“نيوتن”.. مؤسس مبادئ الميكانيكا وصاحب قانون الجاذبية

أخبار القارة الأوروبية – بروتريه

يعد “إسحاق نيوتن” واحدا من أعظم العلماء في التاريخ على الإطلاق، حيث برع في مجال الفيزياء والرياضيات والميكانيكا وكان له أثر بالغ في مجال البصريات والتفاضل والتكامل.

ولد “إسحاق نيوتن” في 25 ديسمبر / كانون الأول عام 1642 في مزرعة وولسثورت في مقاطعة لينكونشير بانجلترا، بعد وفاة والده بثلاثة أشهر، الذي كان يعمل مزارعًا واسمه أيضًا “إسحاق نيوتن” ويعد من أبرز العلماء مساهمة في الفيزياء والرياضيات عبر العصور وأحد رموز الثورة العلمية.

شغل “نيوتن” منصب رئيس الجمعية الملكية، كما كان عضوًا في البرلمان الإنجليزي، إضافة إلى توليه رئاسة دار سك العملة الملكية، وزمالته لكلية الثالوث في كامبريدج وهو ثاني أستاذ لوكاسي للرياضيات في جامعة كامبريدج.

أسس كتابه الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية، وربما كان هذا أهم عمل فردي تم نشره على الإطلاق في العلوم الطبيعية الذي نشر لأول مرة عام 1687، لمعظم مبادئ الميكانيكا الكلاسيكية. كما قدم نيوتن أيضًا مساهمات هامة في مجال البصريات، وشارك “غوتفريد لايبنتز” في وضع أسس التفاضل والتكامل.

قانون الجذب العام

ذكر نيوتن نفسه قصة أنه أتاه إلهام بصياغة نظريته حول الجاذبية بعد أن شاهد تفاحة تسقط من شجرة. وعلى الرغم من رأي البعض أن قصة التفاح ما هي إلا أسطورة، وأنه لم يتوصل لنظريته حول الجاذبية في لحظة واحدة، إلا أن بعض المقربين من “نيوتن” مثل ويليام ستوكلي”، أكدوا وقوع الحادثة، لكن ليس كما هو شائع أن التفاحة وقعت على رأسه، وقد سجل “ويليام ستوكلي” في كتابه حياة السير “إسحاق نيوتن” محادثة مع نيوتن في كنسينغتون في لندن في 15 أبريل/ نيسان 172.

صاغ “نيوتن” قوانين الحركة وقانون الجذب العام التي سيطرت على رؤية العلماء للكون المادي للقرون الثلاثة التالية حتى حلت محلها نظرية النسبية.

كما أثبت أن حركة الأجسام على الأرض والأجسام السماوية يمكن وصفها وفق نفس مبادئ الحركة والجاذبية، وعن طريق اشتقاق قوانين “كبلر” من وصفه الرياضي للجاذبية، أزال “نيوتن” آخر الشكوك حول صلاحية نظرية مركزية الشمس كنموذج للكون.

تأسيس التفاضل والتكامل

أسس “نيوتن” حساب التفاضل والتكامل، وساهم أيضًا في دراسة متسلسلات القوى ونظرية ذات الحدين، ووضع طريقة “نيوتن” لتقريب جذور الدوال.
أضافت أعمال نيوتن لمعظم فروع الرياضيات، ولعل أهمها المخطوطة المنشورة عام 1666م حول موضوع حساب التفاضل والتكامل.

من عام 1670 حتى عام 1672، ألقى نيوتن محاضرات في علم البصريات. خلال هذه الفترة، درس انكسار الضوء، وأوضح أن الموشور المشتت يمكنه تحليل الضوء الأبيض إلى ألوان الطيف المرئي، وأنه باستخدام عدسة وموشور آخر يمكن إعادة تجميع الطيف متعدد الألوان إلى الضوء الأبيض. يزعم العلماء المعاصرون أن فكرة تحليل الضوء وإعادته إلى صورته القديمة، استلهمها نيوتن من أعماله الخيميائية.

كما بيّن أن الضوء الملون لا يغير خصائصه عن طريق فصل شعاع ملون، وتسليطه على الأشياء المختلفة. وأشار إلى أنه بغض النظر عن ما إذا كان الضوء انعكس أو تشتت أو انتقل، فإنه يبقى باللون نفسه.

وهكذا، لاحظ أن اللون هو نتيجة تفاعل الأشياء مع الضوء الملون بالفعل، لا أن الأشياء هي من تولد اللون. وهذا ما يعرف باسم نظرية نيوتن للألوان.

أشار مقال بعنوان “نيوتن والموشورات وكتاب البصريات” إلى أن نيوتن في كتابه البصريات، كان أول من رسم رسمًا تخطيطيًا لتمدد الأشعة عبر الموشور، وفي نفس الكتاب، وصف نيوتن عبر الرسوم البيانية، استخدام مصفوفات الموشورات المتعددة.

وبعد 278 سنة من شرح نيوتن للموضوع، أصبحت أشعة الموشورات المتعددة المتوسعة أساسية في تطوير عرض الخط الطيفي في الليزر القابل للتوليف. أيضًا، قاد استخدام الموشورات الموسعة لحزم الأشعة إلى وضع نظرية التشتت عبر الموشورات المتعددة.

