أخبار القارة الأوروبية – تقرير
أزمة إنسانية على الحدود البولندية البيلاروسية، بطلها مهاجرون تركوا ديارهم وقرروا اجتياح الحدود للدخول إلى الاتحاد الأوروبي، لكن هؤلاء الفارين من أوطانهم لم يكن لهم أن يتسببوا في هذا المأزق إلا بعد أن جذبتهم دول بعينها جذبا إليها ثم دفعتهم عنوة نحو دول التكتل الأوروبي ساكبين الزيت على النار، ليتم وضع المهاجرين والدول الأوروبية المعنية بحزمة من الحقوق الإنسانية في موقف حرج للغاية.
بيلاروسيا المتهم الأول
أولى الدول المتهمة بالتلاعب بقضية المهاجرين هي بيلاروسيا التي استخدمت ورقة المهاجرين كأداة للصراع مع الغرب بهدف تعقيد الأوضاع فيه واختبار منظومة القيم لديه، والانتقام من عقوباته ضد نظام “لوكاشينكو” في مينسك.
وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قرروا مؤخرا فرض عقوبات جديدة على بيلاروسيا بهدف معاقبة الأشخاص والمؤسسات التي تدعم الهجرة غير الشرعية اتجاه أوروبا.
مجلس الدول الأعضاء قال إن الاتحاد الأوروبي سيكون قادرًا على استهداف الأشخاص والمؤسسات الذين ساهموا في تمكين النظام البيلاروسي من استغلال الناس لأغراض سياسية.
وزير الخارجية الدنماركي “جيبي كوردول” قال “إنهم يستخدمون المهاجرين غير الشرعيين كسلاح، داعيا إلى التصرف بصرامة مع بيلاروسيا.
اتصالات لنزع فتيل الأزمة
من جانبها حاولت المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها “أنغيلا ميركل”، نزع فتيل الأزمة وقامت بالاتصال بالرئيس البيلاروسي “ألكسندر لوكاشينكو”، لاستعراض الوضع على الحدود بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي، ومنع تصعيده على الحدود، فضلا عن توجيه الدعم الإنساني للمهاجرين العالقين في المنطقة الحدودية.
وهذه هي المرة الأولى، منذ الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في بيلاروسيا في أغسطس / آب الماضي التي تحدثت فيها ميركل مع “لوكاشينكو”.
الغريب أن الاتحاد الأوروبي لم يعترف بلوكاشينكو بسبب قمع قوات الأمن للمتظاهرين السلميين، ففرض بالتالي عقوبات على البلاد.
وتعتبر دول الاتحاد الأوروبي أن روسيا هي الحليف الأبرز لبيلاروسيا والداعم الأساسي لها في أزمتها، وهو ما يبرر تواصل الزعماء الأوروبيين مع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بشأن الوضع، حيث اتفقا على ضرورة وقف تصعيد أزمة المهاجرين.
من جهتها، قالت بيلاروسيا إنها بدأت تعمل على إعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، مؤكدة على لسان الرئيس “ألكسندر لوكاشينكو”، أنها لا ترغب في نشوب “صراع” ، غير أن الأخير وكعادته يستعمل العصا والجزرة في الوقت ذاته، إذ نقلت عنه الوكالة قوله “العمل جار بشكل نشيط في هذه المنطقة لإقناع الناس بالعودة، لكنه لوح في الوقت ذاته بإمكانية إرسال المهاجرين على متن شركة الطيران البيلاروسية “بيلافيا” إلى ألمانيا، وقال في هذا الصدد “سنرسلهم إلى ميونيخ على متن طائراتنا إذا لزم الأمر”، مضيفا، أن بلاده لا ترغب بأن تتصاعد “أزمة المهاجرين” وتتحول إلى “صراع”، مؤكدا على أن ذلك سيكون “أمرا ضارا للغاية بالنسبة إلينا”.
وتشترط بيلاروسيا رفع عقوبات الاتحاد الأوروبي للانخراط بجدية في حل الأزمة وهو ما انتقده وزير الخارجية الألماني المنتهية ولايته “هايكو ماس” وأشار بشكل خاص إلى “مزيد من الصرامة” بحق المتورطين في تهريب المهاجرين، معتبرا أيضا أنه “لا مفر من العقوبات الاقتصادية المشددة”.
وترى وسائل الإعلام الألمانية أنه بالنسبة للديكتاتور البيلاروسي “ألكسندر لوكاشينكو”، فإن المهاجرين العالقين على الحدود مع بولندا مجرد بيادق في لعبة ساخرة.
أحوال المهاجرين
الأزمة بين بيلاروسيا وألمانيا رغم كونها سياسية بالدرجة الأولى، إلى أن انعكاساتها الإنسانية على المهاجرين أشد وطأة، فهم يتكدسون على الحدود في ظروف غاية في الصعوبة، وفي درجات حرارة منخفضة
وبهذا الصدد أعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة في بيان، عن قلقهما البالغ جراء ما صفتاه بعنف قوات الأمن ضد المهاجرين.
وجاء في بالبيان المشترك أيضا أن قوات الأمن استخدمت العنف لصد المهاجرين الذين حاولوا الدخول إلى بولندا ولفتت إلى انه من غير المقبول تقديم وعود مضللة للمهاجرين عبر استغلال يأسهم، خاصة مع مصرع عدد من المهاجرين في تلك المنطقة.
الأكيد أن المهاجرين قد تم دفعهم دفعا لخلق أزمة على تخوم الاتحاد الأوروبي، وأن الديكتاتوريات في مينسك وحتى في دمشق التي باتت نقطة لانطلاقهم إلى بيلاروسيا، هذه الديكتاتوريات تستغل هذا الوضع لتأجيج الأزمة أملا في الحصول على مكاسب أو تنازلا من الاتحاد الأوروبي، الذي بات عليه الاختيار بين الرضوخ لمطالب “لوكاشينكو” أو الدخول في اختبار صعب لمنظومة قيمه.
Comments 1