وسط تحذيرات من الخبراء.. بريطانيا ترفع جميع القيود المفروضة ضد كورونا

أخبار القارة الأوروبية – تقارير

رغم استمرار تسجيل آلاف الإصابات بفيروس كورونا ومتحور أوميكرون، تتجه بريطانيا لرفع القيود المفروضة ضد هذا الوباء، فيما يحذر خبراء من النتائج العكسية لهذه الخطوة.

وقررت السلطات التخلي عن معظم القيود المفروضة لمكافحة المتحوّرة أوميكرون، وفي مقدّمها إلزامية وضع الكمامات وحيازة التصاريح الصحّية، في خطوة تعامل البعض معها بحذر بينما تأمل الحكومة البريطانية أن يتعايش السكّان مع كوفيد كما يفعلون مع الأنفلونزا.

ويرى الكثير من البريطانيين أن هذه الخطوة تبعث عل الارتياح رغم أن الوضع الوبائي لا يزال مخيفا.

إنهاء قيود العمل

بعدما أنهت قبل أسبوع التوصية بالعمل من المنزل لمن يمكنه ذلك، رفعت السلطات في إنجلترا الخميس قيوداً أخرى، وهي أصلاً من بين الأقلّ شدّة في أوروبا، كانت قد فرضتها في كانون الأول/ديسمبر للتصدّي لتفشّي أوميكرون، النسخة المتحوّرة من كوفيد-19، ومن بينها إلزامية وضع الكمامة في الأماكن العامة المغلقة وإلزامية حيازة تصريح صحّي للمشاركة في أي مناسبة يحضرها حشد كبير من الناس.

كما أعلنت الحكومة الخميس، أنّ نزلاء دور رعاية المسنّين الذين تلقّى 86.5% منهم حتى اليوم الجرعة المعزّزة من أحد الّلقاحات المضادّة لكوفيد – سيتمكّنون مجدّداً، اعتباراً من الإثنين المقبل، من استقبال عدد غير محدود من الزوار، وإذا تبيّن أن أحد هؤلاء النزلاء مصاب بكورونا فسيتعيّن عليه الخضوع لحجر صحّي لوقت أقصر مما كان مفروضاً في السابق.

من جانبه أعلن رئيس بلدية لندن “صادق خان”، أنّ وسائل النقل العام في العاصمة ستبقي على إلزامية وضع الكمامات لركّابها وسائقيها.

والأمر نفسه ينطبق على بعض سلاسل المتاجر الكبرى مثل سينزبوريز وموريسونز وويتروز التي طلبت من زبائنها وضع الكمامات أثناء وجودهم داخل هذه المتاجر.

لكنّ قسماً من السكّان لن ينتظر توجيهات السلطات أو المتاجر لوضع الكمامة، إذ سيفعل ذلك من تلقاء نفسه كلّما رأى فيه فائدة له أو للآخرين.

ويرى مراقبون أن الاسترخاء الكبير في القيود الصحّية هو محاولة يقوم بها رئيس الوزراء “بوريس جونسون”، المتورّط في فضيحة “بارتي غيت” (حفلات نظّمت في داونينغ ستريت خلال فترات الإغلاق)، “لإنقاذ نفسه”.

وفي الواقع فإنّ تخفيف هذه القيود يأتي في أفضل توقيت لــ”جونسون” الذي يجد نفسه اليوم أضعف من أي وقت مضى على رأس الحكومة بسبب فضيحة الحفلات التي أقيمت خلال فترات الإغلاق في مقرّ رئاسة الوزراء.

وفي تغريدة على تويتر، رحّب رئيس الوزراء بتخفيف القيود الصحية، محذّراً في الوقت نفسه من أنّ “الجائحة لم تنته بعد”.

وبشكل عام فإنّ إنجلترا كانت أكثر تردّداً من بقية مقاطعات المملكة المتّحدة (اسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية) في إعادة فرض القيود الصحّية منذ 19 تمّوز/يوليو2021 الذي أطلق عليه اسم “يوم الحرية” لأنّه شهد رفع معظم القيود الصحية المشدّدة التي كانت سارية لمكافحة الجائحة.

غير أنّ ظهور المتحوّرة أوميكرون في الخريف، وهي أكثر عدوى من المتحوّرة السابقة “دلتا”، دفع بحكومة “جونسون” إلى إطلاق “الخطة باء”، على الرّغم من المعارضة التي لقيتها تلك الخطة من جانب قسم من الأغلبية الحكومية.

