العنصرية تتغلغل في المجتمع الألماني والأوكرانيون مثال صارخ

العنصرية تتغلغل في المجتمع الألماني والأوكرانيون مثال صارخ

العنصرية تتغلغل في المجتمع الألماني والأوكرانيون مثال صارخ

أخبار القارة الأوروبية – تقارير

باتت العنصرية واحدة من آفات المجتمع الألماني ويغذيها اليمين المتطرف الذي نما في البلاد وفي كل القارة الأوروبية، فيما تسبب تدفق اللاجئين الأوكرانيين في زيادة الشعور بالتمييز العنصري في ألمانيا.

الحديث عن الازدواجية في التعامل مع اللاجئين ليس أمرا جديدا، فمنذ بداية أزمة اللجوء جراء الحرب بأوكرانيا، يتحدث كثر عن تفاوت إشارات وعلامات الترحيب باللاجئين الجدد، مقارنة بما كان يحدث مع اللاجئين الأفغان أو السوريين قبل ذلك، لكن ما يفاقم هذه المشكلة هو الشعور بأن العنصرية باتت تأخذ طابعا رسميا في سياسات السلطات الألمانية وتصريحات مسؤوليها.

الأوكرانيون محل الأفغان..

مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، كانت قد فجرت قبل أيام قضية إجلاء مئات اللاجئين الأفغان من أماكن الإقامة التي اعتادوا عليها منذ الوصول إلى ألمانيا، الصيف الماضي، لصالح اللاجئين الأوكرانيين الذين وصلوا البلاد منذ نهاية فبراير/شباط الماضي.

ووفق المجلة، فإن إدارة الاندماج والعمل والخدمات الاجتماعية في ولاية برلين، اتخذت هذا القرار، بحجة أنه “يستند إلى اعتبارات ضرورية وصعبة من الناحية التشغيلية”، وأنه لا يوجد بديل لأن الأوكرانيين، بما في ذلك العديد من النساء والأطفال، يحتاجون إلى “سقف وسرير”. 

ونقلت المجلة عن “ستيفان شتراوس”، المسؤول الصحفي في إدارة الاندماج، قوله: “نأسف لأن هذا تسبب في صعوبات إضافية للعائلات الأفغانية، وأن الأشخاص المتضررين اضطروا إلى الخروج من محيطهم المألوف وربما يتعين عليهم الآن مواكبة علاقاتهم الاجتماعية بصعوبة كبيرة”.

تصريحات رسمية عنصرية..

وسط أنباء تفيد بطرد عشرات من اللاجئين الأفغان من منازلهم في ألمانيا، ليحلّ مكانهم اللاجئون الأوكرانيون، خرجت مديرة مفوضية اللاجئين في ولاية بفاريا الألمانية لتثير جدلا واسعا على الصعيد المحلي وفي منصات التواصل الاجتماعي، بشأن اللاجئين الأوكرانيين والأفغان ، وسط مطالبات باستقالتها.

ألمانيا: اللاجئون الأوكرانيون لن يحتاجوا إلى الخضوع لإجراءات اللجوء

“جوردون بريندل فيشر” مديرة مفوضية اللاجئين في ألمانيا قالت في بيان صحفي في 19 أبريل/نيسان، إنه يجب تقديم أولوية دروس اللغة للاجئين الأوكرانيين بشكل عاجل، وتفضيلهم على اللاجئين العرب والأفغان، بداعي أنهم قادرون على الاندماج على نحو أسرع مع المجتمع الألماني، مضيفة أن اللاجئين الأوكرانيين: “لا يطبخون على الأرض ويعرفون استخدام الغسالة من دون عناء تعليمهم، وذلك يجعلهم من وجهة نظرها متحضرين أكثر من غيرهم”.

تصريحات “بريندل” التي أثارت ضجة واسعة دفعت المجلس البافاري للاجئين للمطالبة باستقالتها متهما إياها بأنها تشجع التفكير العنصري، بينما انتقد الحزب الاشتراكي الديمقراطي تصريحات مديرة مفوضية اللاجئين وطالب أيضا بإقالتها معتبرا أنها تؤجج الخطاب العنصري.

لكن تصريحات “بريندل” تعكس حالة من العنصرية يعيشها المجتمع الألماني فللمرة الأولى ترجمت الحكومة الألمانية العنصرية إلى أرقام من خلال دراسة أظهرت إعتقاد الأغلبية بوجود العنصرية في ألمانيا، لكن الاختلاف بدا واضحا في تعريف حدود هذه العنصرية.

