“موريس ميرلوبونتي”.. الفرنسي الذي بحث دور المحسوس والجسد في التجربة الإنسانية

"موريس ميرلوبونتي"... الفرنسي الذي بحث دور المحسوس والجسد في التجربة الإنسانية

موريس ميرلوبونتي... الفرنسي الذي بحث دور المحسوس والجسد في التجربة الإنسانية

أخبار القارة الأوروبية – بورتريه

“موريس ميرلوبونتي” هو فيلسوف فرنسي وجه اهتمامه نحو البحث في دور المحسوس والجسد في التجربة الإنسانية بوجه عام وفي المعرفة بوجه خاص، من أهم كتبه بنية السلوك (1942 م) وفينومينولوجيا الإدراك (1945).

وُلد “موريس ميرلوبونتي” في روشفور بإقليم شارنت ماريتيم بفرنسا في 14 مارس عام 1908، توفي والده عام 1913 عندما كان عمره خمسة أعوام.

 بعد دراسة التعليم الثانوي في مدرسة لويس الكبير الثانوية، أصبح “ميرلو بونتي” طالبًا في المدرسة العليا للأساتذة، حيث درس إلى جانب “جان بول سارتر” و”سيمون دو بوفوار” و”سيمون فايل وجان هيبوليت”.

نشأنه..

ارتاد “بونتي” محاضرات هوسرل في باريس في فبرار 1929، في عام 1929، نال “بونتي” درجة دبلوم الدراسات العليا (تُعادل تقريبًا درجة الماجستير في الفنون) من جامعة باريس، بناءً على أطروحة (المفقودة حاليًا) فكرة أفلوطين عن الفهم المتعدد التي أشرف عليها إميل برهييه. اجتاز بونتي الاختبار التجميعي في الفلسفة عام 1930.

 تربى “بونتي” بصفته كاثوليكيًا لكنه ترك الكنيسة في مرحلة ما من ثلاثينيات القرن العشرين لأنه شعر أن سياساته الاشتراكية لا تتوافق مع التعاليم السياسية والاجتماعية للكنيسة الكاثوليكية.

صنعت مقالة نُشرت في أكتوبر 2014 في صحيفة لوموند قضيةً حول الاكتشافات الحديثة التي تقول إن “بونتي” هو المؤلف الأكثر احتمالًا لراوية الشمال.

 قصة عن القطب الشمالي (منشورات غراسيت 1928). بدا أن المصادر المجتمعة من الأصدقاء المقربين (بوفوار وإليزابيث زازا لاكوان) تركت قليلًا من الشك أن جاك هيلير هو اسم مستعار لميرلو بونتي ذو العشرين عامًا.

درّس “بونتي” أولًا في مدرسة بوفيه الثانوية (1931-1933) وحصل بعدها على زمالة للقيام بأبحاث من الصندوق الوطني للبحث العلمي. بين عامي 1934-1935 درّس “بونتي” في مدرسة شارت الثانوية.

أصبح بعد ذلك عام 1935 مدرسًا في المدرسة العليا للأساتذة، حيث نال درجة الدكتوراه بناءً على كتابين مهمين: بنية السلوك (1942) وفينومينولوجيا الإدراك (1945).

بعد التدريس في جامعة ليون بين عامي 1945 و1948، حاضر “ميرلو بونتي” في سايكولوجيا وتعليم الطفل في السوربون بين عامي 1949 و1952.

“أمريكو فسبوتشي”.. المستكشف الإيطالي الذي سميت أمريكا الجنوبية باسمه

نال كرسي الفلسفة في الكوليج دو فرانس من عام 1952 حتى وفاته عام 1961، إذ كان أصغر شخص يُنتخب لهذا المنصب.

إلى جانب التدريس، كان “بونتي” محررًا سياسيًا في المجلة اليسارية لي تامب موديرن منذ تأسيس الجريدة في أكتوبر 1945 حتى ديسمبر 1952.

 في شبابه، قرأ كتابات “كارل ماركس” وزعم “سارتر” أن “ميرلو بونتي” حوله إلى الماركسية، عندما لم يكن عضوًا في الحزب الشيوعي الفرنسي ولم يُعرِّف عن نفسه بصفته شيوعيًا، وضع حجةً تبرر المحاكمات الشكلية والعنف السوفيتي من أجل النهايات التقدمية بصورة عامة في عمله الإنسانوية والرعب عام 1947.

 ومع ذلك، بعد ثلاث سنوات، استنكر “بونتي” دعمه السابق للعنف السياسي وأنكر الماركسية وناصر الموقف الليبرالي اليساري في كتابه مغامرات الديالكتيك 1955.

 انتهت صداقته مع “سارتر” وعمله في لي “تامب موديرن” بسبب ذلك الموقف، لأن “سارتر” بقي محتفظًا بسلوك مُفضِّل للشيوعية السوفيتية، وأصبح “ميرلو بونتي” بعد ذلك نشطًا في اليسار الفرنسي غير الشيوعي بالأخص في اتحاد القوى الديمقراطية.

فكر “موريس ميرلوبونتي”..

في كتابه فينومينولوجيا الإدراك (نُشر أول مرة في فرنسا عام 1945)، طور “ميرلو بونتي” مفهوم موضوع الجسد بصفته بديلًا عن المفهوم الديكارتي كوجيتو الأنا. يُعد التمييز بين المفهومين مهمًا بصورة خاصة وعليه أدرك بونتي جوهر العالم خارجيًا.

 يُعد كل من الوعي والعالم والجسد البشري أشياء مُدرَكة متشابكةً بصورة معقدة ومنخرطة مع بعضها بصورة متبادلة، لا يُعد الشيء الظاهري هو الموضوع الثابت للعلوم الطبيعية، بل الترابط بين الجسد ووظائفه الحسية.

ولأن الموضوع لا ينفصم عن عالم العلاقات ذات المعنى، يعكس كل موضوع الموضوع الآخر (شيء يُشبه تفرد لايبنتز)،  عبر الانخراط في العالم -الوجود في العالم- يختبر الملاحظ ضمنيًا كل وجهات النظر حول ذلك الموضوع الآتي من كل الأشياء المحيطة ببيئته، بالإضافة إلى وجهات النظر المحتملة التي يملكها الموضوع حول الموجودات حوله.

توفي “ميرلو بونتي” فجاةً بسكتة في 3 مايو عام 1961 بعمر الثالثة والخمسين، كما يبدو عند تحضيره لدرس عن “رينيه ديكارت”، تاركًا مخطوطةً غير مكتملة نُشرت بعد موته عام 1964 إلى جانب ملاحظات مختارة من أعماله عن طريق “كلود لوفورت” في كتاب المرئي والمخفي، دُفن “بونتي” في مقبرة بير لاشيز في باريس.

Exit mobile version