تداعيات الحرب الأوكرانية تزيد معاناة الجالية العربية في فرنسا

تداعيات الحرب الأوكرانية تزيد معاناة الجالية العربية في فرنسا

أخبار القارة الأوروبية – فرنسا

ألقت الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا بظلالها على قدرة الجاليات العربية المقيمة بالدول العربية على شراء ما يحتاجونه من غذاء يكفل لهم الحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم التي جلبوها معهم من بلادهم الأصلية خاصة في فرنسا.

فالجاليات العربية تحاول خلال شهر رمضان أن تحافظ على تقاليد بلدانها، من خلال تحضير أشهر الأطباق التقليدية المعروفة، إلا أن الحرب الأوكرانية وتداعياتها السلبية على أسعار المواد الغذائية قد أثر على هؤلاء وحرمهم من أطعمة كانوا يحرصون على إعدادها في الشهر الفضيل.

الحرب تسببت في ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض القدرة الشرائية في معظم دول العالم، وبات على الجالية المحسوبة على الطبقة الوسطى أو الفقيرة أن تغير من سلوكها في الأكل والشرب والتعامل مع مصادر الطاقة.

المواد الغذائية..

أسعار معظم المواد الغذائية الأساسية في فرنسا شهدت ارتفاعا كبيرا، بعد أن وصل ثمن اللتر الواحد للزيت النباتي أكثر من 2.5 يورو، كما تعدى ثمن كيلو الطماطم أربعة يوروهات.

أزمة غذاء تواجه مسلمي بريطانيا في رمضان

بعض العرب تخلوا عن سياراتهم الخاصة وعادوا لركوب الحافلة بسبب انخفاض دخلهم، لا سيما في ظل ارتفاع إيجارات المنازل وفواتير الماء والكهرباء وضرائب السيارة وثمن البنزين الذي وصل إلى 2 يورو للتر الواحد.

تقليص النفقات..

العربي الذي يعيش في أوروبا بات يدخل الأسواق التجارية فيها ليخرج بعربة أقل امتلاء وفاتورة تثقل الكاهل.

ورغم محاولات الدول الأوروبية المتأثرة بالأزمة تجنب الغلاء والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، إلا أنه ومع دخول اليوم الأول من رمضان، اختفت من الأسواق التجارية الكبرى عبوات زيت المائدة المستخدمة على نطاق واسع في هذا الشهر، وقلت بشكل كبير أكياس الدقيق، فيما عرفت أسعار اللحوم موجة غلاء ملحوظة، فبعدما كانت أثمانها تبدأ من 7 يورو، بات سعرها يتعدى العشرة يورو.

ومع زيادة مصاريف النقل وغلاء الأعلاف ارتفعت أسعار اللحوم، ما جعل الكثير من المسلمين في أوروبا لا يشترون اللحم بكميات كبيرة بل يكتفون ببعض الغرامات لإضفاء اللذة على أطباقهم فقط دون أن تشبع معدتهم”.

غلاء الأسعار جعل الكثير من الأسر تتخلى عن عادات التجمع وتنظيم إفطار جماعي بسبب غلاء الأسعار.

القدرة الشرائية والانتخابات..

وعليه باتت القدرة الشرائية من الموضوعات المثيرة للجدل في الحملة الانتخابية الرئاسية في فرنسا، فالمهاجرون مثلهم مثل الفرنسيين من الطبقة الوسطى والفقيرة، يعانون من زيادة أسعار مصادر الطاقة والمنتجات الغذائية الأساسية.

ويقر المحلل الاقتصادي، “كميل ساري”، أن “هذا اللهيب في الأسعار لم يبدأ مع انطلاق الحرب في أوكرانيا، بل لوحظ مع نهاية الحجر الصحي وتعطل الإمدادات من المواد الاساسية، سواء كانت زراعية أو صناعية. ولهذا قامت الدولة الفرنسية قبل نهاية العام الماضي بمنح 100 يورو للمواطنين ذوي الدخل المحدود، لكنها لم تكن كافية لتغطية المصاريف الإضافية”.

