“صدمة تاريخية”.. تفاقم أزمة التضخم تعصف في الاقتصاد البريطاني

"صدمة تاريخية".. تفاقم أزمة التضخم تعصف في الاقتصاد البريطاني

"صدمة تاريخية".. تفاقم أزمة التضخم تعصف في الاقتصاد البريطاني

أخبار القارة الأوروبية – تقرير

يواجه البريطانيون أزمة كبيرة تتمثل في ارتفاع أسعار الغذاء، بعد أن بلغت مستويات التضخم نسبة عالية لم تصل إليها خلال عقود مضت.

فقد كشفت أرقام رسمية صادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة، أن أسعار المستهلك في بريطانيا قفزت بنسبة 9٪ لتصل إلى أعلى مستوى لها في 40 عامًا الشهر الماضي، مع أكبر زيادات في أسعار المواد الغذائية والطاقة.

ويعتبر الارتفاع الحالي في مؤشر أسعار المستهلك هو الأعلى منذ أن بدأت الدولة في تتبع الأسعار في عام 1989، حيث قفز بنسبة 2.5٪ على أساس شهري، فيما تقدر الوكالة أن التضخم كان أعلى “في وقت ما حوالي عام 1982”.

إضراب عمال السكك..

ويرجح أن تتفاقم هذه الأوضاع مع إعلان اتحاد عمال السكك الحديدية والبحرية والنقل “آر إم تي” أمس الأربعاء، أنه سينظم إضراباً لمدة 24 ساعة في محطات مزدحمة لقطارات الأنفاق في الثالث من يونيو/ حزيران، وهو يوم يأتي وسط أربعة أيام من الاحتفالات بمناسبة الذكرى السبعين لجلوس الملكة على العرش، إلا إذا اتُّخِذَت إجراءات ضد أحد المديرين الذي تتهمه النقابة بالتنمر.

وأضاف الاتحاد في بيان: “إضرابنا في الثالث من يونيو سيسبّب تعطيلاً كبيراً لمن يريدون الاحتفال باليوبيل البلاتيني للملكة. لكن إن قام المديرون في قطاع قطارات الأنفاق بالأمر الصائب، وتعاملوا بشكل مناسب مع المدير المعني، يمكننا أن نجد ببساطة حلاً لهذا الخلاف”.

وسيؤثر الإضراب بمحطة “غرين بارك”، إحدى أقرب المحطات إلى قصر بكنغهام، حيث تتركز العديد من فعاليات الاحتفال، ومحطة “يوستون” التي تعد محوراً لوصول الزائرين إلى العاصمة.

يأتي هذا في وقت قال مكتب فيه الإحصاء الوطني (حكومي)، إن التضخم الشهري في المملكة سجل ارتفاعاً بنسبة 2.5 بالمئة في الشهر الماضي، قياساً على ارتفاع 1.1 بالمئة في مارس/آذار.

بريطانيا تحذر : الوضع الاقتصادي “خطير للغاية” والأشهر القادمة صعبة

وسجل معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة والسلع المتقلبة الأخرى – ارتفاعاً سنوياً بنسبة 6.2 بالمئة، من 5.7 بالمئة في مارس/آذار السابق. وتواصل أسعار الوقود والغذاء ارتفاعات قياسية وسط أزمة عالمية بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وضعف الاقتصاد العالمي.

رفع أسعار الفائدة ..

ورفع بنك إنكلترا أسعار الفائدة الرئيسية 4 مرات متتالية، في مسعى لاحتواء أزمة التضخم، التي تجتاح العالم ككل، ليصل سعر الفائدة إلى 1 بالمئة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2009.

ووفقًا لتقرير استشهد به شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية، فإن ربع سكان المملكة المتحدة بدأوا في تخطي وجبات الطعام لتوفير المال وسط ارتفاع الأسعار.

من جانبه وصف “أندرو بيلي” محافظ بنك إنجلترا مؤخرًا التوقعات الحالية للمستهلكين بأنها “مروعة”.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، حذر المنظم المالي من أن البريطانيين على وشك مواجهة صدمة “تاريخية” لدخلهم، حيث تتوقع استمرار الأسعار في الارتفاع.

وقال بنك إنجلترا إن أزمة تكلفة المعيشة قد تدفع بالاقتصاد إلى الركود في وقت لاحق من هذا العام.

