بريطانيا.. “الرحالة المسلمون” يواجهون العنصرية بنشاطات غير تقليدية

أخبار القارة الأوروبية – بريطانيا

قررت مجموعة من الشباب المسلم في بريطاني تشكيل مجموعة تمارس نشاط المشي والجولات في الريف الإنجليزي سميت بــ”الرحالة المسلمون”، لكنها ما لبثت أن تعرضت لتعليقات عنصرية فجة، لكنهم لم يستسلموا لذلك وإنما اعتبروها تجربة لمحاربة العنصرية وكسر الصور النمطية عن المسلمين، الذين لم تكن في تقاليدهم فكرة الاهتمام بالريف البريطاني والاستمتاع بطبيعته الخلابة.

تطوير الريف البريطاني

كان وزير البيئة البريطاني ” جورج يوستيس” قد كشف في يناير/ كانون الثاني الجاري عن برنامجين لاستعادة الطبيعة والمناظر الطبيعية في بريطانيا بهدف إعادة الريف البريطاني إلى البرية.

وسيحصل المزارعون البريطانيون على أموال للمساعدة في استعادة الموائل الطبيعية وإعادة الطبيعة البريطانية إلى ما كانت عليه، وذلك بموجب الخطط الحكومية التي تهدف إلى سد الفجوة التي خلفتها الإعانات التي كان يقدمها الاتحاد الأوروبي، حيث سيتم توفير التمويل لبناء موائل جديدة وزراعة الأشجار واستعادة المناطق والأراضي الرطبة.

اهتمام ضعيف للأقليات بالريف البريطاني

رغم التعليقات والعبارات المليئة بالكراهية عقب نشر هذه المجموعة صور لها في الريف البريطاني بالتزامن مع عيد الميلاد الماضي، إلا أن هذه التجربة لفتت الأنظار بشدة لهذه المناطق الطبيعية الذي يشكل زائروها من الأقليات نسبة لا تزيد عن 1 %.

لكن هذه المجموعة سعت وبشدة لتشجيع المسلمين على اكتشاف المساحات الخضراء البريطانية، واسعة الانتشار ما جعلها تجذب الإعلام البريطاني بكل ألوانه للاهتمام بهذه التجربة الجديدة، مما منحها شهرة غير مسبوقة في كل البلاد.

نساء محجبات وراء الفكرة

يرى “هارون مونت” وهو مسلم بريطاني مؤسس “الرحالة المسلمون” أن النساء المحجبات كن وراء الإلهام بهذه الفكرة وتشجيع التجول في الغابات والريف البريطاني، خاصة وأن الأرقام والإحصائيات تقدم واقعا صادما، يظهر أن الأقليات عموما والمسلمين خصوصا لا يستفيدون من الحدائق والمتنزهات الكثيرة في بريطانيا.

وحسب تقرير لمؤسسة “الريف البريطاني” الخيرية فإن 1% فقط من زوار الحدائق البريطانية هم من الأقليات، سواء السود أو الآسيويون أو المسلمون.

التقرير نفسه يقول إن الأشخاص المنتمين لهذه الأقليات لهم حظوظ أقل بـ11 مرة لزيارة المتنزهات الموجودة خارج المدن، مقارنة، مع الأشخاص البيض، مضيفا أن 40% من أطفال الأقليات هم الذين يزورون هذه الأماكن الطبيعية مقارنة مع 60% بالنسبة للأطفال البيض.

وأوضح “هارون” أن أول رحلة تنزه له في الريف البريطاني، حين كان يبلغ من العمر 15 سنة، وخرج في نزهة مع مجموعة من المسلمين، وقال :”خلال رحلتي رأيت من مسافة بعيدة أشخاصا ببشرة سمراء، حينها لم أصدق نفسي وبعدها بدأت أنزل وأقترب من هذه المجموعة، إلى أن اكتشفت أن الأمر يتعلق بمجموعة من النساء المحجبات يتنزهن”.

وتابع بالقول: “كنت متفاجئا وأيضا سعيدا برؤية نساء محجبات يتسلقن الجبال وكان الأمر كأنه حلم بالنسبة لي”، وهذه الحادثة هي التي حببت لهارون التسلق والتجول في الريف”.

ويتابع هارون بالقول إنه ظل 3 سنوات يمارس رياضة تسلق الجبال والمشي في الريف دون أن يصادف مجموعة منظمة من المسلمين تمارس هذه الرياضة المنتشرة بكثرة في بريطانيا.

هارون مونت

وأكد هارون أنه حينها قرر أن يخوض معركة من أجل تحقيق تنوع أكبر في الفضاءات الطبيعية، “لأنه غالبا ما تتأثر مجتمعاتنا المسلمة بقدر كبير من التفاوتات ولهذا فإن تحفيزها على الخروج للطبيعة سوف يحسن من مستوى الرفاهية لديها”.

وانطلاقا من دراسته لعلوم الرياضة في الجامعة، فإن هارون يصف نفسه “بأنه يحمل الحمض النووي لإلهام المجتمعات لتكون أكثر صحة”.

نظرة طبقية للتجول في الريف

غالبا ما كان يعتبر نشاط التجول والمشي في الريف البريطاني مرتبطا بالطبقة الغنية والبيضاء، التي تنتمي للتيار المحافظ، وعندما أطلق :هارون مونت” مشروعه سنة 2020 كان هدفه هو كسر الكثير من الصور النمطية.

ويهدف هارون أيضا من خلال “الرحالة المسلمون” لكسر الصور النمطية السلبية عن المسلمين في بريطانيا، حيث ينظر إليهم على أنهم لا يحبون الاكتشاف ولا المغامرة، ولا يبذلون جهدا لاكتشاف طبيعة البلاد، وأيضا تغيير الصور النمطية عن المرأة المسلمة، التي ينظر إليها على أنها غير نشيطة وغير فعالة ولا تشارك في أي أنشطة رياضية.

تعليقات عنصرية

وكانت العديد من التعليقات العنصرية قد انهالت على صفحات “الرحالة المسلمون” على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد نشر المجموعة صورا لأنشطتها خلال يوم عيد الميلاد في بريطانيا، مما أثار ردود فعل عنصرية.

وتوالت التعليقات العنصرية والمليئة بالكراهية ضد الصفحة وأصحابها، تحت ذريعة أن المسلمين لم يحترموا أعياد الميلاد، ويمارسون أنشطتهم بشكل عادي.

من إحدى جولات المجموعة في الريف البريطاني

وبكثير من الهدوء والأريحية تعامل “هارون مونت” مع هذه التعليقات، معتبرا أن بعضها كان عنصريا ويحرض على الكراهية، لكن بعضها “ينم عن جهل وعدم معرفة جيدة بالمسلمين ودورنا أن نقوم بتوعية أكثر حول الإسلام والمسلمين”.

حملة العنصرية التي تعرضت لها مجموعة “الرحالة المسلمون” دفعت الإعلام البريطاني للاهتمام أكثر بهذه التجربة الفريدة، ويعترف هارون بأن “الطلب الإعلامي للتعرف على هذه المجموعة زاد بشكل كبير ونحن نحاول التجاوب معها”.

ولفت “هارون” إلى أن رسائل الدعم والمساندة لم تتوقف عن التقاطر عليه “كما نتلقى آلاف طلبات الانضمام للمجموعة التي تبقى مفتوحة للجميع وليس المسلمين فقط”.

Exit mobile version