استمرار الخلافات بين الهيئات المختلفة حول تمثيل المسلمين في فرنسا

أخبار القارة الأوروبية – فرنسا

لا تزال مسألة تمثيل المسلمين في فرنسا تثير الخلافات بين عدد من الهيئات، لا سيما بعد تأكيد الحكومة خلال الأسبوع الحالي تشكيل “منتدى الإسلام في فرنسا” الذي يهدف للحلول مكان المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي يتعرض سجله لانتقادات بعد 20 عاما على تشكيله.

رئيس هذا المجلس “محمد موسوي” قال إن مؤسسته “لم تعد قابلة للاستمرار” وينبغي أن تحل نفسها، معربا عن تأييده مبادرة الحكومة تنظيم “منتدى الإسلام في فرنسا” في الأسابيع المقبلة بمشاركة “80 إلى 100 شخص” من مسؤولين ثقافيين وأئمة وأفراد من المجتمع المدني في باريس للبحث في أربعة مواضيع منها إعداد الأئمة وتنظيم الديانة والأعمال المناهضة للمسلمين.

وفي هذا الإطار بدأت أربع مجموعات عمل من الآن الاجتماع عن بعد على ما أكدت وزارة الداخلية الفرنسية مضيفة أن المنتدى سيجتمع “سنويا” بعد ذلك.

الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” ادعى خلال لقاء مع السلطات الدينية أنه يهدف إلى التوصل إلى تمثيل للإسلام بشل يستند إلى الأطراف المحليين بما يشكل استكمالا لاجتماعات عقدت على صعيد المقاطعات في السنوات الأخيرة، وتهدف خصوصا إلى وضع حد لعمليات التعطيل المتواصلة داخل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.

وكان “ماكرون” قد طالب -في خضم حملة قادها للتصدي لما سمّاها النزعة “الانعزالية” في البلاد- بوضع هذه المبادئ التي وقعتها 5 هيئات بالمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بعد خلافات داخلية استمرت أسابيع عدة.

وأشاد الرئيس بتبنّي المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية “الميثاق” وعدّ الخطوة “تشكل التزامًا صريحًا ودقيقًا تجاه الجمهورية”.

وكان المجلس أسس العام 2003 وشكل المحاور الرئيسي للسلطات الفرنسية وهو مؤلف من حوالى عشرة اتحادات مساجد غالبيتها قريبة من الدول الأصلية للمصلين فيها مثل المغرب والجزائر وتركيا.

تصاعد التوتر بسبب ميثاق المبادئ

وشهد المجلس خلافات متواصلة مع منافسة مغربية-مغربية (اتحادان متنافسان قريبان من المغرب) وخلافات جزائرية-مغربية خصوصا مع تصاعد التوتر في الفترة الأخيرة بين هذين البلدين.

وغرق المجلس في أزمة العام 2021 كذلك بعدما طلبت الحكومة الفرنسية إقرار “ميثاق مبادئ الإسلام الفرنسي” الذي يمنع “تدخل” دول اجنبية ويعيد تأكيد “تماشي” الإسلام مع مبادئ الجمهورية الفرنسية.

ورفضت ثلاثة اتحادات، اثنان منها تركيان توقيع الوثيقة في كانون الثاني/يناير ما أدى إلى انقسام أول في المجلس، وانسحبت من مكتبه التنفيذي بعد ذلك أربعة اتحادات من بينها مسجد باريس وشكلت “تنسيقية” خاصة بها.

وعادت الاتحادات المتحفظة على الميثاق عن قرارها ووقعت عليه في نهاية كانون الأول/ديسمبر، لكن وزير الداخلية الفرنسي كان قد اعتبر في هذه الاثناء أن المجلس “مات”.
وكانت 3 هيئات في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية قد تراجعت عن قرارها الرافض لـ”ميثاق مبادئ الإسلام في فرنسا” بعد أن ألحت الحكومة على أنه “الحل الوسط المثالي”.

وقررت هيئة “اللجنة التنسيقية للمسلمين الأتراك في فرنسا” و”الاتحاد الإسلامي مللي غوروش” وحركة “إيمان وممارسة” التوقيع على الميثاق الذي رفضته في يناير/كانون الثاني 2021.

