أخبار القارة الأوروبية – اليونان
يعاني المهاجرون في اليونان من صعوبات جمة من أجل الاندماج بالمجتمع، ورم بذل العديد من المنظمات الحقوقية جهودا لتحسين اوضاعهم إلا أنها تزداد صعوبة يوما بعد آخر.
وبحسب أرقام وزارة الهجرة منحت اليونان حق اللجوء لـ68 ألف شخص خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أما بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين فالشرطة تطاردهم وتنقلهم إلى مخيمات لللاجئين، ويمكنها المساعدة في التسجيل، كما يمكن لبرنامج الإسكان الممول من الاتحاد الأوروبي أن يوفر سكنا لهؤلاء المهاجرين في مدينة يسالونيكي.
سياسة الاندماج..
ورغم تقديم الحكومة اليونانية مساعدات بصور مختلفة إلا أن المنظمات الحقوقية لا تزال قلقة من برامج الدمج، وبحسب “دورثي فاكاليس” رئيس منظمة نعومي الحقوقية المختصة بمساعدة اللاجئين في مدينة سالونيك باليونان، حيث يحصلون على فرصة التخطيط لحياتهم في اليونان، وإرسال أطفالهم إلى المدرسة، ما يساعدهم على الاندماج في المجتمع.
مثل هذه المشاريع هي استثناء في اليونان، وغالباً ما تندرج ضمن القطاع الخاص ففي الواقع لا توجد برامج حكومية لاسيما وأن اللاجئين يشعرون أن السياسة برمتها في اليونان تهدف إلى صدّ اللاجئين.
في الواقع، فإن البلد، الذي يحب جذب السياح بضيافته ليس مكاناً آمناً للاجئين، فقد أظهر بحث نشرته مؤخراً مجلة “دير شبيغل” الإخبارية في هامبورغ ومبادرة الأبحاث الاستقصائية Forensic Architecture أن السلطات اليونانية “تتعامل بعنف عندما يتعلق الأمر بعمليات الصدّ على الحدود بين الدولة الأوروبية وتركيا.
يُحجز المهاجرون في سجون سرية دون طعام أو مراحيض ويتعرضون للضرب، الهدف من ذلك هو منع فرصة التقدم بطلب اللجوء في المقام الأول، ما يعد خرقاً للقانون اليوناني والدولي.
بالنسبة للذين تمكنوا من التقدم بطلب للحصول على اللجوء، فإن وضعهم ليس أفضل من غيرهم، في نهاية أكتوبر /تشرين الأول عام 2021، احتجت 27 منظمة حقوقية في خطاب مفتوح على أن 60 بالمائة من سكان مخيمات اللاجئين في اليونان الذين يمولهم الاتحاد الأوروبي لا تصلهم المساعدات، ومن ضمنهم من رُفضت طلبات لجوئهم وحتى اللاجئين المعترف بهم.
وفق قانون يعود إلى تاريخ مارس/ آذار 2020 في اليونان، لا يحق لهم الحصول على الدعم – ولكن في نفس الوقت يتعين عليهم مغادرة السكن المخصص لطالبي اللجوء.
الوصول إلى أوروبا الغربية
لهذا السبب ينتقل الكثيرون إلى أوروبا الغربية ويتقدمون بطلب للحصول على لجوء ثان هناك – وهو في الواقع أمر غير مقبول.
لكن بسبب الظروف الكارثية التي يعيشها اللاجئون في اليونان، حظرت عدة محاكم ألمانية عمليات إعادة اللاجئين إلى اليونان في عام 2021.
وإذ يجد اللاجئون أنفسهم بلا مأوى، يغادر الآلاف منهم اليونان إلى دول أخرى من الاتحاد الأوروبي، فيسافرون مستخدمين وثائق مؤقتة.
وفي حزيران/يونيو، توجهت بلجيكا وفرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وهولندا وسويسرا إلى المفوضية الأوروبية للاحتجاج على العدد “الكبير” من اللاجئين القادمين من اليونان الذين يقدمون طلب لجوء جديدا.
وفي هذا السياق، طلب أكثر من 17 ألفا من حائزي حق اللجوء في اليونان الحصول على وضع لاجئين في ألمانيا منذ تموز/يوليو 2020، بحسب رسالة جماعية لوزارات الداخلية والهجرة في الدول الست.
ونددت هذه الدول بـ”سوء استخدام فاضح” للجهاز الذي يتيح التنقل داخل منطقة شنغن لمدة 90 يوما، طالبة من المفوضية العمل بالتعاون مع اليونان من أجل تحسين “الظروف المعيشية” للاجئين في هذا البلد وتسهيل اندماجهم.
انتقادات حقوقية..
من جانبها انتقدت منظمة Mobile Info Team التي تتخذ من سالونيك مقراً لها سياسة اللاجئين في أثينا بشدة.
وأدى قانون تم تقديمه في نوفمبر/تشرين الثاني عام2021، إلى استحالة تقديم العديد من المهاجرين طلب اللجوء.
ففي السابق، كان على طالبي اللجوء التواصل مع سلطات اللجوء عبر خدمة الإنترنت “سكايب” كخطوة أولى في التقديم. قد يستغرق الأمر ما يصل إلى 14 شهراً حتى الحصول على موعد مع موظف هناك – وبالتالي الحصول على المساعدة.
