“ويليام بتلر ييتس”..الكاتب المسرحي المرموق الذي آمن بالأشباح والسحر

"ويليام بتلر ييتس"..الكاتب المسرحي المرموق الذي آمن بالأشباح والسحر

أخبار القارة الأوروبية – بورتريه

يعتبر “ويليام بتلر ييتس” شاعرا إنجليزيا وكاتبا مسرحيا ومديرا للمسرح، وشخصية وطنية، وعضو مجلس العموم، وكان مؤمنًا بالأشباح والجنيات والسحر.

ولد “ويليام بتلر ييتس”  في 13 يونيو 1865 في دبلن وعندما كان في الثانية من العمر انتقلت العائلة إلى لندن، وكانوا، ولكن ما بين عمر السابعة والتاسعة عاش “ييتس” في سليغو مع امه في قصر مارفل بيت جده لآمه، والدها يمتلك قافلة من السفن التجارية، كان ييتس يرقبها في النهر حين تبحر من وإلى انكلترا.

عندما صار شابا كان يمشي بعض الأحيان في اطراف سليغو ويمضي بعض الليالي في كهف بالغابة، حبه لهذه الأماكن يرد في الكثير من شعره، وغالبا ما يذكر أسماء هذه الأماكن مثل: بن بيلبو، كونكناريا، سليث وود، غلينكار، دوناي.

تعليمه

لم يكن ييتس طالبا مميزا من الناحية العملية في المدرسة – كانت له صعوبات كبيرة في القراءة على سبيل المثال لكنه بدا كتابة الشعر في حوالي عمر الخامسة عشرة، قصائده الأولى كانت عن الساحرات وفرسان العصور الوسطى الذين يلبسون الدروع، ولم تكن هذه القصائد عالية الجودة، لكن شعره بدأ بالتحسن عندما صار يكتب عن الاساطير والخرافات الأيرلندية، كتلك التي كتبها عن البطل المدعو “كوجولاين” الذي قيل إن له قدرات بشرية خارقة.

سيرته

نشر “ييتس” قصائده الأولى في صحيفة دبلن عندما كان في العشرين من عمره.وفي هذا السن بدا ارتياد نادي دبلن، حيث يناقش الاعضاء الامور السياسية لتلك الايام والمتظمنة موضوع استقلال أيرلندا عن بريطانيا، رغب ييتس ان يعمل من اجل الاستقلال السياسي أيضا ولكن من خلال معاني ومواضيع فنية وثقافية وليس من خلال اضاعة حياته في عمل اللجان والاحزاب السياسية.

منذ أيام اقامته في مارفل بدأ ييتس الاقتراب من العوالم الروحانية وما فوق الطبيعية وعوالم المستور، وفي عمر العشرين ساعد على تاسيس (جمعية دبلن لعلوم السحر), مجموعة من الطلبة رغبوا دراسة الفلسفة الهندية والروحانيات، وقد تحولت هذه الجمعية فيما بعد إلى اسم (جمعية دبلن لتشارك الحكمة) وقد حضر ييتس المشاهد الروحية الأولى لهذه الجمعية وفي العام التالي انضم إلى (نظام البزوغ الذهبي) وهو جمعية سرية طورت تدريس السحر وتجاربه العملية، عندما كان ييتس شابا اولع بالرؤى والتخاطر وتاثير الكواكب على الطالع، كما أنه امضى الكثير من وقته في محاولة تتبع رؤى عالم الخوارق، هذه الاهتمامات كلها ظهرت في شعره… في وقت متقدم أو متاخر.

عالم المستور في غاية الأهمية بنظر ييتس وفي إحدى المناظرات أكد على أن عالم المستور هو المركز لكل ما يفعله أو يعتقده المرء.

عام 1889 وبعمر الثالثة والعشرين.التقى واغرم بممثلة جميلة تدعى “ماود جونيه”، كانت امرأة من صنف الثوار وسياسية مثيرة للقلاقل…. لعدة سنوات بقيا صديقين حميمين، وأغلب شعره العاطفي مهدى لها متضمنا قصيدتين كتبتا عنها شخصيا…. قصيدة السمكة، وقصيدة أماني بفرش من الجنة.

تقدم للزواج منها عدة مرات وكانت ترفضه بقسوة، عام 1903 تزوجت عسكريا أيرلنديا هو الرائد “جون برايد” الذي اعدم في وقت لاحق لمشاركته في التمرد الذي وقع بأيرلندا عام 1916.