وهدفت التدابير التي نصّت عليها هذه الخطّة إلى تعزيز حماية السكّان من خلال تنظيم حملة لتلقيح السكّان بالجرعة المعزّزة والاستمرار في محاولة إقناع المتردّدين بضرورة تلقّي اللّقاح.

ونجحت هذه الحملة في أن يتلقّى حتّى اليوم ما مجموعه 37 مليون شخص الجرعة المعزّزة، في إنجاز سمح للحكومة بتقليل الإصابات الخطيرة بالمرض وحالات الاستشفاء وبالتالي تخفيف الضغط على النظام الصحّي.

ووفقاً لآخر الأرقام الرسمية فقد تلقّى 64% من السكّان الذين تزيد أعمارهم عن 12 عاماً الجرعة الثالثة.

ومع تزايد أعداد المصابين لكوفيد خلال العطلات، قاوم “جونسون” الدعوات لتشديد القيود المفروضة لمكافحة الجائحة. واليوم يستعين رئيس الوزراء بالأرقام لإثبات صحّة قراره، إذ إنّ النظام الصحّي في البلاد ظلّ صامداً ولم يزد بتاتاً عدد المرضى على أجهزة التنفّس الاصطناعي كما أنّ أعداد الإصابات انخفضت بشكل ملحوظ.

لكن مع ذلك، فإن المملكة المتّحدة لا تزال من بين أكثر البلدان تضرّراً من الجائحة مع ما يقرب من 155 ألف حالة وفاة وما يقرب من 100 ألف إصابة جديدة يومياً، مع تسجيل معدلات إصابة عالية جداً في صفوف الأطفال والمراهقين.

خبراء بريطانيون: جونسون يتبع نهج متهور

من جانبهم اتهم خبراء بريطانيون رئيس الوزراء باتباع نهج متهور من خلال رفع جميع قيود الخطة “ب”، وفشله في اتخاذ إجراءات لتأمين اللقاحات إلى 3 مليارات شخص في البلدان الفقيرة.

وقال أكثر من 300 من كبار العلماء وخبراء الصحة والأكاديميين في رسالة موجهة إلى الحكومة البريطانية إن “إخفاق جونسون في اتخاذ إجراءات كافية لتعزيز مستويات التطعيم في جميع أنحاء العالم يعني أنه من المرجح أن تعرض متحورات فيروس كورونا الجديدة آلاف الأرواح للخطر في جميع أنحاء المملكة المتحدة”.

وأضافوا: “نكتب إليكم كعلماء وأكاديميين وخبراء في الصحة العامة.. نحن قلقون بشأن ظهور متحور أوميكرون والتهديد الذي قد تشكله المتحورات المستقبلية على الصحة العامة وعلى خدمات الهيئة الصحية الوطنية وبرنامج التطعيم في المملكة المتحدة”.

اقرأ أيضا: خسائر الأرواح مستمرة…العثور على جثث مهاجرين قبالة سواحل إسبانيا وإيطاليا

وشدد الخبراء على أن “تلقيح الغالبية العظمى من سكان العالم هو أفضل طريقة لمنع ظهور متحورات من فيروس كوفيد-19. المملكة المتحدة قدمت جرعات معززة لما يصل إلى مليون شخص يوميا، لكن أكثر من 3 مليارات شخص في جميع أنحاء العالم لم يتلقوا جرعتهم الأولى بعد. تم تسليم المزيد من المعززات في البلدان الغنية أكثر من العدد الإجمالي لجميع الجرعات التي تم إعطاؤها حتى الآن في الدول الفقيرة”.

ورأوا أن “السماح لأعداد هائلة من الناس في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بالبقاء غير محصنين هو نهج متهور للصحة العامة يهيئ الظروف التي من المرجح أن تتطور فيها أنواع جديدة من فيروس سارس- CoV-2 المثيرة للقلق”.

كما حثوا “جونسون” على وضع الصحة العامة فوق مصالح صناعة الأدوية لـ”منع عام آخر من عدم اليقين والمأساة” من خلال دعم الجهود الدولية لتعليق قواعد الملكية الفكرية التي تمنع الدول ذات الدخل المنخفض من تصنيع اللقاحات والاختبارات والعلاجات المضادة للفيروس.

Exit mobile version