فرنسا.. سكان “كاليدونيا الجديدة” يحبطون أحلام الانفصاليين للمرة الثالثة

أخبار القارة الأوروبية – فرنسا

تحطمت أحلام الانفصاليين الراغبين في استقلال كاليدونيا الجديدة عن فرنسا بهزيمة ثالثة إثر رفض السكان الاستقلال عن البلاد، وتأكيد حاجتهم للبقاء فرنسيين بعدما صوتوا بـ”لا” للاستقلال بنسبة ساحقة تجاوزت 96%، في الاستفتاء الذي أجري الأحد الماضي.

وخلال الاستفتاء حقق رافضو استقلال كاليدونيا الجديدة عن فرنسا فوزا ساحقا فيما يشكل نهاية عملية لإنهاء الاستعمار في هذه الأراضي الفرنسية الاستراتيجية في المحيط الهادئ.

96,49 % من المصوتين رفضوا استقلال هذا الأرخبيل الفرنسي الاستراتيجي الواقع في جنوب المحيط الهادئ، وهو ما قال عنه الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، الأحد إن “كاليدونيا الجديدة ستظل فرنسية”، مضيفا في خطاب بثه التلفزيون “اختار سكان كاليدونيا أن يظلوا فرنسيين، قرروا ذلك بحرية”.

ماكرون: فرنسا أجمل مع بقاء كاليدونيا الجديدة

بعد هذا الاستفتاء أعلن “ماكرون” بدء فترة انتقالية في كاليدونيا الجديدة ، مضيفًا أن “فرنسا أجمل” مع بقاء جزر المحيط الهادئ جزءا منها.

وشدد الرئيس الفرنسي على بدء هذه الفترة الانتقالية بشكل يخلوا من الخيار الثنائي بنعم أو لا، مضيفا أنه: “يجب علينا الآن بناء مشروع مشترك، مع الاعتراف بكرامة الجميع واحترامها” مضيفًا “إن فرنسا أجمل الليلة لأن كاليدونيا الجديدة قررت أن تبقى جزءا منها”.

ويعد هذا الاستفتاء الثالث والأخير حول حق تقرير المصير امتناعا قياسيا عن التصويت بعد دعوة الاستقلاليين إلى تجنب الاقتراع، حسب نتائج جزئية.

ودعي أكثر من 185 ألف ناخب إلى التصويت للمرة الثالثة والأخيرة ردا على سؤال “هل تريد أن تحصل كاليدونيا الجديدة على سيادتها الكاملة وتصبح مستقلة”.

مقاطعة الانفصاليين

وكان الاستقلاليون قد أعلنوا أنهم لن يذهبوا إلى مراكز الاقتراع لأنه لا يمكن تنظيم “حملة عادلة” في الأرخبيل الذي ضربه بقوة منذ أيلول/سبتمبر وباء كوفيد-19، لكن القادة المؤيدون للاستقلال فشلوا في مناشدة أعلى محكمة إدارية في فرنسا من أجل تأجيل تصويت الأحد نظرا لتأثير جائحة كوفيد -19.

كاليدونيا الجديدة شهدت عدد إصابات قليل جدا بكوفيد-19 حتى تم اكتشاف السلالة دلتا في سبتمبر/ أيلول، ومنذ ذلك الحين، توفي ما يقرب من 300 شخص، الكثير منهم من السكان الأصليين “الكاناك”.

وخلال عملية الاستفتاء أرسلت فرنسا ما يقرب من 250 قاضيا ومسؤولا قضائيا ونحو ألفي شرطي إضافي للإشراف على عملة التصويت.

الاستفتاءات السابقة في مسألة الاستقلال عن فرنسا من عدمه، جاءت كلها بنتيجة واحدة هي رفض سكان الإقليم الانفصال، ليتبخر حلم الاستقلال لدى الراغبين في الاستقلال في كاليدونيا الجديدة.

“إيفون كونا” رئيس مجلس الأعيان التقليدي الذي ينظر في القضايا المتعلقة بعادات الكاناك وهويتهم، دعا إلى “الهدوء”، وطلب من “المواطنين الكاناك والتقدميين في كاليدوني إحياء يوم وطني +لحداد كاناك + عبر الامتناع عن التوجه إلى مراكز الاقتراع”.

استفتاءات تقرير المصير

في عام 2018، نُظم أول استفتاءٍ لانفصال كاليدونيا الجديدة عن فرنسا، لكن السكان وقتها آثروا البقاء ضمن أقاليم ما وراء البحار الفرنسية.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، تم تنظيم ثاني استفتاء لاستقلال الإقليم عن فرنسا، وصوّت خلاله السكان لصالح البقاء ضمن أقاليم ما وراء البحار الفرنسية بنسبة 52%، فيما رغب 48% من السكان في الانفصال عن الجمهورية الفرنسية وإنشاء دولة مستقلة.

وكاليدونيا الجديدة تحت إدارة فرنسا منذ نحو 170 عامًا، وهي تقع في جنوب غرب المحيط الهادئ على بُعد 1210 كم إلى الشرق من أستراليا، وعلى بُعد أكثر من 16 ألف كيلومتر إلى الشرق من الأراضي الفرنسية.

وتبلغ مساحة كاليدونيا الجديدة 18 ألفًا و575 كيلومترًا، وعاصمتها مدينة نوميا، فيما يبلغ عدد سكانها نحو 272 ألف نسمة.

والاستفتاءات الثلاثة رعتها باريس، وقد وقعت تلك الاستفتاءات جزءًا من اتفاقية نوميا لعام 1998 التي وقعتها فرنسا وجبهة الكاناك والتحرير الوطني الاشتراكي والزعماء المناهضون للاستقلال في كاليدونيا الجديدة.

خلفية تاريخية

كاليدونيا الجديدة مدرجة منذ 1986 على لائحة الأمم المتحدة للأراضي غير المستقلة التي يجب إزالة الاستعمار منها.

وعلى ضوء الاستفتاءات الثلاثة، لم يعد متاحًا لسكان الإقليم، خاصةً الراغبين منهم في الانفصال، فرصةً جديدةً لتقرير المصير بعد انقضاء المحاولات الثلاث للانفصال، لتبقى كاليدونيا الجديدة جزءًا من فرنسا.

وانخرط سكان كاليدونيا في هذه العملية منذ ثمانينيات القرن الماضي عندما شهدت أراضيهم التي استعمرتها فرنسا في القرن التاسع عشر، فترة اضطرابات بلغت ذروتها في عملية احتجاز رهائن وهجوم على كهف أوفيا في أيار/مايو 1988، وقد أدت الى مقتل 19 من الناشطين الكاناك وستة عسكريين.

ويشكل هذا الاستفتاء خطوة حاسمة في عملية بدأت في 1988 باتفاقات “ماتينيون” في باريس التي كرست المصالحة بين “الكاناك” السكان الأوائل لكاليدونيا الجديدة، و”الكالدوش” أحفاد المستوطنين البيض بعد سنوات من التوتر وأعمال العنف.

ونجح الاستقلاليون والموالون لفرنسا في إبرام اتفاقات “ماتينيون” التي أعادت توزيع السلطات في كاليدونيا الجديدة، وبعد عشر سنوات، أطلق توقيع اتفاق “نوميا” عملية لإنهاء الاستعمار تستمر عشرين عاما.

Exit mobile version