اعتمدت الدراسة على تعريف محدد للـ”عنصرية” كأيدلوجية وممارسة اجتماعية يتم من خلالها تقسيم الناس لمجموعات مختلفة وفقا لمواصفات خارجية وربطهم بصفات عامة وغير متغيرة. صورة أرشيفية

الدراسة اظهرت أن 45 بالمئة من سكان ألمانيا عايشوا مرة واحدة بشكل شخصي حوادث عنصرية، في حين قال نحو 22 بالمئة إنهم تعرضوا شخصيا لحوادث عنصرية.

احصائيات ونسب..

وبعيدا عن الحوادث الشخصية وافقت نسبة 90 بالمئة من الناس في ألمانيا على مقولة إن “ألمانيا بها عنصرية”.

الدراسة أظهرت التي تم استعراض نتائجها في برلين اليوم الخميس (5 أيار/مايو 2022)، أن الشباب كانوا أكثر عرضة للتجارب العنصرية المباشرة مقارنة بكبار السن.

واعتمدت الدراسة التي أجراها المركز الألماني لأبحاث الهجرة والاندماج، على استطلاعات للرأي لمختلف الفئات العمرية اعتبارا من 14 عاما بالإضافة إلى التركيز على ستة من الأقليات وهم أصحاب البشرة الداكنة والمنحدرين من أصول مسلمة وآسيوية ويهودية بالإضافة إلى المنحدرين من أوروبا الشرقية وطائفتي السينتي والروما.

وبشكل عام قال 58 بالمئة من المنتمين لهذه الفئات، إنهم تعرضوا لمرة واحدة على الأقل لحوادث عنصرية، وبلغت النسبة نحو 73 بالمئة في المرحلة العمرية بين 14 و24 عاما و24 بالمئة تقريبا في الفئة العمرية الأكبر من 65 عاما.

وكشفت إجابات المشاركين في الدراسة من الحاصلين على درجات تعليمية مرتفعة، أن التعرض للعنصرية لا يرتبط بما يطلق عليه “الاندماج الناجح”، كما أشارت نايكا فروتان، مديرة المركز.

من جهتها قالت مفوضة الحكومة الألمانية لشؤون الاندماج، “ريم العبلي”: ” لعقود طويلة تم السكوت عن موضوع العنصرية أو نفيها، وهو أمر نلمس تبعاته حتى اليوم”.

ألمانيا والدورس المستفادة من موجة لجوء السوريين في العام 2015

واعتمدت الدراسة على تعريف محدد للـ”عنصرية” كأيدلوجية وممارسة اجتماعية يتم من خلالها تقسيم الناس لمجموعات مختلفة وفقا لمواصفات خارجية وربطهم بصفات عامة وغير متغيرة.

كما يعتقد 9%  فقط من المشاركين في الدراسة أن بعض المجموعات العرقية أو الشعوب تتميز بذكاء أكبر من غيرها، إلا أن نحو ثلث المشاركين تقريبا قالوا إنهم يعتقدوا أن بعض المجموعات العرقية أو الشعوب “تتميز باجتهاد فطري” أكثر من غيرها.

وخلصت الدراسة إلى أن انتقاد العنصرية يتم تبريره غالبا بـ”الحساسية المفرطة” لمن يشتكي من العنصرية، إذ أعرب ثلث المشاركين في الدراسة عن اعتقادهم بأن الأشخاص الذين يشكون من العنصرية “لديهم حساسية مفرطة غالبا”.

مجاملات عنصرية..

وأشارت نتائج الدراسة إلى أن واحدا من كل أربعة أشخاص في ألمانيا يعرف تماما أن بعض العبارات المقصود بها المجاملة، يمكن أن تفهم كعنصرية، وأشارت الدراسة هنا إلى الجملة التقليدية التي يعرفها الكثير من الأجانب في ألمانيا وهي “لكنك تتحدث الألمانية بشكل جيد جدا”.

وفي الوقت الذي قال فيه أكثر من نصف المشاركين في الدراسة، إن إطلاق النكات اعتمادا على أحكام مسبقة مرتبطة بمجموعات دينية أو عرقية، يندرج تحت تعريف العنصرية، لكن الآراء اختلفت في تحديد هذه “النكات المرتبطة بأحكام مسبقة”.

ورد 47 بالمئة على عبارات عنصرية في الحياة اليومية خلال السنوات الخمس الأخيرة، أعرب نحو نصف المشاركين في الدراسة عن اعتقادهم بأن “الاتهامات العنصرية والصوابية السياسية” تحدٍّ لحرية الرأي.

Exit mobile version