بريطانيا.. سياسة متشددة تجاه اللاجئين السوريين وجدل حول الفرار من الخدمة في قوات “بشار الأسد”

أخبار القارة الأوروبية – بريطانيا

غيرت بريطانيا في الآونة الأخيرة سياستها تجاه اللاجئين السوريين، خاصة في عام 2021، الذي قررت فيه تغيير قاون الهجرة واللجوء، حيث اعتبر القانون أن من وصلوا للمملكة المتحدة بشكل غير قانوني لن يتمتعوا بنفس الحقوق التي يتمتع بها من وصلوا البلاد بشكل قانوني.

وفي تأكيد على هذا الموقف رفضت وزارة الداخلية البريطانية طلب لجوء سوري كان قد فر من التجنيد الإجباري من جيش قوات نظام ” بشار الأسد” عام 2017.

الداخلية بررت رفض طلب اللجوء مدعية أن سوريا باتت آمنة، وهي المرة الأولى التي تتخذ فيها السلطات هذا الموقف بدافع الأمان في سوريا، ما يشير إلى تغير واضح في نبرة السلطات البريطانية تجاه اللاجئين.

الشاب -الذي رفض الإفصاح عن اسمه خوفا على حياته- كان قد ذكر أنه لا يريد أن يجبر على قتل أبناء وطنه السوريين، مؤكدا أن عودته تعرض حياته للخطر بسبب رفضه للخدمة العسكرية وهروبه من أدائها هناك، وقد يُعتقل وربما يُقتل.

الداخلية البريطانية قالت إنه: “لم يثبت احتمال وجود مبرر للخوف من التعرض للاضطهاد ولو بدرجة معقولة”.

من جانبه، قال متحدث باسم وزارة الداخلية في وقت سابق في بيان إنه لا يعلق على الحالات الفردية، لكنه أضاف: “يتم البت بكل طلب لجوء لوحده وحسب وضع وظروف مقدمه، وبما يتماشى مع السياسة الحالية”.

الداخلية البريطانية تعتبر سوريا غير آمنة

لكن تطورا جديدا ظهر في العام الحالي بشأن الموقف من اللاجئين السوريين، ففي 11 كانون الثاني/ يناير الجاري قالت وزارة الداخلية البريطانية إنه: “في ظل الظروف الحالية لن نعيد طالبي اللجوء إلى سوريا، تتفق حكومة المملكة المتحدة بالرأي مع الأمم المتحدة بأن سوريا لا تزال غير آمنة بالنسبة لهم”.

وزير الداخلية البريطانية “بريتي باتيل” كانت قد اعتبرت أن القاون الجديد الخاص بالهجرة يمثل “خطة شاملة وعادلة لكن حازمة وطويلة الأمد، تتناول تحدي الهجرة غير الشرعية بشكل مباشر”.

وأضافت أنه “حتى في حالة قبول طلبات المهاجرين الذين قدموا لبريطانيا بصورة غير قانونية، فقد يتم منحهم وضع اللاجئ المؤقت وسيكونون معرضين للترحيل في أي وقت”، مشيرة بالقول :”يمكن ترحيل طالبي اللجوء من المملكة المتحدة أثناء انتظار البت بطلب اللجوء أو أثناء الاستئناف، مما يفتح الباب أمام دراسة طلبات اللجوء والإجراءات وهم في الخارج”.

الهروب من التجنيد موقف سياسي

تكشف “ريم تركماني” مديرة الأبحاث في برنامج أبحاث النزاع السوري في وحدة أبحاث النزاعات والمجتمع المدني في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، أنه على الرغم من أن المعلومات حول قضية طالب اللجوء لا تزال شحيحة، فإن “موقف الحكومة البريطانية يعد تطورا مقلقا ويثير الاستغراب”، مشددة على أنه “على الرغم من تراجع مستوى العنف في أجزاء من سوريا، إلا أن سلامة الأفراد لا تزال معرضة للخطر، لا سيما عندما يتعلق الأمر بوجود نشاط سياسي لطالبي اللجوء”.

وأكدت أن “التهرب من التجنيد الإجباري في سوريا بعد 2011 هو في الواقع موقف سياسي من قبل رجال يرفضون الانضمام إلى جيش يهاجم المدنيين ويرتكب جرائم حرب ضدهم، وقد يتعين عليهم المشاركة في مهاجمة المناطق المدنية بأنفسهم.

وتجنب التجنيد الإجباري في مناطق النظام السوري يعرض الشخص إلى خطر الاعتقال، وهو ما قد يعني، كما وثقته العديد من منظمات حقوق الإنسان، التعذيب وحتى الموت، ومجرد أن هذا الشخص قد تقدم بطلب اللجوء يعرضه للخطر إذا أعيد إلى سوريا”.

من جانبها اعتبرت منظمة “Refugee Action” الخيرية: أنه “أمر محير أن تعلن وزارة الداخلية، سوريا دولة آمنة، إذا لم تعد هذه الحكومة تمنح ملاذاً للاجئين السوريين، فلمن ستمنح الملاذ؟ هذا القرار يسحب طوق النجاة من أولئك الفارين من الحرب والاضطهاد. إنه يفشل في تلبية حتى الحد الأدنى الذي يتوقعه أي شخص من حكومة تدعي أنها تحافظ على التزاماتها أمام دول العالم “.

تداعيات خطيرة لاعتبار مناطق في سوريا آمنة

وتشير “ريم تركماني” إلى أن اعتبار سلطات المملكة المتحدة إعادة السوريين إلى المناطق التي تعتبرها آمنة، له تداعيات بعيدة المدى.

وشرحت هذه التداعيات بالقول: “أولاً، ستستخدم سلطات النظام السوري وحلفاؤها القرار هذا للتظاهر بأن سوريا آمنة لعودة جميع اللاجئين، وستستخدمه الدول المستضيفة للاجئين مثل تركيا والأردن ولبنان للقول بإن عودة اللاجئين آمنة حتى عندما لا يكون الأمر كذلك”.

اقرأ أيضا: ملف الهجرة يثير قلق إيطاليا.. وتهديد بالتعاون مع الدول “الأكثر تعاطفا”

وأردفت: “ستشعر دول أخرى براحة أكبر في تبني السياسة البريطانية والدنماركية في هذا المضمار. معظم الدول الأوروبية لا تحتاج إلى عذر يذكر في هذا المناخ المناهض للهجرة من أجل تشديد قوانين طلب اللجوء”، كما ترى ريم تركماني.

وكانت الدنمارك قد اعتبرت في عام 2020 أن العاصمة السورية دمشق باتت آمنة، لذا ألغت السلطات أو لم تجدد تصاريح الإقامة الدنماركية لصالح مئات السوريين من تلك المنطقة، كما تبنت السويد سياسة مماثلة.

على الرغم من أن سلطات المملكة المتحدة بدت وكأنها تتراجع في هذه الحالة بالذات، إلا أنها تسلط الضوء على الخط المتشدد الذي تتبعه وزيرة الداخلية البريطانية في ملف الهجرة واللجوء في محاولة لمواجهة الانتقادات بأنها لم تفعل ما يكفي على وجه التحديد لمنع قوارب اللاجئين من الوصول من فرنسا.

الموقف البريطاني بات أكثر شدة تجاه ملفي اللجوء والهجرة، خاصة وأن والعديد من الناس لا يفهمون الفرق بين طالبي اللجوء وغيرهم من المهاجرين، ما يجعل السوريين الفارين من الاضطهاد في بلادهم في موقف أكثر صعوبة ما لم يتم تغيير هذه النظرة لهم.

Exit mobile version