“ييتس” كاتب مسرحي أيضا، عام 1889 اسس مع الصديقة والكاتبة المسرحية الليدي “غريغوري” (المسرح الادبي الأيرلندي) وكان يهدف تقديم مسرحيات مواضيعها أيرلندية، كتب ييتس لهذا المسرح مسرحية الكونتيسة “كاثلين” التي قامت ماود جونيه بدور البطولة فيها، وكانت مسرحية في غاية الوطنية.

بعد سنوات قليلة اسس “ييتس” مسرح آبي الشهير في دبلن والذي لم يزل موجودا لحد اليوم.

الزواج

عام 1911 قابل “ييتس” ولاول مرة وفي بيت صديق امرأة شابة جذابة تدعى “جورجيا هايدليس” عمرها ثمانية عشر عاما، كانت قارئة نهمة وتتكلم عدة لغات ولها هوايات في السحر وعالم المستور، وسريعا انضمت هي أيضا إلى (نظام البزوغ الذهبي)

على الرغم من أن العواطف لم تبدأ بينهما خلال هذه الفترة، الا انهما عقدا زواجهما عام 1917..

وفي ذلك العام اشترى “ييتس” ورمم برج نورمان في بوليالي كونتي جالوي حيث عاشا هناك أثناء الصيف وقد كتب الكثير من القصائد داخل هذا المكان.

بعد الزواج بفترة قصيرة آمن “ييتس” انه استطاع الاتصال بمختلف المرشدين والمدربين الروحيين للعمل من خلال زوجته كوسيط روحي، الرسائل الغريبة الواصلة عن طريق “جورجيا” بالكتابة الاوتوماتيكية شكلت القاعدة لكتابه الروحاني الغريب الذي عنوانه رؤيا.

إقرأ أيضا: رديارد كبلنغ.. أصغر كاتب حاصل على جائزة نوبل

رزق الزوجان بطفلين، “أنا بتلر ييتس” ولدت عام 1919 والتي أصبحت فنانة، و”ميشيل بتلر ييتس” ولد عام 1921 الذي اختار العمل في السياسة وأصبح مثل والده عضوا في مجلس الشيوخ الأيرلندي.

تأثير الحرب الأهلية

حدث تمرد في أيرلندا عام 1916 قتل فيه المئات وبضمنهم بعض اصدقاء “ييتس”، وحين هزم التمرد قامت القوات البريطانية بإعدام قادة التمرد، لذا اندلع القتال بين المتمردين الأيرلنديين والجيش البريطاني من جديد واستمر سنتين ولم يتوقف الا بتوقيع معاهدة، وهذه المرة اندلعت الحرب الأهلية بين المؤيدين والمعارضين للتوقيع على هذه المعاهدة.

في هذه الفترة كتب “ييتس” (تأملات في زمان الحرب الأهلية) وهي متوالية من سبع قصائد كتبت في تلك الفترة.

خدم “ييتس” كعضو مجلس شيوخ في أول حكومة أيرلندية من عام 1922-1928 وعمل جاهدا لاحياء التراث الثقافي الأيرلندي الغني… وفنونه المعمارية وآثاره القديمة ومخطوطاته.

وكان على الدوام على خلاف مع الرقيب ويقاتل من اجل حرية الفنان، كما سعى إلى تحسين مستوى المدارس الأيرلندية، وأثناء ترأسه للجنة تصميم العملة المعدنية أصر على أن تعكس هذه العملة الوجه الزراعي للامة ولذا فقد حملت قطع هذه العملة صور الحصان وسمكة السلمون والخنزير والثور والدجاج والكلب والارنب…. وإلى حين استعمال اليورو عام 2002 ظلت العملة الأيرلندية المعدنية المتداولة تحمل هذه الصور.

جائزة نوبل ووفاته

عام 1923 حاز “ييتس” على جائزة نوبل في الادب، وواصل الكتابة حتى موته في 28 يناير عام 1939 عن عمر ثلاثة وسبعين سنة، كان وقتها يعيش جنوب فرنسا حيث امضى سنوات طويلة من عمره هناك جزئيا بسبب وضعه الصحي، بينما زوجته “جورجيا” واصلت الحياة حتى عام 1968 ثم التحقت به.

Exit mobile version