رحيل خيري الذهبي.. عاشق دمشق بين الرواية والتاريخ

رحيل خيري الذهبي.. عاشق دمشق بين الرواية والتاريخ

أخبار القارة الأوروبية – بورتريه

في الرابع من تموز الجاري، توفي الروائي السوري الكبير خيري الذهبي في منفاه الأخير في العاصمة الفرنسية باريس، مخلفًا إرثًا مهمًا من الأعمال الإبداعية في الرواية والدراما والنقد والصحافة.

حياته..

ولد خيري الذهبي في دمشق عام 1946. سافر إلى مصر ليكمل دراسته في كلية الآداب قسم اللغة العربية، وتخرج في جامعة القاهرة. ثم عاد إلى سوريا ليعمل في التدريس، ويُساهم في الحركة الثقافية السورية.

شارك في تحرير العديد من الدوريات في وزارة الثقافة واتحاد الكتاب السوري.

اعتقله جيش الاحتلال الإسرائيلي في أثناء حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وحصل إثر ذلك على وسام الشجاعة والشرف من الجمهورية العربية السورية عام 1975.

تفرغ بعدها للكتابة. ثم سرِّح من عمله في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون عام 1991، لتوقيعه على بيانات احتجاجية ومشاركته في الحراك السلمي المدني، رغم أنه لم ينتم إلى أي تيار سياسي.

غادر سوريا في العام 2012، متنقلاً بين بلدان عدة، ليستقر به المقام في فرنسا، التي توفي فيها مساء 4 يوليو/تموز 2022.

مواقفه..



للذهبي مواقف واضحة في مواجهة الطغيان والعسف الذي مارسته أجهزة الأمن في سوريا بحق المثقفين والمبدعين، وكذلك أفراد المجتمع السوري كافة. وقد أعلن الراحل موقفه غير مرة فقال: “لن يهدأ بالي حتى يتم هدم آخر السجون في سوريا، ويطفئ آخر ضوء في أبنية المخابرات”.

مؤلفاته..

تضم أعماله الروائية: «ملكوت البسطاء» 1975، «طائر الأيام العجيبة» 1977، «ليالٍ عربية» 1980، «الشاطر حسن» 1982، «المدينة الأخرى» 1983، «ثلاثية التحولات.. حسيبة 1987، فياض 1989، هشام 1997» التي تعد من أهم أعماله. «فخ الأسماء» 2003، «لو لم يكن اسمها فاطمة» 2005، «صبوات ياسين» 2006، «رقصة البهلوان الأخيرة» 2008، «الأصبع السادسة» 2013، «المكتبة السرية والجنرال» 2018، «الجنة المفقودة» 2021.

له أعمال أخرى متنوعة :«الجد المحمول»(مجموعة قصصية) 1993، «سطوح جباتا والحمائم» (قصص للأطفال) 1980، «التدريب على الرعب» (مقالات) 2004، «محاضرات في البحث عن الرواية» (أبحاث نقدية) 2016، «300 يوم في إسرائيل» (يوميات) 2019.

أعماله الدرامية..

كتب خيري الذهبي أعمالًا درامية عديدة، مثل: ملكوت البسطاء – الشطار – طائر الأيام – الوحش والمصباح – أبو حيان التوحيدي – لك يا شام – وردة لخريف العمر – رقصة الحباري – ملحمة أبو خليل القباني. وكتب أفلامًا أيضًا، منها: وجوه ليلى – العنوان القديم. وقد جرى تحويل روايته حسيبة إلى فيلم من إخراج ريمون بطرس.

الجوائز..

ومن الجوائز الذي حصل عليها الراحل “الجائزة أدب الأطفال 1982، وجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلات 2019”.

مقطع من مقاله “لولا غُوطتَيها.. لما كانت دمشق”:

بعد خمسين سنة من هذه الكارثة المدمرة.. سنقرأ للكاتب والشاعر والرحالة ابن البدري كتاباً يعتبر من أجمل كتب العصر الوسيط يتحدث فيه عن دمشق، ولا يذكر اسمَ تيمور، أو كارثته المدمرة، ولو مرة واحدة!.

اقرأ أيضا: إرنست هيمنجواي.. الروائي المغامر الذي قتله حب امرأة

كان قد تجوّل في العالم الشرق أوسطي المسلم.. فعرف بالمصائب التي دهمت هذا العالم، وأدرك أنهم لا يُريدون مَن يُذكّرهم بهذا الماضي القميء، هذا الكاتب هو أبو البقاء عبد الله بن محمد المصري الدمشقي ابن البدري؛ الذي وضع كتاباً من أجمل الكتب التي تتحدث عن دمشق وسعادتها بالحياة، وإخلاصها للتقليد الدمشقي في الاحتفال بالربيع والزهر والخصب، ولولا أننا نعرف عن الإسلام المتشدد الذي كانوا يدينون به؛ لقلنا إنه يتحدث عن أبيقوريين.. ممّن استسلموا لمُتع الحياة الدنيا، ونزهاتها العاشقة للأشجار المثمرة، والأزهار الفاتنة في بساتين الغوطة، ومُتنزهاتها، ومغانيها، و”سيارينها” والسيران.. هو النزهة الدورية حيث يتروّحون بين الزهور، والثمار.. بحسب مواسمها، وفيه يتشارك الدمشقيون غنيُّهم وفقيرهم.. في مواسم الزهر والثمر وغناء العصافير؛ والذي تحوَّل إلى طقسٍ.. يخضعون له دون تفكير في منشئه وأساسه.

فغداؤهم يتراوح بين الذبائح الكثيرة و”المعلاق” أو رئة الحيوان الذبيح أو الباذنجان المقلي أو الفول الأخضر المقلي الخ … فالمهم هو طقس السيران!.

يبدأ أبو البقاء حديثه عن دمشق بالحديث عن أبوابها “يُمكِن ملاحظةُ.. أن حديثه عن الأبواب ليس فيه حديث عن خراب؛ أو دمار؛ أو حريق” ترى هل أصلحوها خلال نصف القرن الذي مضى منذ غزوة تيمور؟.

أما أبوابها: فالباب الأول.. كان يُدعى باب كِيسَان وقد وضعوا عليه صورة النجم زحل، ووضعوا على الباب الشرقي صورة للشمس، وعلى باب توما صورة للزهرة وعلى باب الجنيق صورة للقمر، وعلى باب الفراديس صورة لعطارد، وعلى باب الجابية صورة للمشتري.

Exit mobile version