سردية التاريخ.. منظمة المغتربين العراقيين العالمية تنظم ندوة عن “عراق ما بعد الغزو والاحتلال”

أخبار القارة الأوروبية – فريق التحرير

عقدت منظمة المغتربين العراقيين العالمية، ندوة عبر تطبيق “زوووم” استضافت خلالها د. “سعد ناجي جواد الساعاتي” أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد سابقا والأستاذ الزائر في جامعة لندن حاليا، وذلك لعرض كتابه “عراق ما بعد الغزو والاحتلال” العراق قبل الاحتلال، الاحتلال، الدستور الجديد، المعضلة الكردية، المصالحة الوطنية)، والذي صدر قبل شهور.

وخلال الندوة التي أدارها د.”رائد هاشم الدبوني “، تناول الدكتور “الساعاتي” في المحاضرة رغبة الولايات المتحدة منذ الخمسينات منذ من القرن الماضي في السيطرة على العراق، ثم الحرب العراقية الإيرانية، وتطرق لفضح الحصار ثم الأساليب الي اتبعت لتبرير الاحتلال، ثم فترة الاحتلال، ثم الدستور، ثم عن المشكلة الكردية والإقليم والفيدرالية والخلاف بين السلطة المركزية والأطراف.

استهداف العراق..

أستاذ العلوم السياسية “الساعاتي” أشار إلى أن “الكتابات الأمريكية كانت تروج لجعل العراق نموذجا وواحة للديمقراطية لكن ظهر في النهاية أنهم كاذبون، فاتجه الأمريكان للادعاء أن واشنطن كان لديها غرض تحقيق الديمقراطية في العراق لكن العراقيين لم يكونوا مستعدين لذلك، وهي ادعاءات صحيحة”.

البعض يعتقد أن ما حدث للعراق سببه نظام البعث والحروب التي أدخل البلاد فيها وإدارة البلاد، لكن هناك وجهة نظر أخرى تقول إن ما جرى للعراق كان بسبب رغبة الولايات المتحدة في وضع العراق تحت جناحها، وبالتالي كان سيقع على كل حال  منذ العام 1954، وكذلك منذ أزمة السويس أصبحت هناك رغبة أمريكية في السيطرة على العراق وبات هناك صراع أمريكي بريطاني على النفوذ في البلاد، ورغم اعتقاد البعض أن النظام الملكي لو استمر في العراق كان يمكن أن يضع البلاد في موقف أفضل، لكن ما قضى على النظام الملكي هو النظام الملكي ذات نفسه، الذي تمسك بالحكم بكل السبل من خلال تزوير الانتخابات وإعدام السياسيين، لا سيما قادة الحزب الشيوعي، وهو ما جعل الناس يكرهون العائلة الحاكمة وكان “فيصل الثاني” هو ضحية ذلك.

وأكد “الساعاتي” أن “حزب البعث رغم الانتقادات له والتحفظات عليه لكنه استطاع من 1968 القدوم بأفكار جديدة وبناء عراق آخر قائم على التنمية ومجانية التعليم والعناية الصحية بالإضافة للمشاريع الكبيرة من طرق وجسور ومشاريع وذلك حتى عام 1980″، لافتاً إلى أن “نظام البعث استطاع احتواء المسألة الكردية عبر الحكم الذاتي الداخلي، لكن القيادة الكردية برئاسة “مصطفى البارزاني” كان يريد شيئا آخر حيث كانت له تبعية كبيرة لشاه إيران، فالأحزاب الكردية دائما ما كان لديها استعداد للقبول بالدور الأجنبي أكثر من طرف الحكومة والحكومات العراقية كانت مستعدة دائما أن تتنازل للأجنبي أكثر من الطرف الكردي.

الدكتور العراقي “الساعاتي” بين أن الرئيس الراحل “صدام حسين” كانت لديه قناعة بأن الاحتلال قادم لكنه كان لا يبوح به للآخرين، خوفا من حدوث الانهيار، أما من كانوا حوله فلم يكونوا يتوقعون ذلك، لكن كانت هناك توقعات بتدمير العراق واستهدافه.

وذكر “الساعاتي” أن “الاحتلال الأمريكي بمجرد دخوله للعراق قرر أن كل من هو موجود في العراق وقت دخول العراق موال لــ”صدام حسين” وحزب البعث فكل سني هو بعثي وكل شيعي لا يشترك مع الأحزاب الآتية هو عميل لــ”صدام”، وأن الشيعة والأكراد هم من عانوا من نظام البعث وهم فقط من يحق لهم حكم العراق، وكل عراقي يقتل يستحق لأنه بقى في ظل حكم صدام حسين ثم بدأت عمليات الفصل والطرد في الجيش والأساتذة الجامعيين، والقضاة، بحسب قانون اجتثاث البعث، ولم تعد هناك دولة اسمها العراق باعتبارها منطقة كونتها بريطانيا في 1920، وإنما مجموعة من الأقليات، وكان “بول بريمر” الحاكم العسكري للعراق يقول إن “السنة حكموا البلاد منذ 400 عام ويجب أن يتخلوا للحكم لصالح الشيعة والأكراد، أما الأطراف الأخرى فكان هدفهم السلب والنهب، وكان هدف الأكراد بناء دولة ضعيفة باسم الفيدرالية ذات تأثير ضعيف داخليا”.

كما أوضح الأستاذ الزائر في جامعة لندن أنه فيما يتعلق بالأحزاب الموالية لإيران كانوا يركزون على إثبات انتهاء الحرب العراقية الإيرانية بانتصار طهران، ثم كان هناك من يوالون تركيا ومن يوالون الخليج، فضلا عن تواجد الإسرائيليين في العراق والذين لم يكونوا خائفين من إعلان جنسيتهم.

