أي اتحاد أوروبي تريده الولايات المتحدة الامريكية؟

بقلم: الدكتور نزار محمود

لست ممن تعميهم نظرية المؤامرة ولا من مهاجمي الولايات المتحدة الامريكية بدوافع يسار أو يمين، وانما التحدث عنها موضوعياً ومنطقياً وبموجب سياقات ومواقف وأحداث تاريخية.



وبعد ما حصل الذي حصل من أمر ميناء هاربر الامريكي، أو هكذا أريد له، دخلت الولايات المتحدة الامريكية الحرب علانية الى جانب الحلفاء بريطانيا وفرنسا وبالنتيجة الاتحاد السوفيتي وغيرها ضد دول المحور المانيا وايطاليا واليابان وغيرها كذلك. انتهت الحرب بانتصار الحلفاء على دول المحور متوجة بالقاء الولايات المتحدة الامريكية بقنابلها النووية على هيروشيما وناغازاكي   معلنة بذلك عن تفوقها العسكري الحاسم. في ذات الوقت الذي خرجت اوروبا الغربية ذات الثورة الصناعية والتاريخ الاستعماري منهكة شبه مدمرة من تلك الحرب.

وهنا بدأت حكاية الهيمنة الامريكية على الجزء الغربي من اوروبا المهدد من قبل العملاق الشيوعي فكرياً وثقافياً واقتصادياً. وفي محاولة من الدول الاوروبية الغربية لإعادة اعمار ذاتها وبناء اقتصاداتها وارساء السلام بينها ذهبت باتجاه تعاونها التجاري والاقتصادي فنجحت في انشاء السوق الأوروبية المشتركة التي تطورت إلى ما نعرفه اليوم من أمر الاتحاد الاوروبي والذي كان لبريطانيا فيه على الدوام خصوصيات لا يمكن تبرئة الولايات المتحدة الامريكية منها!

اقرأ أيضا: “أيتام ستالين” بين الحلم واليقين

بيد أن الولايات المتحدة الامريكية، وبسبب قوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية الضاربة، نجحت في احتواء دول الاتحاد الاوروبي في جعلها عتلة ترجيح سياسي واقتصادي وعسكري ( حلف النيتو) لصالح صراعها الدولي تجاه الاتحاد السوفيتي والصين وغيرهما، حتى إذا انهار المعسكر الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفيتي ومجموعة حلف وارسو، عادت الولايات المتحدة الامريكية لتواصل ايجاد ما من شأنه استمرار استغلال دول الاتحاد الاوروبي على طريق استراتيجيتها.

إن المتتبع لمواقف الولايات المتحدة الامريكية مما تتخذه الدول الاوروبية الغربية، المانيا مثلاً، يكشف بكل الوضوح نوعية الاتحاد الاوروبي الذي تريده أمريكا، وبعكسه فانها لن تتوانى عن خلق ما من شأنه تعكير طرق سير ذلك الاتحاد. إن الحرب الروسية في اوكرانيا في أسبابها وتداعياتها هي خير دليل على ذلك. فهل ستنجح امريكا إلى جر دول الاتحاد الأوروبي إلى معاداة الصين كذلك والاشتراك في حرب ضدها، بحجة تايوان مثلاً! فالاتحاد الاوروبي اليوم يتأرجح في اتجاهه بين التكاتف والتفكك!!

Exit mobile version