الجالية الأردنية.. النشامى يلمون شمل العرب في العاصمة الألمانية

خلدون المزعل – برلين 

عندما يتقاسم “النشمي” لقمة العيش مع المحتاجين من أبناء جلدته وأخوته في الإنسانية، تعود بنا الذاكرة إلى التاريخ وتأسيس إمارة شرق الأردن، وقبل نهاية القرن التاسع عشر، وتهجير الأرمن الذين أتوا للأردن وتعايشوا مع النشامى كما اختلط وتعايش الشركس والشيشان من قبلهم.

كما أننا لن ننسى نكبة العرب الكبرى ونزوح أهلنا من فلسطين وفزعة نشامى الأردن بما يمتلكونه من مال ورجال لنصرة أخوتهم، إذ لا تزال أبواب الأردن مفتوحة أمام العرب حتى الوقت الحاضر ويحتضنون أهل العراق وسوريا في نكباتهم ومأساتهم.

ولم تبخل الجالية الأردنية في ألمانيا على تقديم العون لأبنائها وأخواتها لتصبح بيتاً لجميع العرب في أنشطتها الاجتماعية والثقافية والتوعوية، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في رفع مكانة الأردنيين في المجتمع العربي والألماني.

دور مكمل..

“عماد العواملة” رئيس الجالية الأردنية في العاصمة برلين يقول لـ”أخبار القارة الأوروبية” إنه “يترأس هذه الجالية منذ العام 2013 حيث وصل عدد أفرادها مع عائلاتهم إلى قرابة 400 عضو، وتضم شرائح مختلفة من الأطباء والمهندسون ورجال الأعمال وغيرهم”، لافتاً إلى أن “الجالية تعمل بالدرجة الأولى لجمع شمل الأسر الأردنية خاصة والحفاظ على لغتهم وثقافتهم من خلال عدد من النشاطات الاجتماعية والمشاركة في الأفراح والمآتم، إقامة لقاءات دورية بين العائلات الأردنية، ونشاطات رياضية بالإضافة إلى الاهتمام بالأعياد الوطنية والدينية، ولم شمل العرب من مختلف الجنسيات والاحتفال معهم والاهتمام بأي مناسبة تخص العرب، ومشاركة  الأنشطة مع الجمعيات”.

الجالية الأردنية.. النشامى يلمون شمل العرب في العاصمة الألمانية

وتأسست الجالية الأردنية في 12 فبراير شباط من العام 2012، على يد مجموعة من الأردنيين، من خلال هيئة إدارية منتخبة، تم تحت اشراف ومتابعة من السفارة الأردنية وجمعيات عربية منها المركز الثقافي التربوي، وذلك بهدف مساعدة جيل الأبناء للمحافظة على هويتهم وثقافتهم وتكوين رابط يجذبهم نحو الوطن الأم، إذ أسست الجالية مدرسة البتراء لتعليم اللغة العربية والتربية الوطنية والثقافة الإسلامية وغيرها.

باب الجالية يفتح أبوابه من 6 مساء حتى 12 مساء ويكون ملتقى لتجمع الأشخاص للقاء بعضهم، وفي النهار يتم عمل دورات تثقيفية عن المدارس والسياسة الألمانية، من خلال جلب متخصصين يتحدثون عن النظام السياسي، ونظام الأحزاب ونظام المدارس، كما يتم إحضار الشباب الواصلين هنا تحت السن يتم عمل إفطار لهم، فضلا عن توصيل طعام الإفطار للعائلات الأردنية والسورية وغيرهم، ولدى الجالية نشاطات اجتماعية أخرى مثل تشجيع تميز الطلاب الأردنيين.

وتستضيف الجالية في مقرها الجمعيات الألمانية والسكان الألمان في الحي، ليتعرفوا على الثقافة الأردنية والمطبخ الأردني مثل المنسف الأردني، والتراث الأردني من موسيقى، ودبكة شعبية، واللباس الأردني.

الثراث الأردني..

“العواملة” شدد على أن دور الجالية مكمل لدور السفارة الأردنية ويركز على الجانب الثقافي”، لافتاً إلى أن “دورنا ليس حل المشاكل بين المواطن الأردني مع السفارة وإنما نلعب دور الوسيط، ونساعد المقيمين خارج برلين ممن يحتاجون استخراج أوراق أو غيرها، ونوفر مكان لهم، وندعمهم، خاصة في بعض الأوراق التي تحتاج للسفر إلى برلين، فنحن نقوم بعمل دور إنساني لمن يبحثون منهم عن فرص حياة أفضل”.