الأستاذ الزائر في جامعة لندن الدكتور “سعد ناجي جواد الساعاتي”

فترة الاحتلال..

فيما يتعلق بوقت دخول العراق قال الدكتور “سعد”: “استبيح العراق بصورة لا يمكن تصورها وبدأت الأمور تتدهور منذ ذلك الوقت في عملية مخططة وليست اعتباطية، فــ”بول بريمير” حينما انتُقد قرار حل الجيش العراقي/ قال إن هذا القرار كان صادرا من واشنطن، وهو كان مؤيد لهذه الخطوة وكل الأحزاب الشيعية كانت مؤيدة لها، وهو ما نتج عنه فراغ أمني، تم ملئه بما يسمى الحرس الوطني وهي عبارة عن ميليشيات أتت للعراق”.

وأضاف “الساعاتي”: “كانت هناك عملية استهداف للأساتذة الجامعيين، وتم اغتيالهم من جانب الأمريكيين والإسرائيليين والإيرانيين، واستمرت هذه العملية فترة طويلة، ثم بعدها حملة تصفية الضباط والطيارين الذين حاربوا ضد طهران وكانت حملة كبيرة جدا”.

ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن الاحتلال حرص على تدمير كل شيء مرتبط بالتقاليد العراقية مثل الوزارات والمؤسسات وغيرها، وكانت السرقة سمة أساسية في هذا التوقيت، و”بول بريمر” هو من أسس لها لدرجة أنه بعد أكثر من عام على حكمه كتبت الغارديان أنه هناك 8 مليارات دولار قد اختفت من العراق، كما اختفت أسلحة ومعدات الجيش في ظروف غامضة /وهذا ما يطلق عليه تدمير الدولة العراقية، فقد تم تدميرها بأسلوب ممنهج ثم تركت بابا مفتوحا للنفوذ الإيراني والخليجي والتركي والإسرائيلي والأمريكي وكل هذه الأطراف تعتقد أنه ليس في مصلحتها وجود عراق قوي”.

مرحلة الدستور.

وعن  الدستور أفاد الدكتور “سعد” بأن كل الحكومات التي حكمت العراق منذ عام 2005 هي حكومات غير دستورية، لافتا إلى أن الدستور كتب بأيدٍ غير عراقية عبر أستاذ صغير السن، كان مدرسا في جامعة أمريكية، وتم ترجم الدستور من جانب أمريكي من أصل عراقي وأرسل إلى العراق، بطلب من “بريمر”.

اقرأ أيضا: منظمة المغتربين العراقيين في ألمانيا تنظم ندوة حول سرقة إيران لمياه الشعب الأحوازي

وأشار إلى أن الأحزاب السنية لم يكن لها دور في كتابة الدستور بينما الشيعة كانوا يريدون الحفاظ على تقاليدهم الدينية والحسينات وغيرها، فيما كان هدف الأكراد ووجود دولة ضعيفة في المركز وتكون لإقليم كردستان صلاحيات أكبر من صلاحيات الدولة،  وعندما اكتمل مشروع الدستور رفضه السنة وأرادوا الانسحاب من التصويت عليه لكن طُلب منهم التصويت عليه مقابل وضع مادة تقول إنه تتم مناقشة الدستور بعد إقراره لتعديله، كما نص الدستور على أن يرفض حال عدم قبوله من ثلاث محافظات وهو بند كان يسمح للأكراد بصلاحية رفض مسودة الدستور، و حدثت مشاكل كثيرة عند التصويت على الدستور ورفضته بعض المحافظات وفي النهاية بات العراق يحكم الآن بدستور مزور.

الأكراد..

الأستاذ الزائر في جامعة لندن ساعاتي أوضح أن “الدستور أعطى للأكراد الحق في أي آبار بترولية تكتشف حديثا، بينما تكون الآبار القديمة ملكا للشعب العراقي، كما جعل البيشمركة لا تدخل في الجيش العراقي لكن تتكفل الدولة برواتبهم.

وخلص الدكتور “الساعاتي” أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد سابقا والأستاذ الزائر في جامعة لندن إلى أن مشكلة العراق أن كل من يحاول حل الأزمة فيه يفكر بطريقة ما قبل 2003، مضيفا أنه: “من يريد حل المشكلة يجب عليه القبول بالفيدرالية لكن يقننها، يجب أن يقبل بوجود جيش ولا يعيد بناءه، ولا يجب عليه القبول بالمليشيات لكن يقبل بالأحزاب السياسية التي ظهرت ويقلل من دور هذه المليشيات وهو ما يحتاج لتفكير عميق لحل هذه المسائل”.

وشدد الدكتور “الساعاتي” على أن “أكبر ضرب قاسم وجهت للعراق وجهت للوحدة الوطنية، فالعراق تاريخيا دولة متنوعة، لكن الوحدة الوطنية تعرضت لضربات قاسية وقاسمة، فهناك شرخ بين السنة والشيعة وأصبحت الثقافة الطائفية منتشرة، والوحدة الوطنية لا يمكن أن تعاد بعمل حكومي أو رسمي لأن القائمين عليها ليس عندهم إيمان بالمصالحة الوطنية، ولا ينظرون إليها إلا من باب المصالح السياسية/ ولا يهتمون بالمصالحة الاجتماعية التي باتت مهمة الشعب العراقي وشرائحه المثقفة والعاملة، والجامعات، وشيوخ العشائر وغيرهم”.

Exit mobile version