100 مهاجر يواجهون شبح الموت في مخيم للقاصرين داخل نفق بباريس

أخبار القارة الأوروبية – فرنسا

في منطقة “بورت دو بونتان” شمال العاصمة الفرنسية باريس يعيش أكثر من مئة مهاجر أوضاعا مأساوية، داخل نفق عشوائي، حيث يواجهون البرد القارس، وإهمال السلطات لهم، مع رعب من قسوة الشتاء التي قد تزيد وضعهم سوءا إذا حمست معها أمطارا وثلوجا.

معظم من في هذا النفق والذي يتجاوز عددهم الـ100 شخص، هم من القاصرين إضافة إلى بعض العائلات، حيث أنشأت جمعية “يوتوبيا 56” المدافعة عن حقوق المهاجرين، هذا النفق العشوائي للقاصرين غير المصحوبين بذويهم في نفق أسفل الطريق الدائري المحيط بالمدينة، وذلك في منطقة قريبة من مبنى أوركسترا باريس، الذي يعد أحد أهم المسارح الموسيقية في العاصمة الفرنسية.

المخيم يحوي منذ ثلاثة أشهر قاصرين وبعض العائلات، ينحدر معظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء وشمال أفريقيا، يعانون من عدم توفيق أوضاعهم مع السلطات الفرنسية، كما أن المخيم غي معد لمواجهة الشتاء.

أعداد المهاجرين تتزايد بالمخيم

يقول “كيريل” منسق جمعية “يوتوبيا 56” في باريس، إن أعداد المهاجرين في المخيم تتزايد بشكل شبه يومي، مضيفا: “أنشأنا هذا المخيم قبل نحو ثلاثة أشهر، وبعد شهر ونصف تقريباً، قامت السلطات بإجلاء المهاجرين، لكنها نقلتهم إلى منشآت خاصة بالبالغين، والتي رفضت بدورها استقبالهم، لذا عاد المهاجرون إلى هنا، وحتى اللحظة لم تتم أي عمليات تفكيك أو إجلاء”.

وتابع “كما ترون، النفق أصبح ممتلئاً بالخيام، وبعض المهاجرين وضعوا خيامهم خارج النفق. لا يمكن أن نتخيل وضعهم في حال تساقط أمطار أو ثلوج”.

وتتعاون عدة جمعات ومنظمات غير حكومية لتقديم بعض المساعدات للمهاجرين في المخيم، بالإضافة إلى “يوتوبيا 56″، مثل “سوليداريتي ويلسون ميغرانت”، و”ريستو دو كور”، بالإضافة إلى منظمة أطباء العالم.

ويتابع “كيريل”نقوم بشكل يومي بإبلاغ السلطات بحقيقة الوضع هنا، ونطلب التدخل العاجل لإيجاد حلول لأطفال وعائلات يعيشون في البرد القارس، لكن لم نتلق أي ردود إيجابية”.

تعاطف السكان المحليين

وما يثير الاهتمام في هذا المخيم هو أن سكان الحي لا يمانعون وجوده، بل على العكس تماماً “هم يُعتبرون مصدر الدعم الأول للمهاجرين، كل يوم يقدمون الملابس والطعام لهم”، علما أنه في أغلب الأحيان، يكون سكان المنطقة المحيطة بالمخيمات العشوائية أول المعارضين لها.

ويعيش معظم المهاجرين المتواجدين في المخيم في حالة من الصدمة بسبب الاختلاف الهائل بين الصورة التي كانت في خيالهم عن فرنسا وأوروبا، وبين الواقع الذي يعيشونه منذ قدومهم، حيث تحرك معظمهم إلى فرنسا دون خطة واضحة، ودون دراية كاملة بالإجراءات الإدارية اللازمة لبقائها بشكل قانوني في الجمهورية.

أوضاع القاصرين

أوضاع هؤلاء المهاجرين غاية في الصعوبة فبعضهم من القاصرين الذين لم يستطيعوا الالتحاق بالمدارس بسبب عدم توفيق أوضاعهم.

وبحسب قانون اللجوء الفرنسي، كل مهاجر لا يتعدى عمره 18 عاما ولا يرافقه ممثل قانوني، يعتبر”قاصرا أجنبيا غير مصحوب بذويه”، لا يمكن ترحيله ويُعفى من تصريح الإقامة وبالتالي فهو في وضع قانوني حتى بلوغه سن الرشد ويحق له الاستفادة من الحماية والرعاية الفرنسية.

ويتم التثبت من العمر عبر مقابلات تجريها جمعية “المساعدة الاجتماعية للأطفال” أو جهاز تقييم الأطفال القاصرين الأجانب، وفي بعض الأحيان يتم اللجوء إلى آلية تحديد العمر من خلال فحص العظام بأمر من المحكمة.

وفي المخيم أيضا توجد نساء حبلى لا يعرفن كيف التصرف إذا جاءهن المخاض، وتقدم عدة مؤسسات طبية في باريس الرعاية والمتابعة الطبية للمهاجرات الحوامل وأجنتهن، بغض النظر عن أوراق الإقامة أو الضمان الاجتماعي

انتقادات للحكومة الفرنسية بسبب ملف المهاجرين

وتواجه الحكومة الفرنسية انتقادات مستمرة بسبب سوء معاملتها لطالبي اللجوء غير النظاميين في البلاد، وتفكيك مخيماتهم. وكانت العاصمة الفرنسية باريس، قد شهدت الأحد الماضي مظاهرة احتجاجاً على سوء معاملة السلطات لطالبي اللجوء.

واحتشد المحتجون، في ميدان الجمهورية تلبية لدعوة أطلقتها جمعيّات مختلفة تنشط في مجالات متعلقة بالمهاجرين وطالبي اللجوء. وكان بين المشاركين في الاحتجاج “استير بن باسة”، البرلمانية الفرنسية، ولاجئون قاصرون من غير المصحوبين بعائلاتهم.

وطالب النشطاء السلطات الفرنسية بالتوقف عن المعاملة السيئة التي يمارسونها ضد طالبي اللجوء،  وأطلقوا شعاراتمن قبيل “احموا القاصرين (من اللاجئين)”، و”حرية، مساواة أخوّة”.

“لودوفيك هولبين” مؤسس مبادرة “الجوع الجماعي على الحدود” قال إن قرابة 2500 طالب لجوء في مدينة كاليه الفرنسية وما حولها، يكافحون من أجل العيش، داخل مخيمات مؤقتة.

وأضاف أن السلطات الفرنسية تدهم المنطقة كل عدة أيام، وتخليها من طالبي اللجوء، وترمي بأمتعتهم ومستلزماتهم في النفايات، مشيرا  إلى أن سوء المعاملة التي يتعرض لها طالبو اللجوء في مدينة كاليه، متواصلة منذ 30 عاماً.

وتعد أزمة المهاجرين سببا رئيسيا في توتر العلاقات بين باريس ولندن والتي شهدت مؤخرا إلغاء فرنسا الحضور البريطاني لاجتماع مخصص لأزمة المهاجرين، حيث تم إلغاء مشاركة وزيرة الداخلية البريطانية “بريتي باتيل” في اجتماع مقرر اليوم الأحد، حول ملف المهاجرين الذي يسمم العلاقات بين البلدين.

Exit mobile version