رئيس الجالية الأردنية “عماد العواملة”

وفيما يتعلق بدور الجالية خلال الأزمات أكد “عماد” أن الجالية ساعدت الكثير من الأردنيين خلال جائحة كورونا وأمنت قرابة 13 شخص أردني استقروا لمدة شهر ونصف أو شهرين في ألمانيا، حيث وفرت لهم الجالية سكن وشقق مفروشة، وفي رمضان تم توفير الإفطار لهم، حتى وصلت طائرات الإخلاء الأردنية وتم تأمين هؤلاء الأفراد، فكان دور الجالية مكمل لدور السفارة الأردنية”، مشيراً إلى أنه “بعد الغزو الروسي لأوكرانيا قمنا بمساعدة الطلاب القادمين من أوكرانيا، وتأمين احتياجاتهم في ألمانيا”.

اقرأ أيضا: الأردن يسمح بدخول السوريين المقيمين في أوروبا ويلغي قرارات الإبعاد

وتعمل الجالية على حل مشاكل الأردنيين مع الدوائر الحكومية الألمانية بالتعاون مع المركز الألماني العربي، ويساعدها على ذلك السمعة الطيبة للأردنيين حيث لا يوجد أردني واحد في ألمانيا لديه مشكلة إجرامية، وتقوم الجالية بمساعدة الأردنيين وارشادهم لجعل وضعهم قانوني أفضل من خلال إرشادهم للطرق السليمة لتقنين أوضاعهم.

نشاط سياسي..

وأوضح “العواملة” أن “الجالية الأردنية شاركت في عدد من المناسبات الألمانية، مضيفا: “دعينا لمؤتمرات مع الأحزاب الألمانية، وحضرنا في البرلمان الألماني، لإيصال صوتنا، وللأسف الجالية العربية ليست لها دور مع الأحزاب، وقد رد علينا السياسيون الألمان الذين اجتمعنا معهم مؤكدين أن عددا كثير يصل إلى ٢٤٠ ألف عربي في برلين، لكن لا يشاركون في النظام الحزبي ولا السياسي، ولا تخرج جماعات تمثل العرب في البرلمان، ولهذا تأسس المجلس العربي الأعلى حتى يكون لنا دور، ونحن كجالية مشاركين فيه ومن المؤسسين له، وهو يطمح لتمثيل العرب في برلين وطموحنا إخراج نخب منه تقوم بإيصال صوتنا ومطالبنا للأحزاب والمجتمع الألماني”.

ولفت رئيس الجالية “العواملة” إلى أنه “الطموح السياسي في ألمانيا يتحقق عندما يكون العرب يد واحدة لإيصال صوتهم والحصول على حقوقهم، ومواجهة الأحزاب المتطرف والعنصرية التي تعمل على التضييق على الأجانب بشكل عام والمسلمين بشكل خاص”، موضحاً أن “العرب مجتمع منتج في ألمانيا وانتمائهم لألمانيا مثل انتمائهم لبلدانهم، وليسوا عالة على المجتمع بل أثبتوا وجودهم على أرض الواقع اقتصاديا وعلميا، ووصول نسبة كبيرة من السوريين المتعلمين، والمثقفين، والأطباء، وألمانيا بحاجة إلى هذه الأيدي العاملة الماهرة.

الدور الاقتصادي..

تقوم الجالية الأردنية بدور اقتصادي بالتعاون مع السفارة الأردنية، لتعزيز الاستثمارات في وطنهم الأم، فتنظم مؤتمرات لتشجيع رجال الأعمال الأردنيين على الاستثمار في وطنهم الأصلي، وسيعقد خلال الفترة القادم مؤتمر تنظمه هيئة تشجيع الاستثمار بالتعاون مع الجاليات الأردنية على مستوى العالم، لتشجيع فرص الاستثمار في الأردن بشكل جيد.

وأكد “عماد العواملة” أن “الجالية تعمل على تحسين صورة الشعب الأردني، وإيصال رسالة مفادها أن الأردن بلد سياحي له ثقافة وتاريخ عريق، كما عملت على تشجيع الاستثمار فيه، وشاركت في مهرجانات احتفالات الشارع التي تنظمها جمعية المعاقين حركيا، من خلال خيمة خاصة بالجالية الأردنية”.

