أخبار القارة الأوروبية – تقرير
بعد غزو روسيا لأوكرانيا شعرت دول أوروبية عدة بخطر يهدد وجودها، لا سيما تلك الدول القريبة من نطاق الحرب والتي تخشى من أن يصل الشرر إليها، فسارعت كل من السويد وفنلندا لمحاولة الانضمام لحلف الناتو بهدف تأمين نفسها، لكن هذا الإجراء لو تم فقد يكون الشرارة التي يخشون من أن تشعل حربا ضروسا في قلب أوروبا.
وتُجري فنلندا في الآونة الأخيرة، مباحثات مكثفة مع عدد من الدول الكبرى للحصول على ضمانات أمنية بتوفير الحماية خلال فترة ترشيحها للانضمام إلى “الناتو”، والتي يمكن أن تستمر عدّة أشهر.
روسيا تتوعد..
لم تقف روسيا متفرجة أمام هذا التطور وأطلقت تحذيراتها التي تحمل وعيدا في طياتها فقد قال السفير الروسي لدى كندا “أوليغ ستيبانوف”، إن انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو يمكن أن يحول المنطقة إلى “مسرح حرب”.
“ستيبانوف” أضاف أن انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو سيكون ضاراً بأمنهما وأمن أوروبا على السواء، معتبراً أنه سيضعهما في موقف يجبران فيه على معاملة روسيا كـ”خصم”.
كما لفت إلى أنه بعد تفكك الاتحاد السوفيتي “كان من الممكن أن تبدو نهاية الحرب الباردة انتصاراً مشتركاً، وقد أثبت التاريخ خلاف ذلك”.
السويد تتحدث عن ضمانات أمريكية في حال انضمامها لحلف الناتو
وأكد أن الولايات المتحدة وحلفاءها “ضيعوا بافتراض فوزهم” فرصة محو الانقسامات القديمة في أوروبا وإنشاء إطار عمل جديد، أمن أوروبي شامل وغير قابل للتجزئة مع ضمانات متساوية لكل دولة.
الاتحاد الأوروبي وانضمام السويد وفنلندا..
الاتحاد الأوروبي اعتبر أن لكلا الدولتين الحق في اتخاذ المواقف بحرية، وقال المتحدث باسم التكتل “لويس ميغيل بوينو”، إن “فنلندا والسويد دولتان صاحبتا سيادة ويحق لهما بالتالي أن تقررا ما إذا كانتا ترغبان في الانضمام إلى تحالف أمني مثل الناتو”.
وتساءل “بوينو”: “هذا القرار السيادي يعود لهما سواء للقيام بذلك أم لا، فلماذا يكون لروسيا أو أي دولة أخرى رأي فيما تفعله الدول ذات السيادة الأخرى؟”
المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي أرجع الموقف الروسي من انضمام فنلندا والسويد للناتو، بأنه شبيه لما حدث مع أوكرانيا”، لافتاً إلى أن “هنا تكمن المشكلة بالتحديد مع أوكرانيا، فاقتراحات روسيا لإعادة رسم الهندسة الأمنية في أوروبا إنما تستند إلى فرضية خاطئة أصلا، وتقول تلك الفرضية إن أوكرانيا لا تملك الحق في اختيار تحالفاتها الأمنية الخاصة بها، رغم كون هذا الأمر أحد المبادئ الأساسية التي وافقت عليها روسيا بحد ذاتها بصفتها عضوا في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا”.
ودفعت العملية العسكرية التي شنتها روسيا في أوكرانيا، إلى تغيير تاريخي في مواقف فنلندا وجارتها السويد بشأن الانضمام لحلف “الناتو”، والتي بدأت تناقش هذا الأمر منذ أسابيع.
الناتو وبحر البلطيق..
ويرى مراقبون ومحللون عسكريون، أن فنلندا باتت أقرب أكثر من أي وقت مضى للتقدم بطلب الترشح لعضوية حلف شمال الأطلسي، في ظل مخاوفها من أن تطالها مخالب القوات الروسية، وللاستفادة من البند الخامس الذي يُمثل المظلة الأمنية للتحالف العسكري، لكنها تعول على حماية الدول الكبرى بالحلف من احتمالية حدوث رد فعل روسي مضاد لتلك الخطوة.
وتنص المادة الخامسة من معاهدة واشنطن الخاصة بعضوية الناتو على أن أي اعتداء على دولة عضو في التحالف هو هجوم على كل الأعضاء.
يذكر أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “ينس ستولتنبرغ” كان أعلن الخميس، أن الحلف مستعد “لتعزيز وجوده” في بحر البلطيق ومحيط السويد لحماية هذا البلد في حال ترشحه لعضوية الناتو إثر العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وقال “ستولتنبرغ”: “علينا أن نتذكر أنه خلال عملية الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، ثمة التزام سياسي قوي من جانب المنظمة لدعم أمن السويد”.
وكان الأمين العام السابق للناتو “أندرس فوغ راسموسن”، قد قال إنه يجب على السويد وفنلندا أن تنضما إلى الحلف الآن، بينما روسيا “مشغولة” بعملية عسكرية خاصة في أوكرانيا.
رئيسة وزراء أستونيا: انضمام فنلندا سيجعل الناتو أقوى ولا ينبغي الخوف من روسيا
وأضاف “راسموسن” “: “بالنسبة لفنلندا والسويد، يبدو لي أنه لديهما فرصة للانضمام إلى الناتو في الوقت الحالي، بينما لا يزال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مشغولا في مكان آخر (في أوكرانيا).
وأشار إلى أنه، حتى إذا تم اعتبار طلب السويد وفنلندا عاجلا، فإن إجراءات الانضمام إلى الناتو ستستغرق “عدة أشهر”، حيث يجب أن تمر عبر برلمانات الدول الثلاثين الأعضاء في المنظمة قبل أن يتم التصديق عليها من قبل الحلف.
من جانبها، أشارت رئيسة الوزراء الفنلندية “سانا مارين”، إلى محادثات في هذا المعنى مع الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، مؤكدة أن انضماماً في أسرع وقت هو “أفضل ضمان ممكن”.
فيما قالت وزيرة الخارجية “آن لينده” إن واشنطن مستعدة لإعطاء “أشكال مختلفة من الضمانات الأمنية” خلال عملية الانضمام.
يشار إلى أن العملية العسكرية الروسية، دفعت السويد وفنلندا، وفي منعطف تاريخي، إلى إجراء مشاورات داخلية وخارجية مهمة بهدف الانضمام إلى الأطلسي.
وتجري ستوكهولم وهلسنكي محادثات مع الكثير من أعضاء الناتو الرئيسيين للتأكد من الحصول على “الضمانات” اللازمة، في وقت تتوعدهما روسيا بـ”عواقب” في حال ترشحهما للانضمام، لاسيما أن أعضاء الحلف وحدهم يفيدون من الحماية التي نص عليها البند الخامس من معاهدة الدفاع المشترك للمنظمة، وليس المرشحين للعضوية.