السياسة الخارجية الألمانية بين نزاعات القيم والمصالح

بقلم : الدكتور نزار محمود

الدكتور نزار محمود

تتألف الحكومة الاتحادية الألمانية الجديدة من ثلاثة أحزاب، هي: الاشتراكي الديمقراطي، الذي يتولى المستشارية من خلال أولاف شولتس، وزير المالية السابق في حكومة ميركل،

وحزب الخضر، الحزب الثاني في فوز الانتخابات، واستلامه وزارتين مهمتين هما وزارة الخارجية، التي تولتها رئيسته انالينا بيربوك، ووزارة الاقتصاد وحماية المناخ، الذي تولاها الرئيس الثاني للحزب، هابيك، وأخيراً من الحزب الليبرالي الديمقراطي الالماني، وتولي رئيسه، ليندنر، وزارة المالية الى جانب وزارت اخرى لحزبه.

وكانت أن تحالفت هذه الأحزاب، المختلفة هنا وهناك في أهدافها وبرامجها وقيمها السياسية، بناءً على نتائج الانتخابات البرلمانية، ومن أجل تحقيق الأغلبية في البرلمان الاتحادي.

وبالطبع تشكلت هذه الحكومة بعد مفاوضات طويلة والاتفاق على برنامج عمل حكومي، تنازل كل حزب فيه عن بعض أهداف برنامجه وحملته الانتخابية، وهي مسألة واقعية ومعروفة في الديمقراطيات البرلمانية.

بيد أن المسألة لا تنتهي عند توقيع الاتفاق على البرنامج الحكومي، فهناك دائماً ما يحمل أكثر من تفسير في بنود الاتفاقية، بالإضافة الى عوامل التأثير الشخصي لوزراء التحالف في سجاياهم وطموحاتهم.

وحديثنا اليوم تحديداً في السياسة الخارجية لألمانيا التي تتولى قيادة وزارتها السيدة بيربوك، الشابة نسبياً رئيسة حزب الخضر الذي يدعو الى قيم السلام وحقوق الإنسان وحماية البيئة والمناخ. بيد أن السياسة الخارجية لا يجب أن تتنكر للمصالح الاقتصادية ولا تستطيع تجاوز بنود الاتفاقات المحلية والدولية كثيراً.

إن مراجعة سريعة لمواقف حزب الخضر وتصريحاته وبعض من بنود برنامجه الانتخابي في ما يخص قضايا: الصين وروسيا ومشروع نورد ستريم ٢ وتصدير السلاح وحال حقوق الانسان عند بعض الشركاء التجاريين، تطرح تساؤلات في مشاكل مبرمجة إذا ما جرى التعامل معها دون حكمة وتدبر.

وإذا ماحصل عكس ذلك فإن الحكومة الائتلافية ستجد نفسها أمام تصدعات كثيرة، وفي مقدمتها الاقتصادية وتدبير المال المطلوب لمواجهة تداعيات كورونا وإعادة تنشيط الاستثمارات والاقتصاد والتشغيل.

Exit mobile version