الانتخابات الفرنسية وتطبيع العلاقات مع نظام الأسد

الانتخابات الفرنسية وتطبيع العلاقات مع نظام الأسد

أخبار القارة الأوروبية – تقارير

تسعى المرشحة للانتخابات الرئاسية الفرنسية “ماريان لوبان” زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف لترميم علاقات فرنسا مع نظام الأسد في سوريا حال فوزها بالانتخابات الرئاسية، وهو ما قد يكون له تأثيره على عملية التصويت.

فمنذ شهرين فقط، فتح مكتب المدعي العام في باريس تحقيقاً أولياً استهدف جمعية SOS Chrétiens   d’Orient  بتهمة “التواطؤ في جرائم حرب”، بعد أن كشف تحقيق صحفي أجراه موقع “ميديابارت” في أيلول/سبتمبر 2020، عن أن المنظمة غير الحكومية أقامت شراكات مع عدد من الميليشيات السورية الداعمة لــ”بشار الأسد” المتهمين بارتكاب جرائم حرب في سوريا.

ومع تصاعد الحملات الدعائية للانتخابات الفرنسية قبيل انطلاق جولتها الثانية في الرابع والعشرين من شهر نيسان الحالي، بدأ كل من المرشحين، الرئيس المنتهية ولايته “إيمانويل ماكرون”، وخصمه “مارين لوبان” بالتركيز على بعض أوراق السياسة الخارجية خلال مؤتمراتهم الصحفية.

 العلاقات مع نظام الأسد..

“مارين لوبان” دعت مؤخرا إلى استئناف العلاقات مع “الأسد”، إذا ما وصلت إلى سدة الحكم في فرنسا، وهي خطوة رفضها الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته “إيمانويل ماكرون”.

فخلال مؤتمر صحفي يوم الأربعاء الماضي 13 نيسان/أبريل، تحدثت “لوبان” لمدة 45 دقيقة عن رؤيتها للسياسة الخارجية الفرنسية، ولم تخف نيتها التعاون مع الرئيس السوري، الذي تمكن من الحفاظ على منصبه بفضل الدعم المستمر من نظيره الروسي “فلاديمير بوتين”.

“لوبان” اعترفت بأنها طالبت بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا وسوريا، مؤكدة:  “شعرت بالأسف لانقطاع (العلاقات)، الأمر الذي جعلنا نصاب بالعمى لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب الإسلامي ربما في أخطر لحظة كانت تمر بها البلاد”.

وتتبنى “لوبان” وجهة نظر النظام الحاكم في سوريا والذي يروج لنفسه أنه يحمي الدولة ضد الإرهاب، وهو ما شدد عليه الأسد في خطاباته منذ أولى المظاهرات التي نادت بالحرية وطالبت بإسقاط النظام في عام 2011. وبعد مرور 11 عاما، لا يزال الأسد الابن يحكم البلاد، دون أن تكون له علاقات دبلوماسية علنية مع أي من الدول الأوروبية.

الانتخابات الفرنسية.. فوز “لوبان” قد يغير خريطة الاتحاد الأوروبي

لكن تصريحات “لوبان” تغض النظر عن اتهامات “بشار الأسد” بارتكابه جرائم حرب، وأنه هو من أطلق سراح مجموعة من الإسلاميين المتطرفين للترويج لنظريته المتمثلة بأنه “حامي الوطن” من الإرهاب.

التطبيع مع الأسد..

وفي مقابل ذلك يرفض الرئيس “ماكرون”، ومن خلفه الاتحاد الأوروبي بشكل قطعي التطبيع مع “الأسد” وحكومته ما لم يتم التوصل لاتفاق سياسي كامل ينهي الأزمة السورية، عدا عن اتهامات الاتحاد الأوروبي وعلى رأسه فرنسا للأسد بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الشعب السوري.

لكن جزءا من خطاب اليمين المتطرف الأوروبي ومنه الفرنسي يعتبر أن حكومة “الأسد” تحارب التطرف الإسلامي والإرهاب وتحمي الأقليات”، فــ”لوبان” تعتبر أن بقاء “الأسد”” في السلطة قد يكون “الخيار الأقل سوءا” لإنهاء “الحرب الأهلية” في البلاد، ووقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا.

