“توماس هوبز”.. أشهر فلاسفة القرن السابع عشر في إنجلترا

"توماس هوبز".. أشهر فلاسفة القرن السابع عشر في إنجلترا

أخبار القارة الأوروبية – بورتريه

يعد “توماس هوبز” أحد أكبر فلاسفة القرن السابع عشر بإنجلترا وأكثرهم شهرة خصوصا في المجال القانوني حيث كان بالإضافة إلى اشتغاله بالفلسفة والأخلاق والتاريخ، فقيها قانونيا ساهم بشكل كبير في بلورة كثير من الأطروحات التي تميز بها هذا القرن على المستوى السياسي والحقوقي.

مولده ونشأته

ولد “هوبز” في 5 أبريل 1588  في ويستبورت، التي هي الآن جزء من ميلمزبيري في ويلتشير في إنجلترا، كان يبدو في الجامعة أن هوبز يتبع منهجًا تعليميًا خاصًا به، ولم يكن منجذبًا كثيرًا بالتعليم الدراسي”. ولم يكمل شهادة الليسانس حتى عام 1608؛ ولكن أوصى به سير “جيمس هيوسي”، لدى أستاذه في مجدلاين، ليكون معلمًا لابنه “ويليام كافيديش بارون هاردويك” (وأصبح لاحقًا إير ديفونشير) وبدأ علاقة طويلة الأمد مع هذه العائلة.

اهتمام “هوبز” بالفيزياء

كان اهتمام “هوبز” الدراسي الأول دراسة فلسفات فيزياء الحركة والزخم الفيزيائي، ورغم اهتمامه بهذه الظواهر، إلا أنه لم يحبذ الأعمال التجريبية كتلك الفيزيائية، ثم أمضى قدما في فهم النظام الفكري الذي كرس للاستفاضة فيه معظم حياته.

كان بداية مخطط “هوبز”  أن يؤلف بحثا منفصلا عن مبادئ الأجسام، وتبيين كيف أن تفسير الظواهر الفيزيائية من حيث حركتها ممكن، وذلك وفق الفهم السائد حينها حول الحركة وميكانيكيتها، ميز “هوبز” حينئذ الإنسان عن الطبيعة والنباتات، وفي مؤلف آخر له، قام بتوضيع الحركات الفيزيائية المحددة التي تتدخل في الظواهر الفريدة من الإحساس، المعرفة، العاطفة، والشغف، والتي وفقها تتكون العلاقات بين إنسان وآخر، وأخيرا، أوضح في مؤلفه الأهم ما يحرك الإنسان للانخراط في المجتمع، وجادل بأن ذلك واجب التنظيم لتفادي وقوع الإنسان في الوحشية والبؤس. وبذلك فقد اقترح توحيد ظواهر الجسم، الإنسان، والدولة معا.

كما عرف بمساهمته في التأسيس لكثير من المفاهيم التي لعبت دورا كبيرا ليس فقط على مستوى النظرية السياسية بل كذلك على مستوى الفعل والتطبيق في كثير من البلدان وعلى رأسها مفهوم العقد الاجتماعي . كذلك يعتبر هوبز من الفلاسفة الذين وظفوا مفهوم الحق الطبيعي في تفسيرهم لكثير من القضايا المطروحة في عصرهم.

لقد وضع كتاب “هوبز” الصادر عام 1651 تحت اسم لوياثان الأساس لمعظم الفلسفة السياسية الغربية من منظور نظرية العقد الاجتماعي.

“هوبز” يناصر الملكية المطلقة

لقد كان “هوبز” مناصرًا للملكية المطلقة، ولكنه قام أيضًا بتطوير بعض أساسيات الفكر الليبرالي: الأوروبي: حق الفرد والمساواة الطبيعية بين جميع البشر والشخصية الاعتبارية للنظام السياسي (التي أدت لاحقًا إلى التمييز بين المجتمع المدني والدولة)؛ وهو أيضًا صاحب رأي أن جميع القوى السياسية الشرعية يجب أن تكون “ممثلة” وقائمة على قبول الشعب؛ والتفسير الحر للقانون الذي يمنح الناس حرية فعل ما لم ينص القانون على تجريمه صراحةً.

لقد كان “هوبز” أحد مؤسسي فلسفة السياسة الحديثة، ولقد ظل فهمه للبشر باعتبارهم مادة وحركة تنفذ نفس القوانين المادية مثل أية مادة وحركة أخرى ذات تأثير كبير؛ ويظل اعتباره للطبيعة البشرية باعتبارها تعاونًا مركزه الذات وللمجتمعات السياسية باعتبارها قائمة على “العقد الاجتماعي” أحد أهم الموضوعات في الفلسفة السياسية.

إقرأ أيضا: إيمانويل كانت.. آخر فلاسفة عصر التنوير

ولقد ساهم “هوبز” أيضًا، إلى جانب الفلسفة السياسية، في عدد متنوع من المجالات الأخرى، من بينها التاريخ والهندسة وفيزياء الغازات والإلهيات والأخلاق والفلسفة العامة.

تأثر “هوبز”  بالأفكار العلمية المعاصرة، وقصد من نظريته السياسية أن تكون نظامًا شبه هندسي، توصل فيها إلى الاستنتاجات الحتمية من الفرضيات.

 الاستنتاج العملي الرئيسي لنظرية “هوبز” السياسية هو: أن الدولة أو المجتمع لا يمكن أن يكونا آمنين إلا تحت التصرف المطلق للحاكم، من هذا يتبع الرأي القائل بأنه لا يمكن لأي فرد أن يحمل حقوق الملكية ضد الحاكم، وبناءً عليه قد يأخذ الحاكم البضائع من رعاياه دون موافقتهم، تكمن أهمية وجهة النظر هذه كونها طوِرت لأول مرة في ثلاثينيات القرن الماضي عندما سعى “تشارلز الأول” إلى زيادة الإيرادات من رعاياه دون موافقة البرلمان.

اللفياثان

في كتاب اللفياثان، عرض “هوبز” مذهبه حول أساس الدول والحكومات الشرعية وخلق علم موضوعي للأخلاق. يشرح جزء كبير من الكتاب ضرورة وجود سلطة مركزية قوية لتجنب شر الشقاق والحرب الأهلية.

بدايةً من الفهم الآلي للبشر وشغفهم، يفترض “هوبز” كيف ستبدو الحياة بدون حكومة، وهي حالة يسميها حالة الطبيعة، يملك كل شخص في تلك الحالة الحق، أو الترخيص، لكل شيء في العالم.

اتهام “هوبز” بالإلحاد

اتهِم “هوبز” بالإلحاد من العديد من المعاصرين، واتهمه برمهال بتعاليم يمكن أن تؤدي إلى الإلحاد.

كان هذا اتهامًا كبيرًا، وكتب “هوبز” في إجابته على مقال برمهال بعنوان «القبض على لفياثان»، بأن «الإلحاد، والعقوق، وما شابهها هي كلمات لأكبر قدر من الافتراء»،  ودافع “هوبز” دائمًا عن نفسه من هذه الاتهامات، وتوفي “هوبز” في 4 ديسمبر عام 1679 في ديربيشاير بإنجلترا.

Exit mobile version