جهود المنظمات الحقوقية قد تسفر بالكاد عن توفير عمل للمهاجرين، كما يمكن للمهاجرين الحصول من الدولة اليونانية على أجر عادل وتوفير الحقوق والأوراق.
ويشكو اللاجئون من عدم قدرتهم على إيجاد عمل، حيث يجدون أنفسهم بعد حصولهم على حق اللجوء متروكين لمصيرهم، بدون مسكن ولا طعام في غالب الأحيان لعدم وجود برنامج فعال لدمجهم.
وفي 22 نوفمبر/ تشرين الثاني عام2021، ألغت وزارة الهجرة اليونانية نظام “سكايب”، دون إبلاغ منظمات الإغاثة في البلاد بهذه التغييرات، ومنذ ذلك الحين، لا يمكن لطالبي اللجوء التسجيل سوى عبر مركز Fylakio للاستقبال وتحديد الهوية على الحدود التركية.
إقرأ أيضا: الهجرة الدولية تندد بإعادة مهاجرين قسرا من الحدود اليونانية التركية
“كورينه لينيكار”، الموظفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، كشفت عن أن هذا المكان يصعب أو يستحيل الوصول إليه بالنسبة لغالبية المعنيين وتشتبه في أن الحكومة في أثينا لا يعنيها وصول اللاجئين للإجراءات مضيفة أن: “النظام الجديد يجبر الناس على العيش في مراكز خاصة، ما يعني لا يمكنهم التواصل مع المواطنين اليونانيين – وبالتالي لا توجد لديهم فرصة للاندماج في المجتمع اليوناني .
وقال “سبيروس فلاد إيكونومو” المستشار القانوني للمجلس اليوناني للاجئين إنه: “من الأسهل على الأرجح أن يتدبّر الواحد أمره كطالب لجوء منه كلاجئ”، منتقدا هذه “المفارقة المؤسفة”.
كما عمدت الحكومة المحافظة منذ 2019 إلى الحد تدريجيا من حصول اللاجئين على المساعدة المالية والسكن، معتبرة أن هذه المساعدات تحفّز الهجرة.
مشكلة السكن
وفي حزيران/يونيو 2020 وضعت الوزارة حدا لبرنامج إسكان موّله الاتحاد الأوروبي كان يستفيد منه أكثر من 6500 لاجئ.
وقبيل ذلك، صدر قانون أمر اللاجئين بمغادرة المخيمات المكتظة لتحسين الظروف المعيشية لطالبي اللجوء.
وطال هذان الإجراءان حوالى 9500 شخص، بحسب ببيان صادر عن مركز ديوتيما ويحمل توقيع 61 جمعية أخرى.
وتدفق العديد من اللاجئين إلى أثينا على أمل الحصول على مساعدة إسكان، لكن عددا كبيرا منهم يعيشون في الشارع أو في أماكن مهجورة، فيما بقي البعض في المخيمات.
يذكر أنه يعيش حوالى 500 لاجئ في مخيم إيليوناس قرب اثينا، الذي من المقرّر إغلاقه هذه السنة.
واتهمت 26 منظمة غير حكومية في تشرين الأول/أكتوبر السلطات اليونانية بترك المقيمين في المخيمات بدون مواد غذائية.
وقالت المنظمات متحدثة عن وضع المخيمات في البر اليوناني “نقدر أن حوالى 60% من السكان المقيمين في المخيمات لا يتلقون طعاما”.
وردت وزارة اللجوء والهجرة أنه من المقترض ألا يقيم اللاجئون في هذه المخيمات، لكنها ادعت أنهم يحظون بـ”الحقوق ذاتها” كالمواطنين اليونان ويمكنهم التقدم لوظائف والاستفادة من ضمان صحي، غير أن الوضع على الأرض مختلف تماما، بحسب الكثير من الشهادات.
وشكا عدة لاجئين من أن الحصول على تأمين صحي أو مقر إقامة ضريبي يمكن أن يستغرق عدة أشهر، ومن شبه المستحيل تعلم اليونانية والعمل في الوقت نفسه.
ويعرض برنامج “إيليوس” الذي تم اعتماده بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية، ستة أشهر من دروس الاندماج ومساعدة سكنية محدودة.
لكن هذا البرنامج يقتصر على اللاجئين الذين حصلوا على حق اللجوء بعد 2018 أو يعيشون في مساكن قدمتها الدولة.
ويتلقى أقل من 1700 شخص اليوم مساعدة مالية من هذا البرنامج، وثمة 600 شخص فقط مسجلين في صفوف الاندماج.
وتعمل أثينا على تطوير خطة جديدة لدمج اللاجئين، حيث عرضت المفوضية السامية لللاجئين في كانون الأول/أكتوبر تقديم “مساعدة فنية” لتسهيل الإجراءات الإدارية، بحسب لويز دونوفان.
مساعدة وزير الهجرة اليونانية “صوفيا فولتيبسي” أوضحت أن الحكومة اليونانية تعتزم “فتح إيليوس أمام المزيد من المشاركين” مع التركيز أكثر على التدريب المهني للاجئين.
Comments 1