“ساري” بين أن “دراسات حديثة تفيد بأن الاستهلاك المفرط في شهر رمضان لبعض المواد الأساسية من طرف المهاجرين ساهم في اختفاء بعض المواد كالزيت والقمح من الأسواق وارتفاع أسعار أخرى، خاصة الطماطم التي قارب ثمنها ستة يورو. وأمام هذا الاستهلاك الكبير وارتفاع الطلب، يغتنم التجار الفرصة ويزيدون في الأسعار”.

قبل أيام من الانتخابات الفرنسية..كيف تتوزع أصوات المهاجرين العرب والمسلمين ؟

وتوقع المحلل الاقتصادي أن لا تستقر الأسعار على المستوى الحالي، بل ستعرف المزيد من الارتفاع لأن: “الحرب في أوكرانيا لن تنتهي على المدى القصير وخزانات الدول الاوروبية من المواد الأساسية المستوردة ستنفد، وستبحث أوروبا عن استيرادها من دول أخرى. لكن مع مقاطعة عالمية للبنوك الروسية وصعوبة تأمين البواخر القادمة من روسيا، والعقوبات الدولية المستمرة ضد موسكو قد يبدو الأمر صعبا بعض الشيء”.

ورغم وعود “ماكرون” الانتخابية بضخ 30 في المئة من ميزانية الدولة لدعم القدرة الشرائية للمواطنين، لا يرى ساري أنه وعد قابل للتحقيق في ظل مديونية الدولة الكبيرة التي تتعدى 120 في المئة من الناتج الداخلي المحلي.

وفي غياب أي دعم إضافي، يرى الخبير الاقتصادي أن “العديد من المهاجرين العرب الذين في معظمهم يعملون بمهن بسيطة مع بعض الاستثناءات، ولا يملكون منازلهم الخاصة، وإنما يعيش معظمهم في منازل مستأجرة قد تكلفهم أكثر من 40 في المئة من دخلهم الشهري، ويستفيدون من مساعدات الدولة، قد يكونون من أكبر المتضررين”.

الغزو الروسي..

السبب الرئيس لارتفاع أسعار الغذاء في فرنسا والعديد من الدول هو كون روسيا وأوكرانيا من أكثر الدول الزراعية المصدرة للغذاء.

أحدث إحصائيات نشرتها منظمة الغذاء والزراعة، تبين الدور الحاسم الذي تلعبه روسيا وأوكرانيا في الزراعة العالمية من خلال منظور التجارة الدولية.

ويعتبر كلا البلدين مصدرين رئيسيين للمنتجات الزراعية، وكلاهما يلعب دورًا رائدًا في إمداد الأسواق العالمية بالمواد الغذائية، التي من أجلها غالبًا ما تتركز الإمدادات القابلة للتصدير في مجموعة من الدول، مما يعرض هذه الأسواق لزيادة التعرض للصدمات والتقلبات.

على سبيل المثال، في قطاع القمح والميسلىن، من بين أكبر سبعة مصدرين، شكلت روسيا مجتمعة 79% من التجارة الدولية في عام 2021، وتحتل المرتبة الأولى كالمُصدر العالمي للقمح، يشحن ما يقرب مجموعه 32.9 مليون طن من القمح والميسلين، أو ما يعادل %18 من حصة الشحنات العالمية.

في المقابل، تُصنّف أوكرانيا كسادس أكبر مصدر للقمح في 2021، حيث بلغت صادراتها 20 مليون طن من القمح والمسلمين وبلغت حصتها من السوق العالمي نسبة %10.

كما برز البلدان في ساحة التجارة العالمية للذرة والشعير وبذور اللفت، وأكثر من ذلك في قطاع زيت عباد الشمس، حيث بلغت قواعد إنتاجهما الكبيرة حصة مجمعة من سوق الصادرات العالمية بما يقرب %63.

هذا الكم الهائل من الإنتاج الغذائي والذي تأثر بالحرب خلف وراءه ضغوطات اقتصادية على الدول حول العالم وازمات في سلاسل التوريد للسلع المختلفة، ومنها بريطانيا الي يتوقع أن تنخفض مبيعات نصف شركاتها خلال اشهر وفقا لاستطلاع اجراه بنك إنجلترا.

Exit mobile version