أخبار القارة الأوروبية – تقارير
تواجه أوروبا في العام الجديد تحديات جسيمة معظمها متعلقة بملفات لم يتم حسمها خلال 2021، أبرزها جائحة كورونا، والهجرة، وتعافي الاقتصاد، فضلا عن الأزمات الداخلية بين الدول الأعضاء وبعضها وبينها وبين بريطانيا.
وتعد مسألة التعامل مع ملف الهجرة والنزوح وقانون اللجوء، موضع خلاف دائم بين دول الاتحاد الأوروبي، ليس حول الوضع على الحدود مع بيلاروسيا فقط، وإنما في القنال الإنكليزي (بحر المانش) وقبالة جزر الكناري وفي إيطاليا واليونان وعلى طريق البلقان أيضا.\
ففي عام 2021 لم يتم إحراز أي تقدم في هذا الصدد، وسط تساؤلات عن سبل حل الأزمة من حيث صد المهاجرين أو عزلهم أو استقبالهم وتوزيعهم.
المتشددون حيال موضوع الهجرة في أوروبا، يستطيعون تصور اتحاد أوروبي بدون قانون للجوء! مثل، “بالاز أوربان،” نائب وزير في هنغاريا، حيث اشتكى من أن النظام الحالي لا يستطيع إيقاف الناس عند حدود الاتحاد الأوروبي.
وتتهم منظمة العفو الدولية الاتحاد الأوروبي بتقويض وانتهاك حقوق الإنسان واللاجئين على حدوده وإجبار الناس على السفر بشكل خطير.
كورونا ومسألة التطعيم
كما يتوقع القادة الأوروبيون استمرار المعاناة مع جائحة كورونا مدة أطول، وهو ما ظهر على تصريح وزير الصحة الألماني “كارل لاوترباخ”، حين قال : “ستدوم الجائحة أكثر مما كنا نعتقده حتى الآن”.
الكلام جاء أيضا على لسان الطبيبة ورئيسة المفوضة الأوروبية، “أورزولا فون دير لاين”، حين قالت: “إن الموجة الرابعة من الجائحة المسيطرة على أوروبا هذه الأيام سيئة بما يكفي، والعام القادم قد يكون الاختبار الثاني لأوروبا”.
وأضافت: “يقول العلماء لنا الآن، إن التطعيم والجرعة المنشطة، تعزز الوقاية من الإصابة بعدوى فيروس كورونا”، وإذا كانت هناك ضرورة سيتم تعديل اللقاحات لتكون فعالة ضد متحور أوميكرون، وقد وقع الاتحاد الأوروبي العقود منذ الآن مع الشركات المنتجة للقاحات”.
يشار إلى أن العام 2021 شهد توفير المفوضية الأوروبية قرابة مليار جرعة من لقاح كورونا لمواطني دول الاتحاد، كما منحت 350 مليون جرعة لقاح لبرنامج “كوفاكس” للأمم المتحدة.
المفوضية الأوروبية وعدت بالاستمرار خلال عام 2022 في توفير اللقاحات للمواطنين، ودعم إنتاجها في دول أخرى خاصة أفريقيا.
ولفتت “أورزولا” إلى أن هدف عام 2022 هو “تأمين حصول 70 بالمائة من سكان العالم على اللقاح بشكل كامل، بحلول منتصف العام”.
وأشارت رئيس المفوضية الأوروبية، أورزولا فون دير لاين، إلى أن مناقشة إلزامية التلقيح “أمر مناسب وضروري”.
وتسعى بعض الدول لفرض التلقيح بشكل إلزامي عل جميع المواطنين وعلى رأسها ألمانيا والنمسا، في حين أن دولا مثل إيطاليا واليونان قد فرضته لفئات عمرية ومهن محددة.
ورغم المعدل المتوسط لنسبة التلقيح البالغ 66 % في دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن ذل لم يكن كافيا لمنع موجة جديدة من العدوى في فصل الخريف وازدياد عبء المستشفيات في بعض بلدان الاتحاد الأوروبي.
والملفت للأنظار هو أن نسبة التلقيح متباينة جدا بين الدول ففي حين أنها 26 بالمائة في بلغاريا، وصلت في مالطا إلى 82 بالمائة.
وساهمت فكرة نظام “جواز كورونا الأوروبي” الموحد الخاص بالتلقيح، في نجاح الاتحاد الأوروبي في إبقاء حدوده مفتوحة بين الدول الأعضاء، رغم أن مسألة التلقيح مسألة تنظمها كل دولة على حدة.
التلقيح الإلزامي
وسيناقش وزراء الصحة في دول الاتحاد الأوروبي، وبسرعة خلال العام الجديد 2022، مسألة إلزامية التطعيم لجميع المواطنين ومدى جدوى ذلك.
وهذا يثير التساؤل حول ما إذا كانت ألمانيا مثلا بعد فرض التلقيح على الجميع تريد أو تستطيع منع مواطني الدول الأخرى غير الملقحين من دخول أراضيها؟ ولخصت فون دير لاين استراتيجيتها لمواجهة الجائحة خلال عام 2022 بالقول “دعونا نأمل في الأفضل، بينما نجهز أنفسنا للأسوأ”.
التعافي الاقتصادي
وكان لجائحة كورونا تأثيرا كبيرا على اقتصادات الدول الأوروبية التي تحاول الحفاظ على التعافي الاقتصادي الذي حدث خلال عام 2021 حيث خصصت المفوضية الأوروبية 750 مليار يورو، وقد كانت دول شرق وجنوب أوروبا وعلى رأسها إيطاليا المستفيد الأكبر من هذه الأموال وبرامج الدعم الأوروبية، لكن بولندا وهنغاريا لم تحصلا على مساعدات من المفوضية الأوروبية بعد، رغم أنهما قدمتا برامجهما الاستثمارية.
وتريد المفوضية الأوروبية حل الخلاف بشأن الالتزام بمبدأ دولة القانون مع هذين البلدين، قبل حصولهما على أي من المساعدات المالية.
ففي عام 2021 كان هناك صراع مرير بين المفوضية الأوروبية والحكومة القومية المحافظة في كل من بولندا وهنغاريا حول النظام القانوني ومبادئ الاتحاد الأوروبي، التي شكك فيها أو رفضها بشكل صريح هذان العضوان في الاتحاد.
الانتخابات الفرنسية
وفي عام 2022 تجرى الانتخابات الرئاسية الفرنسية والتي يترشح فيها الرئس الحال “إيمانويل ماكرون” لولاية جديدة يتولى خلالها رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي مع بداية العام الجديد، حيث يريد “ماكرون” إثبات أن أوروبا باتت لاعبا استراتيجيا سياديا، ذلك عبر تعزيز السياسة الخارجية والدفاعية وجعلها أكثر تماسكا.
ويأمل “ماكرون” أن يجد في المستشار الألماني الجديد، “أولاف شولتس”، حليفا يدعم خططه بعد رحيل
“ميركل” التي كانت مترددة، لا سيما في ظل التهديدات الروسية بغزو أوكرانيا والتي تتطلب ردا حاسما من دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.