اجتماع طارئ.. المجلس العربي الألماني ومنظمات مدنية تتحرك لإنقاذ العالقين على الحدود البيلاروسية

أخبار القارة الأوروبية – برلين

باتت أوضاع المهاجرين العالقين على الحدود البيلاروسية البولندية الهم الشاغل لعدد من المنظمات الحقوقية والإنسانية العربية والتركية والكردية وحتى الألمانية، في ظل ما يعانونه من أوضاع إنسانية متردية، فقدوا فيها كل مقومات الحياة، ووصل الأمر إلى موت عدد منهم بسبب البرد القارس ونقص المؤن والأدوية ومعظم أشكال الدعم، فضلا عن تحولهم إلى أداة سياسة فيما يشبه الحرب الباردة بين بيلاروسيا ومن خلفها روسيا والغرب.

عقدت جمعيات ومنظمات عربية وكردية وتركية وكذلك ألمانية اجتماعا عاجلا مشتركا أمس السبت في العاصمة الألمانية برلين، وذلك بهدف صياغة رسالة جماعية موجة للمستشار الألماني الجديد” أولاف شولتس”، وأيضا لحكومة برلين الجديدة للدعوة باستقبال عدد من المهاجرين العالقين على الحدود البيلاروسية البولندية.

المتحدث باسم الاجتماع “حذيفة المشهداني” قال لـ”أخبار القارة الأوروبية”: إن “الاجتماع يعد استثنائيا لكل المهاجرين من جميع الطوائف والقوميات الموجودة على حدود بيلاروسيا والذين يتعرضون للموت”، لافتاً إلى أن “الاجتماع الطارئ يرعاه المجلس العربي الألماني الأعلى في برلين ويعقد في القاعة التشريعية في بلدية نويكولن، بهدف إعطاء الاجتماع شرعية”.

المتحدث باسم الاجتماع “حذيفة المشهداني”

وشدد “المشهداني” على أن “هذا الاجتماع يعد استثنائيا لأهلنا العرب والكرد والتركمان والمسيحيين والكلدان وكل المهاجرين من جميع الطوائف والقوميات الموجودين على حدود بيلاروسيا ويتعرضون للموت”، موضحاً أنه “ستتم اعداد رسالة للمستشار الألماني لجلب أهلنا العالقين على الحدود البيلاروسية البولندية والذي يقدر عددهم بـ600 مهاجر، بحسب ما أعلنت السلطات المحلية في برلين أنه باستطاعتها استقبال هذا العدد من المهاجرين، وأنه “سيكون مهيأ لهم كامبات للسكن المؤقت والإجراءات الأخرى الخاصة بالاوراق لتقديم اللجوء في المانيا”.

بدوره، أكد “نادر خليل” رئيس المجلس الألماني العربي الأعلى في برلين أن “المجلس متضامن مع هذه الأزمة الإنسانية، لأن البحر الأبيض المتوسط لم يعد وحده مقبرة للاجئين”، لافتا إلى أن “نجو ٢٠ مهاجراً لقوا حتفهم بسبب البرد على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا”.

أداة سياسية..

وأشار “خليل” إلى أن “اللاجئين على الحدود البيلاروسية البولندية باتوا يستعملون كأداة ضغط في السياسات العالمية خاصة بين بيلاروسيا والغرب، في حين أن الضحايا هم أهلنا من عدد من البلدان العربية من سوريا والعراق ولبنان وغيرها، إذ أغلقت الحدود عليهم بين بولونيا وبيلاروسيا، ونحن على أبواب شتاء قاس جدا، لم يرحم طفل لم يرحم أحدا، أوضاعهم صعبة جدا، ليس هناك مؤسسات تساعدهم وتقوم برعايتهم”.

رئيس المجلس الألماني العربي الأعلى في برلين “نادر خليل”

كما طالب “خليل” بتأسيس هيكلية في برلين يمكنها من خلال العمل المشترك السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي توحيد الجمعيات العربية وبناء الثقة بين الجمعيات المرتبطة بالمهاجرين، مؤكداً أنه “يجب أن نثبت لأنفسنا كجمعيات أننا نستطيع أن نعمل عملا ناجحا مشتركا، ونخدم الجالية العربية التي تضم بين 200 إلى 300 ألف عربي أو من أصول عربية في برلين”.

رئيس المجلس الألماني العربي الأعلى في برلين، دعا لحل مشكلة الأشخاص الذين يعيشون على قوائم الانتظار في ألمانيا عبر مبادرة تطالب الحكومة الاتحادية بحل أزمة قوائم الانتظار أو إلغاء هذا القانون الذي يظلم هؤلاء المهاجرين متعهدا بالقيام بمبادرة تجاه الحكومة الألمانية في هذا الشأن بالوقت المناسب.

كارثة انسانية..

إلى جانب ذلك، قال “هشام الكربولي” ممثل المنظمة العراقية لحقوق الإنسان في ألمانيا: إن “الهدف من الاجتماع تحت إطار المجلس الألماني العربي في برلين هو مناقشة صياغة رسالة موجهة الى المستشار الألماني السيد أولاف شولتس لإيجاد حل للوضع الإنساني الصعب والحرج الذي يعيشه قرابة 2000 شخص من المهاجرين العرب العالقين في الغابات بين حدود بولندا وبيلاروسيا ولتوانيا”.

