهربين عبر حدود الاتحاد الأوروبي في مشهد يشابه 2015ـ يمشون أو يحاولون إيقاف سيارات لتقلّهم إلى البلد الذي يمثل وجهتهم المفضلة، ألا وهو ألمانيا.
وسجلت سلطات ألمانيا وصول أكثر من 6 آلاف مهاجر عبر هذا الطريق، نصفهم أتى هذا الشهر، ويفكر وزير داخليتها بتشديد الرقابة على حدودها البولندية.
ويبلغ عدد طالبي اللجوء من الجنسية العراقية 1300 شخص، أما البقية فهم في الغالب سوريون وأفغان وإيرانيون ويمنيون.
بيلاروسيا وسلاح المهاجرين
يأتي هذا في وقت يتّهم الأوروبيون الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو بجلب مهاجرين جوا من الشرق الأوسط وإفريقيا إلى مينسك، قبل إرسالهم إلى ليتوانيا ولاتفيا وبولندا، انتقاما للعقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على نظامه.
لوكاشينكو نقل على مدى أشهر لاجئين جواً من بقاع مختلفة في الشرق الأوسط كالعراق وأفغانستان وسوريا وما وراء تلك البلاد إلى بيلاروسيا ليسوقهم صوب دول مجاورة تنتمي للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي وهي لاتفيا وليتوانيا وبولندا.
وجد هؤلاء الرجال والنساء والأطفال، الذين أُلقي بهم في غابات مظلمة ورطبة، أنفسهم في أرض حدودية محاصرين بين قوات بيلاروسيا وتلك البولندية أو البلطيقية التي تحاول إبعادهم، سيتجمد كثيرٌ منهم حتى الموت فيما يزحف الشتاء.
واعتبر وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر أخيرا “هذا شكل هجين من التهديد يُستخدم فيه المهاجرون أسلحة سياسية”.
يقول أولاف يانسن رئيس المكتب المركزي للأجانب في مدينة آيزنهوتنشتات إن عدد الوافدين إلى هذا المركز “ازداد بمقدار عشرة” في عام واحد، مؤكدا أن هذه الزيادة السريعة يمكن مقارنتها بالعام 2015″ حين تدفّق مئات آلاف من المهاجرين إلى ألمانيا عبر طريق البلقان حتى لو لم تكن الأعداد نفسها”على المستوى الوطني، موضحا أنه جرى توسيع قدرات المركز: أنشئت حوالى عشر خيام للوافدين الجدد، ولإيواء مراكز مخصصة لفحوص كوفيد.
واضاف يانسن أن جزءا كبيرا من هؤلاء المهاجرين يريدون البقاء في ألمانيا والتقدم بطلب للحصول على لجوء هناك.
و يوضح يانسن “هناك عدد قليل جدا يرغب في مواصلة الرحلة إلى فرنسا أو بلدان الشمال”.
وكانت ألمانيا قد شددت على ضرورة ضبط الحدود مع بولندا لمواجهة تدفق المهاجرين، كما أغلق عشرات الشرطيين مخرج الجسر الذي يربط بين مدينة فرانكفورت الألمانية ومدينة سلوبيس في بولندا صباح الاثنين الماضي وكانوا يوقفون الشاحنات وسيارات الأجرة بشكل منهجي ويفتشونها.
اليمين المتطرف يثير شبح الهجرة من جديد
ويسمح هذا التدفق أيضا لليمين الألماني المتطرف بإثارة شبح الهجرة غير المنضبطة مجددا، خصوصا أنه حقق واحدة من أفضل نتائجه الانتخابية في المناطق الشرقية من البلاد المتاخمة لبولندا أو جمهورية التشيك.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أعادت الشرطة قرابة 50 شخصا من المتعاطفين مع مجموعة “الطريق الثالث” للنازيين الجدد، جاؤوا لمحاولة مراقبة الحدود وإيقاف المهاجرين، وتم الإبلاغ عن تحركات مماثلة في ولاية سكسونيا المجاورة، وخلال هذه العملية، ضبطت الشرطة ساطورا وحربة وعصي ورذاذ فلفل في بخاخات.
مغامرة غير محسوبة
هي مغامرة غير محسوبة العواقب تهدف للعيش بكرامة في بلد اشتهر بحسن تعامله مع قضية اللاجئين، وحاجته أيضا للأيدي العاملة، لكن ما يقاسيه المهاجرون خلال رحلتهم بشكل عام وفي التحرك من بيلاروسيا مرورا ببولندا ودول البلطيق وانتهاء بألمانيا، يجعل من الضروري إعادة التفكير في هذه الرحلة وحساب عواقبها، وانتظار أن يلعب الحظ لعبته حتى يصل الشخص بأمان إلى ألمانيا وهناك يبدأ رحلة أخرى يقدم خلالها طلبا للجوء ويحاول الاستقرار في هذا البلد ثم يعاني ما يعانيه من سبقوه من مشاكل الاندماج والعنصرية وتيار اليمين المتطرف، لكن يبدو أن هذه المهمات الصعبة ستكون في النهاية أهون على المهاجر من استقراره في موطنه الأصلي ومواجهة مستقبل مجهول فيها.
Comments 1