ودعت الهيئات في بيان مشترك “جميع الإخوة في الهيئات الأعضاء بالمجلس إلى التجمع” ردًّا على تصريحات لوزير الداخلية “جيرالد دارمانين” في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال فيها إن “المجلس مات” تعبيرًا عن الانقسام الذي حدث داخله بسبب الميثاق.

تحفظات على بنود الميثاق

وفي يناير/ كانون الثاني العام الماضي الماضي، أعلن قادة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية التوصل إلى اتفاق بشأن الميثاق، بينما انتقدت الهيئات الثلاث عدم التشاور بشأنه، وقالت إنه يتضمن فقرات من شأنها “إضعاف أواصر الثقة بين مسلمي فرنسا والأمة”.

وأضافت “بعض العبارات الواردة في الميثاق تمس شرف المسلمين ولها طابع اتهامي وتهميشي”. ورغم رفضها التوقيع على الميثاق فقد استمرت الهيئات الثلاث داخل المجلس، بينما قررت 4 أخرى بما فيها “مسجد باريس” إنشاء تنسيقية جديدة.

” طارق اوبرو” إمام مدينة بوردو في جنوب غرب فرنسا قال إن المجلس هيكل خال، والاتحادات التي تنتمي إليه لم يكن لديها مشروع مشترك”.

فيما قال “فرانك فريغوسي” المدير في المركز الوطني للبحث العلمي إن المجلس ساهم في تجسيد الإسلام الفرنسي في إطار الجمهورية لكن انجازاته ضئيلة على الأرض، مشيرا إلى أنه “لم يكن يتمتع بميزانية خاصة به تسمح له ربما باطلاق مشاريع كبيرة”.

ويعاني المجلس كذلك من صفة تمثيلية متدنية إذ أن أقل من 50% بقليل من 2500 مسجد في فرنسا منضوية فيه.
ولم ينجح مشروع محاولة تمويل الديانة الإسلامية عبر النشاطات الاقتصادية اليومية من سوق الحلال وجمع التبرعات وتنظيم الحج إلى مكة المكرمة، الذي طرح لفترة بالشراكة مع الجمعية المسلمة لمسلمي فرنسا.
لكن “موسوي” الذي تنتهي ولايته في 19 كانون الثاني/يناير يركز من جهته على تحرك المجلس غداة الأزمة الصحية مع اغلاق المساجد في آذار/مارس 2020 ومن ثم اعتماد بروتوكلات وتحركات لدى البلديات لاستحداث اماكن لدفن الموتى والحث على تلقي اللقاح وغيرها.
ويقر بوجود “ورشة غير منجزة” تتمثل بتشكيل المجلس الوطني للأئمة الذي يطالب به الرئيس الفرنسي.

وكانت هذه المسألة موضع خلاف كذلك إذ ان مجلسا منافسا شكل نهاية تشرين الثاني/نوفمبر من جانب أربعة اتحادات منشقة.

ورأى محمد موسوي أن “هناك إمكانية لتأسيس منظمة جديدة للديانة الإسلامية بتنسيق مع السلطات العامة، يشرعها الفاعلون في الميدان”. وقال إن الهيئة الجديدة “يجب أن تكون نتيجة استشارة بين المنتدى والهياكل الإدارية القائمة للديانة الإسلامية”.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كانت اتحادات تضم مسلمي فرنسا من بينها “مسجد باريس الكبير” و”اتحاد مسلمي فرنسا” قد أعلنت تشكيل المجلس الوطني للأئمة في البلاد.

وعقدت الاتحادات أول مؤتمر لها بحضور وجوه عدة تمثل الدين الإسلامي في فرنسا، واضعة حجر الأساس من أجل إنشاء المجلس الوطني للأئمة الذي سيُعنى بتنظيم مسألة انتداب الأئمة خاصة من الدول العربية والمغاربية بجانب تأهيلهم.

وعبّرت هيئات عن رفضها المبادئ التي نصت على “مبدأ المساواة بين الرجال والنساء، وتوافق الشريعة الإسلامية مع مبادئ الجمهورية، ورفض توظيف الإسلام لغايات سياسية، وضرورة عدم تدخل دول أجنبية في شؤون الجالية”.

Exit mobile version