الأسد والتيارات اليمينية المتطرفة..

موقف “مارين لوبان” يتوافق تماما مع رؤية اليمين المتطرف عموما تجاه سوريا، إذ يلقى الرئيس السوري تأييدا من العديد من الجماعات اليمينية المتطرفة الأمريكية والأوروبية.

تقارير صحفية تشير إلى أن “بشار الأسد” جذب التيارات اليمينية المتطرفة في الغرب، إلى أن أصبح أحد رموزها.

 إذ تتمثل وجهة النظر الغربية اليمينية المتطرفة فيما يتعلق بسوريا، بوجود سلطة تفرض النظام والاستقرار على الشعب، وتحول “الأسد” إلى شخصية نموذجية “ضمن هذا الخيال الجماعي”.

لم يقتصر تأييد اليمين المتطرف للرئيس السوري على تصريحات إعلامية فحسب، بل ذهب سياسيون وأعضاء في حزب “التجمع الوطني” إلى دمشق للقاء الأسد على مر الأعوام الماضية.

وكان “تيري مارياني”، المقرب من “مارين لوبان” والمستشار الإقليمي في حزبها “التجمع الوطني” وعضو البرلمان الأوروبي، التقى ببشار الأسد أكثر من ست مرات خلال الأعوام العشر الماضية، برفقة أعضاء وناشطين من اليمين المتطرف، مثل السياسي “نيكولا باي” الذي انضم إلى حزب “الاسترداد” اليميني المتطرف لدعم “إريك زيمور” خلال الدورة الأولى من انتخابات هذا العام، وقد التقى مع “مارياني” بالأسد عام 2019.

ولم يخف “مارياني” هذه الزيارات، واستغل الفرصة لنشر صور تظهر “جمال مدينة دمشق” ويمدح النظام السوري في تغريدات عدة، داعيا إلى إحياء العلاقات معه، دون أن يغفل ذكر مسيحي الشرق الأوسط وأهمية حماية هذه الأقليات.

“مارياني” مقرب أيضا من “تشارلز دي ماير” (Charles de Meyer) والذي عينه كمساعد برلماني له. ويترأس “دي ماير” جمعية مسيحيو الشرق الأوسط ” SOS Chrétiens d’Orient” التي تنشط في سوريا ولبنان والعراق والأردن ومصر.

ويتولى منصب المدير العام للجمعية “بنجامين بلانشارد (Benjamin Blanchard)” ، وهو مساعد برلماني في حزب “الجبهة الوطنية”، كما يدير “دي ماير” برنامجا إذاعيا يقدمه “بلانشارد” في إذاعة كورتوايز، المصنفة كيمين متطرف.

ويعتبر رفض إعادة العلاقات الديبلوماسية “التطبيع” مع “بشار الأسد” سياسة توافق عليها دول الاتحاد الأوروبي، وتعتبرها نهجا مشتركا فيما بينها حول السياسة الخارجية. ويبدو تأثير عزم لوبان إعادة تطبيع العلاقات مع “الأسد” على نتائج الانتخابات، متوازيا مع المشاكل الأخرى التي باتت تواجهها “لوبان، وبالتالي فإن “لوبان” حتى لو فكرت لوبان جديا بإعادة العلاقات مع “الأسد”، فلا يمكنها أن تتجاوز أو تخرج عن الإجماع الأوروبي الرافض لعودة العلاقات معه، لكن ذلك قد لا يعني شيء أصلا للأوربيين، لأن حزب الجبهة الوطنية التي تقوده في الأصل ضد الاتحاد الأوروبي.

كما أن محاولا التطبيع مع الأسد قد يعزز من اتجاه الجالية المسلمة والفرنسيين من أصول عربية للتصويت لحساب “ماكرون” الذي تبدو حظوظه أوفر في الاستمرار في قصر الإليزيه لفترة رئاسية جديدة.

يذكر إلى أن “لوبان” تواجه “ماكرون” في الجولة الثانية من الانتخابات المقررة في 24 نيسان/أبريل الحالي، وسط استطلاعات للرأي تشير إلى أن ماكرون هو الأوفر حظا في الفوز بالانتخابات، حيث كان قد حصل في الجولة الأولى على على 27,85 بالمئة من الأصوات.

Exit mobile version