وتعنى المنظمة العراقية في ألمانيا بالدفاع عن حقوق الإنسان وحفظ كرامته وسبل الالتزام بها وفق مقررات الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي منظمة إنسانية مدنية مستقلة مسجلة في ألمانيا، كما تمكن عدد من المواطنين العراقيين المقيمين في بيلاروسيا من إنشاء فرع للمنظمة لها لمتابعة أوضاع المهاجرين ومتابعة أخبارهم.

“الكربولي” أكد أن: “ما يجري على حدود بولندا وبيلاروسيا كارثة إنسانية ولا بد من التحرك السريع والجاد والحصول على مخارج لإنهاء حيثياتها حيث ذهب ضحيتها العشرات غالبيتهم من الأطفال والنساء، فيما بقي آخرون عالقون وسط الأحراش حيث البرد القارس على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا وليتوانيا، كما وردتنا منهم الكثير من المناشدات يشكون فيها سوء المعاملة والضرب والتعنيف ونقص الغذاء والدواء والألبسة وهم في العراء في هذه الطقس المثلج والممطر.”

وشدد ممثل المنظمة العراقية لحقوق الإنسان على ضرورة الوقوف على مسببات هذه الكارثة حيث استغلال أشخاص في وضع إنساني سيء كورقة ضغط سياسية، واصفا ما يجري بأنه وصمة عار للنظام الحاكم في بيلاروسيا والجهات الأخرى ممن تتبع هذا الأسلوب الذي يستغل المهاجرين واللاجئين كسلاح للرد على العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على مينسك.

كما ذكر “الكربولي” أن “الأشخاص المتواجدون حالياً بين بيلاروسيا وبولندا أو غيرها من دول الاتحاد الأوروبي يشكلون أزمة إنسانية، لا يتم فيها التعامل معهم كبشر، بل ينظر إليهم فقط على أنهم ورقة ضغط، والمشكلة الأكبر تتمثل في “إيقاف العمل باتفاقية جنيف للاجئين، إذ لا تقبل طلبات لجوئهم وهم يتواجدون على الحدود، في وضع إنساني صعب ومميت ومخالف للقوانين والتشريعات الدولية ومقررات الأعلان العالمي لحقوق الإنسان”، موضحاً أن “قبول تقديم طلبات لجوء هؤلاء المهاجرين ودراستها حق انتزع منهم، وهذا غير مقبول قانونياً، ويجب اتخاذ خطوات سريعة لمساعدة اللاجئين العالقين في تلك الأماكن”.

ممثل المنظمة العراقية لحقوق الإنسان في ألمانيا “هشام الكربولي”

ولفت المنظمة العراقية لحقوق الإنسان إلى أن المنظمة تلقت عشرات المناشدات وبشكل يومي حول ما يتعرض له المهاجرون من عمليات عنف جسدي من السلطات المتواجدة في ذلك المكان في انتهاك صارخ للقيم الأخلاقية وحقوق الإنسان، مبينا أن ألمانيا لها الحق في استقبال قراب 2000 شخص من هؤلاء اللاجئين العالقين على الحدود، كما يمكن توزيعهم على دول الاتحاد الأوروبي لحل هذه الأزمة والحد من تفاقم أحداثها الإنسانية، كما يمكن لألمانيا وحدها استيعاب هذا العدد من الأشخاص، واستقبالهم من قبل ثلاث مدن ألمانية أبدت استعدادها لاستقبال عدد كبير منهم وهي برلين وميونخ وروتنبرغ ، بعد أن حصلت هذه المدن على موافقات مسبقة لاستقبالهم في حال تم ذلك وفق الأصول والقانون.

رسالة للمستشار الجديد..

وفي نهاية الاجتماع أوصت رئاسة المجلس العربي الألماني بتشكيل لجنة من الحاضرين لصياغة رسالة كلفت المنظمة العراقية لحقوق الإنسان في ألمانيا بتحريرها وتكون موقعة من جميع المنظمات والمؤسسات والجمعيات العربية وغيرها من المؤسسات المتضامنة في العاصمة الألمانية برلين، وتكون الرسالة موجهة إلى مكتب المستشار الألماني السيد “أولاف شولتس” تتضمن المطالبة بالنظر بعين الإنسانية حيثيات هذه الأزمة والإسراع بإيجاد حلول سريعة تنتهي فيها معاناة هؤلاء المهاجرين الباحثين عن حياة تحفظ وجودهم وكرامتهم الإنسانية، وفق مقررات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

يشار إلى أنه خلال الأشهر الماضية تمكن المئات من المهاجرين معظمهم من دول شرق أوسطية عبور الحدود البيلاروسية نحو بولندا ثم ألمانيا، لكن خلال الأسابيع الماضية شددت السلطات البولندية مراقبة الحدود بعد تجمع عدة آلاف من المهاجرين قرب الحدود، ومنعتهم من دخول أراضيها كما قامت بإعادة العشرات منهم إلى بيلاروسيا بعدما تمكنوا من اجتياز الحدود.

ويقدر عدد المهاجرين الذين لازالوا في بيلاروسيا بنحو 10 آلاف منهم نحو ألفي مهاجر على الحدود البيلاروسية البولندية بينهم مئات الأطفال والنساء ويعانون من أوضاع إنسانية صعبة جراء البرد القارس والتعب والإرهاق، وسط غياب أي حل في الافق لمأساتهم.

Exit mobile version