ومن أجل منع ذلك، رفعت الهيئة التنظيمية أسعار الفائدة أربع مرات حتى الآن هذا العام ، من أدنى مستوى تاريخي لها عند 0.1٪ خلال جائحة كورونا إلى أعلى مستوى في 13 عامًا عند 1٪.

ويتوقع المحللون أن يقوم البنك المركزي برفع أسعار الفائدة أكثر في اجتماعات مجلس الإدارة القادمة.

تدابير دعم المستهلكين..

وبعد تقرير التضخم، اليوم الأربعاء، دعت غرف التجارة البريطانية الحكومة إلى اتخاذ تدابير من أجل دعم المستهلكين والشركات، وبالتحديد عن طريق خفض ضريبة القيمة المضافة على فواتير الطاقة للشركات وكبح الزيادة الأخيرة في التأمين الوطني.

وكشف استطلاع أجرته “رويترز” أن أسوأ أزمة تكاليف تشهدها بريطانيا في ثلاثة عقود، ستبلغ ذروتها قرب نهاية هذا العام، لكن بنك إنجلترا سيكون أكثر تشددا في رفع سعر الفائدة عن المتوقع في إطار سعيه للحد من ارتفاع التضخم.

وقد يؤدي تجدد الإغلاق في الصين لمكافحة الجائحة والغزو الروسي لأوكرانيا، إلى تفاقم أزمات سلاسل الإمداد التي بدأت التعافي للتو من الفوضى التي خلفتها الجائحة، الأمر الذي يؤدي لزيادة كبيرة وسريعة في الأسعار العالمية.

كما يواجه البريطانيون أزمة جديدة تتمثل في ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة الضرائب والتداعيات الراهنة للانفصال عن الاتحاد الأوروبي.

وردا على سؤال بشأن الموعد المتوقع لذروة أزمة تكاليف المعيشة، قال 7 من 13 مشاركا في استطلاع الرأي، إن هذا سيكون في الربع الأخير من العام.

وذكر 3 أنها ستكون في الربع المقبل، في حين رأى 3 آخرون أنها ستكون بحلول نهاية الشهر المقبل.

دعم دخل الأسرة..

وتواجه الحكومة ضغوطا متزايدة لدعم دخل الأسر، حيث قال 9 من 12 مشاركا في الاستطلاع إنه يتعين على الحكومة فعل المزيد الآن. وأكد جميعهم أن الدعم يتعين أن يستهدف الأسر الأقل دخلا.

وكشف متوسط توقعات قرابة 70 من خبراء الاقتصاد، أن الاقتصاد البريطاني سينمو بنسبة 3.7% في المتوسط خلال 2022، ثم سيسجل معدل نمو 1.3% في العام المقبل انخفاضا من 3.8% و1.7% على الترتيب في استطلاع أجري الشهر الماضي.

على صعيد متصل قالت وزيرة الخارجية البريطانية، “ليز تراس”، الأربعاء إن بلدها يواجه “وضعا اقتصاديا شديد الصعوبة”، بعد أن سجل التضخم معدلا سنويا بلغ 9% في أبريل/نيسان، وهو الأعلى منذ بدء التقديرات الرسمية في أواخر الثمانينات.

وقالت “تراس”: “نحن في وضع اقتصادي شديد الصعوبة. نواجه بعض الرياح المعاكسة العالمية الخطيرة جدا… والتضخم مرتفع للغاية”.

 وقد أرجع وزير المالية البريطاني ريشي سوناك السبب في هذه القفزة إلى ارتفاع أسعار الطاقة بشكل حاد خلال الشهرين الماضيين.

حيث قال وزير المالية في بريطانيا أنه لا يمكن لحكومة بريطانيا حماية الناس بالكامل من التحديات العالمية، وعلى الرغم من هذا سوف تقدم الحكومة دعما كبيرا قدر المستطاع، كما ستقف حكومة إنجلترا على أهبة الاستعداد لاتخاذ مزيد من الإجراءات إن لزم الأمر.

وكان بنك إنجلترا BOE قد أكد أنه لن يخفض من توقعاته المستقبلية لنمو اقتصاد بريطانيا رغم ارتفاع التضخم بشدة.

Exit mobile version