ملف الهجرة يثير قلق إيطاليا.. وتهديد بالتعاون مع الدول “الأكثر تعاطفا”

أخبار القارة الأوروبية – إيطاليا

تشعر إيطاليا بخيبة أمل كبيرة بسببب ما تراه فشلا للاتحاد الأوروبي في الوصول لاتفاق بشأن ملف الهجرة، والذي ازدادت معاناة البلاد منه في السنوات الأخيرة.

وترى روما أن دول الاتحاد الأوروبي لم تعط الاهتمام الكافي لقضية الهجرة خاصة في ظل وجود دول تتأثر بموجات الهجرة أكثر من دول أخرى.

“دي مايو”: سنتعاون مع من لديهم تضامن أوروبي

أمام هذا الوضع هدد وزير الخارجية الإيطالي “لويجي دي مايو”، بأن بلاده سوف تتعاون مع الدول الأكثر تعاطفا مع قضايا الهجرة غير الشرعية، إذا لم تتوصل الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لاتفاق حول هذا الأمر.

وخلال مؤتمر صحفي مشترك للوزير مع نظيرته الألمانية “أنالينا بيربوك” عقب اجتماع ثنائي في فيلا ماداما في إيطاليا، قال “دي مايو”: “إذا لم يكن من الممكن التوصل لاتفاق للإدارة المشتركة لظاهرة الهجرة بين جميع الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فسيتم ذلك بين أولئك الذين لديهم تضامن أوروبي في القلب”.

“دي مايو” شدد على أهمية وجود “نهج متوازن” للمفاوضات داخل الاتحاد الأوروبي بشأن قضية الهجرة.

تعاون إيطاليا ألماني

من جانبه قالت “أنالينا بيربوك” يوم أمس الاثنين، إن جائحة كورونا أظهرت أن قيمة التعاون القائم على الشراكة، وذلك في إشارة إلى المساعدات المتبادلة خلال الجائحة، مضيفة أن بلادها أعدت بالتعاون مع إيطاليا خطة عمل ستلعب فيها قضايا النزوح والهجرة دورا محوريا إلى جانب سياسة المناخ والطاقة.

وباتت كل من ألمانيا وإيطاليا في خندق واحد تجاه قضية النزوح والهجرة وأعربت “بيربوك” عن توافق الطرفين بشأن الحاجة إلى توافر الإنسانية و الهياكل المنظمة على الحدود الخارجية”.

الوزيرة الألمانية شددت على رفضها مع إيطاليا القبول بالموت في عرض البحر المتوسط”، مشددة على أن الدولتين عازمتان على تعزيز التعاون بشكل أكبر مما هو عليه حاليا من أجل إيجاد قواعد إنسانية وعادلة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي ومن أجل العمل على إعداد سياسة لجوء أوروبية” يضطلع فيها الجميع بالمسؤولية”.

أعداد المهاجرين إلى إيطاليا

وتتفاوت الإحصاءات التي تشير إلى العدد الحقيقي للأجانب في إيطاليا، فبحسب بيانات وزارة الداخلية الإيطالية، فقد شهد العام الماضي ارتفاعا ملحوظا في أعداد المهاجرين القادمين إلى إيطاليا في قوارب عبر البحر المتوسط، حيث وصل عددهم بنهاية العام إلى 67 ألف مهاجر مقابل نحو 34 ألفا و 150 مهاجرا في .2020.

من جانبه قال “حسن حرفوش” رئيس قسم الهجرة في مقاطعة روما إن إحصائيات وزارة الداخلية تشير إلى وصول نحو 70 ألف مهاجر خلال عام 2021 إلى إيطاليا، بينما تشير تقديرات غير رسمية إلى 100 ألف.

وتحتل تونس صدارة الدول المصدرة للمهاجرين إلى إيطاليا خلال عام 2021 حيث وصل العدد إلى 15 ألف مهاجر من تونس و7.800، و3.800 إيران، و3.600 من ساحل العاج، والنسبة الباقية من ل من العراق وسوريا وباكستان وأفغانستان.

وتبلغ نسبة المهاجرين الرجال الذين وصولوا إلى إيطاليا خلال العام 2021 قرابة 74% فيما بلغت نسبة النساء19%، والأطفال 7%.

انتهاكات ضد المهاجرين

يتعرض الكثير من المهاجرين الذين يصلون لإيطاليا لانتهاكات عديدة، حيث سبق وأن كشف عنها النائب التونسي “مجدي الكرباعي” في وقت سابق من الشهر الجاري عن تعرّض المهاجرين التونسيين غير الشرعيين لانتهاكات جنسية فضلا عن استغلالهم في الجريمة المنظمة داخل إيطاليا، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن مقاربة جديدة لمعالجة هذه الظاهرة، تعتمد أساساً على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية وتستبعد الحلول الأمنية.