وأضاف “كنا الوحيدون الذين لدينا منصة خاصة نقدم من خلالها الحلوى والقهوة والعصير دون مقابل وبشكل مجاني، فكان المشاركون في المؤتمر يشعرون بالسعادة لما نقدمه، إضافة إلى نشر كتب وبروشوات لتشجيع السياحة في الأردن، وتوزبع كتب ومجلات تثقيفية تدل على أماكن السياحة، حتى البعض من الجمعيات الألمانية تشجع وتذهب للأردن”، مشددا على أن: “كل عضو في الجالية له مسؤولية عن لجنة، لكن كلنا نعمل مع بعض على قلب رجل واحد، فإذا احتجنا تمويل أو موقف معين يتجمع الجميع دون تأخير”.

اللجنة النسائية..

يلفت رئيس الجالية الأردنية لوجود لجنة نسائية تابعة للجالية لها دور قوي فيما يتعلق بالمرأة الأردنية، فيقول: “مجتمعاتنا محافظة فإذا كانت هناك مشاكل عائلية، أو مشاكل مع الأطفال تقوم اللجنة النسائية التي تجتمع كل شهر بالعمل على حلها، كما تقدم اللجنة النسائية دورات تعليمية وتثقيفية، وطبية، وتجميلية، ودورات للتوعية  بحقوق الطفل والمرأة ومواجهة الحالات العنصرية خصوصا في المدارس، ودور اللجنة النسائية استيعاب هذه الأمور وتنظيمها، وكذلك مساعدة النساء القادمات حديثا على تنظيم أوراقهم ومعاملاتهم، ويتم إرشادهم إلى أشياء مثل الدوائر الحكومية التي يتم إنجاز الأوراق فيها”.

وبحسب “العواملة” فقد تركت المرأة الأردنية بصمة جيدة في المجتمع الألماني، لكنها لم تدخل في المستويات السياسية العليا، لكن في الجمعيات والدوائر الحكومية هناك موظفات أردنيات ومعلمات على مستوى الجامعة، أثبتن وجودهن وباتت سمعتهن جيدة، كذلك هناك طبيبات أثبتن وجودهن، فالمرأة الأردنية لها دور كبير نشيط مع الجالية من خلال اللجنة النسائية اللتي تعمل على المحافظة على النساء والأولاد في العائلات والمدارس، باعتبار دور النساء أكبر من دور الرجال وعليهن مسؤولية في تنشئة الأجيال الصاعدة، ولذا تتم رعاية المرأة الأردنية من جانب الجالية.

اقرأ أيضا: بعد نجاح مبادرة المجلس الألماني العربي.. عمدة نويكولن يعلن عن “فعالية سنوية” للجالية العربية في برلين

ولا يتوقف دور الجالية الأردنية على رعاية أحوال أفرادها في ألمانيا فيوضح “العواملة” لـ”أخبار القارة الأوروبية”: “قدمنا فريقا تطوعيا لمساعدة السوريين القادمين في العام 2016، لتنظيم دخولهم للدائر الحكومية، وأرسلنا قرابة 13 شخص لمساعدتهم ، والجالية الأردنية تدعم مطالب السوريين، ولايمكن أن ننسى الأذى الكبير الذي تعرضوا له، ولهذا كان لنا دور بارز في أزمة اللجوء في 2015”.

وتتخطى هذا الدور لتقوم بعمل أنشطة خيرية واجتماعية في الأردن، فكل سنة وفي خلال شهر رمضان يقوم نخبة من الشباب الأردنيين من أعضاء الجالية المنتسبين ببرنامج لإغاثة أبناء الأيتام بالأردن، يشمل عمل إفطارات جماعية سنوية، يقام كل ثلاثة أو أربع أيام في مقر جمعية معينة، ويشمل ذلك بتجهيز ألعاب، ووصل عدد الأيتام اللذين تتم رعايتهم في  كل اسبوع من 150 إلى 200 ، تقوم الجالية بكفالتهم، وتحضير إفطار لهم، ونشتري لهم ألعاب وقمصان عليها شعارات الجالية وشراء ملابس العيد لهم، بهدف إدخال الفرحة إليهم، فضلا عن مساعدة الجمعيات الخيرية في الأردن والعائلات المحتاجة.

واختتم “عماد العواملة” رئيس الجالية الأردنية في ألمانيا حديثه بالتشديد على أن الجالية الأردنية مسؤولة عن أفرادها وقوانينها تشملهم فقط لكن خدماتها تسع وتشمل الجميع.

Exit mobile version