مفهوم الجاذبية وكروية الأرض

نسخة خاصة بنيوتن من كتابه الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية, عليها تعديلات بخط يده لإضافتها في النسخة الثانية من الكتاب.

نشر كتاب (الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية) في 5 يوليو 1687 بتشجيع ودعم مادي من “إدموند هالي”. ولقد وضع في هذا الكتاب (قوانين نيوتن للحركة) التي ساعدت على إحداث الكثير من التطويرات خلال الثورة الصناعية والتي سرعان ما أصبحت الأساس الذي تقوم عليه التقنيات غير النسبية حتى وقتنا الحاضر.

وفيه أيضًا، استخدم لأول مرة مفهوم الجاذبية، وحدد قانون الجذب العام لنيوتن. كذلك، استخدم طريقة تشبه حساب التفاضل والتكامل للتحليل الهندسي ‘النسب الأولى والأخيرة’، توصّل بها إلى الاستدلال التحليلي الأول (على أساس قانون بويل) لتقدير سرعة الصوت في الهواء.

ومفترضًا الشكل الكروي للأرض، وتوصّل إلى كون الاعتدالات ناتجة عن انجذاب القمر للأرض، لتبدأ دراسة تأثير الجاذبية على الحركة غير المنتظمة للقمر. كما قدم نظرية لتحديد مدارات المذنبات، وغير ذلك من المساهمات.

قدم نيوتن بوضوح نموذجه حول مركزية الشمس في النظام الشمسي، حيث أدرك انحراف الشمس عن مركز النظام الشمسي. كما استنكر أن يكون مركز النظام أو أي نظام في حالة سكون. أدى تسليم نيوتن بوجود قوة قادرة على التأثير عبر مسافات شاسعة إلى تعرضه لانتقادات بدعوى أنه ينجّم في العلم.

في وقت لاحق، في الطبعة الثانية من كتابه الأصول الرياضية عام 1713، رفض نيوتن بشدة هذه الانتقادات في خاتمة الطبعة، ذاكرًا أنهم رفضوا الأمر دون أسباب، مذيلاً كلامه بعبارته الشهيرة “hypotheses non fingo” (أنا لا أختلق الفرضيات).

في عام 1696، انتقل نيوتن إلى لندن لتولي منصب مدير دار سك العملة الملكية. عندئذ، تولى نيوتن مسؤولية إصلاح وإعادة سك عملة إنجلترا. ثم أصبح نيوتن رئيس نفس الدار بعد وفاة رئيسها توماس نيل عام 1699، وهو المنصب الذي شغله نيوتن حتى وفاته.

اهتم نيوتن بوظيفته الجديدة مما دعاه للاستقالة من وظيفته الجامعية في كامبريدج عام 1701. وفي عام 1717 ووفق قانون الملكة آن، أدار نيوتن عملية تحويل الجنيه الإسترليني من هيئته الفضية إلى الهيئة الذهبية من خلال تحديد القيمة التبادلية المقابلة للذهب من الفضة. مما جعل الجنيهات الفضية القديمة تذاب وتشحن خارج بريطانيا.

وفي عام 1703، اختير نيوتن رئيسًا للجمعية الملكية وزميلاً للأكاديمية الفرنسية للعلوم. في منصبه كرئيس للجمعية الملكية، عادى نيوتن عالم الفلك الملكي جون فلامستيد، عندما أرغمه على نشر كتابه الفلكي “وصف مواقع النجوم” قبل أن ينهيه، وهو الكتاب الذي استخدمه نيوتن في دراساته.

قرب نهاية حياته، أقام “نيوتن” في “كارنبري بارك” بالقرب من (وينتشستر) مع ابنة أخته لأمه وزوجها، وحتى وفاته في 1727. وقد قامت على خدمته ابنة أخته “كاثرين بارتون كوندويت” التي شغلت منصب مديرة منزله في شارع جيرمين في لندن، والتي كان يُكن لها محبة شديدة.

توفي “نيوتن” أثناء نومه في لندن يوم 20 مارس 1727 (31 مارس 1727 وفق التقويم الحديث)، ودفن في دير وستمنستر. ولكونه أعزب، أنفق نيوتن الكثير من ثروته على أقاربه خلال السنوات الأخيرة من حياته، وتوفي دون وصية.

وبعد وفاته، تم فحص شعر نيوتن ووجدت آثار للزئبق، والتي من المرجح أنها ناجمة عن تجاربه الخيميائية. لذا، فإنه يمكن تفسير غرابة أطوار نيوتن في أواخر حياته، لإصابته بالتسمم بالزئبق.

يرى عالم الرياضيات “جوزيف لوي لاغرانج” أن نيوتن كان أعظم عبقري عاش في أي وقت مضى، كان “نيوتن” نفسه متواضعًا فيما يخص إنجازاته، وهو ما ظهر في رسالته إلى روبرت هوك في فبراير 1676:

كان “ألبرت أينشتاين” يحتفظ بصورة لنيوتن على جداره جنبًا إلى جنب مع صور “فاراداي وماكسويل”. وإلى اليوم، لا يزال “نيوتن: له تأثيره على العلماء بشكل كبير.

Exit mobile version