وكانت أزمة إيطاليا مع قضية المهاجرين قد بدأت في عام 2013، عندما هبط عشرات الآلاف من الأشخاص في جزيرة لامبيدوزا، في ذلك الوقت، تم وضع نظام استقبال للتعامل مع الأزمة، لكن بعد تسع سنوات، تفاوتت ردود الفعل على هذا النظام.

وفي عام 2017، وقعت روما صفقة مثيرة للجدل مع ليبيا، بدعم من الاتحاد الأوروبي. الغرض من هذا العقد واضح :توافق إيطاليا على تقديم مساعدات مالية وتدريب خفر السواحل الليبي، وهو ما يضمن في المقابل منع مغادرة المهاجرين من ليبيا باتجاه الاتحاد الأوروبي. وفي في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2019، تم تمديد الاتفاقية ثلاث سنوات إضافية.

لكن هذه السياسة برغم تقليلها أعداد المهاجرين إلى إيطاليا إلا أنها أدت إلى زيادة عدد الوفيات في البحر المتوسط وتسببت في الكثير من المعاناة، حيث تم اعتراض آلاف الهاجرين في البحر المتوسط من قبل خفر السواحل الليبي وإعادتهم إلى مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء البلاد،وفقد ما لا يقل عن 1500 شخص حياتهم في البحر المتوسط، مقارنة بـ999 العام الماضي.

وضع المهاجرين غير الشرعيين داخل إيطاليا

يمنح النظام الإيطالي تصريح إقامة للحماية الخاصة يمكن للمهاجرين الأجانب الحصول عليه، والذي يمنح حقوقا أساسية للمهاجرين الذين يطلبونها، وهو شكل من أشكال الحماية الدائمة للأجانب الذين يتواجدون أو يصلون إلى إيطاليا، حتى على نحو غير نظامي، والذين لا تتوافر لديهم جميع الشروط للحصول على الاعتراف بالحماية الدولية.

وتعتبر هذه الخطوة مفيدة لتسوية أوضاع المهاجرين، لكنها في الواقع ليست مضمونة إلا في حالات قليلة، فبحسب تقرير لمنظمة “فونداسيون ميغرانت” وهي منظمة غير حكومية كاثوليكية إيطالية فقد تم إصدار 3241 تصريحا خلال عام 2021، بين 1 كانون الثاني/يناير و24 آب/أغسطس، ما يمثل 11% من الطلبات.

اقرأ ايضا: كيف وصلت مهاجرة غير شرعية إلى منزل رئيس وزراء السويد؟

أما طلبات الحماية الأخرى، فهي أبعد ما تكون عن كونها مضمونة، فالتقرير يوضح أن “حوالي 40% من المتقدمين، ولا سيما الباكستانيين والنيجيريين والمصريين والصوماليين، حصلوا على الحماية في عام 2021″، وتمثل هذه الأرقام ارتفاعا كبيرا مقارنة بما كان عليه الوضع في عهد “ماتيو سالفيني”، ففي عام 2019، بلغ معدل الرفض لجميع أشكال الحماية 81%، وفقا لوزارة الداخلية.

في نهاية عام 2020، كان يعيش في إيطاليا 128 ألف مهاجر ممن يستفيدون من وضع الحماية، أي ما يزيد قليلاً عن اثنين من اللاجئين لكل 1000 نسمة، وهذا أقل بكثير مما هو عليه في فرنسا (ما يقرب من سبعة لاجئين لكل 1000 نسمة)، ومقارنة بألمانيا (14 لكل 1000)، أو في السويد (25 لكل 1000).

وعلى الرغم من تغيير اللهجة، لا يزال الطابع الأمني مهيمنا على سياسة معاملة المهاجرين. لكن آليات القمع باتت محدودة، فلم نعد نرى مثلا اتهامات قانونية للسفن الإنسانية، لكن يتم تجميد عملها بإجراءات إدارية منتظمة”.

على الرغم من الوافدين المنتظمين على أراضيها، تظل إيطاليا بلد عبور لجزء كبير من الوافدين، هذه السياسة المتغيرة تزعزع استقرار المهاجرين، الذين يتعين عليهم التكيف باستمرار. وبالتالي، فمن المنطقي أن معظمهم لا يبقون في إيطاليا.

Exit mobile version