زادت أسعار المواد الغذائية في أسبانيا إلى نحو غير مسبوق منذ عام 1980، فيما ارتفعت نسبة التضخم إلى أعلى مستوى لهها منذ 40 عاما.
إسبانيا التي كانت العام الماضي تحاول إيجاد حلاً لفائض الطعام، وتسن التشريعات التي تكافح هدره، اليوم، تشهد زيادة ملحوظة في طوابير الفقراء والجائعين أمام بنوك توزيع الطعام والتي بدورها رفعت جاهزيتها أمام زيادة شريحة المستفيدين، المخولين للحصول على المساعدة والطعام المجاني.
وازدادت شريحة أصحاب الدخل المحدود بحوالي 30% تقريبا، بحسب إحصائيات أممية، وفيما كانت في السابق تقتصر على العاطلين عن العمل ومن ليس لهم دخل مادي، أصبحت اليوم تستوعب شرائح أكبر وفئات اجتماعية كانت تنعت بالميسورة سابقا، لكنها أصيبت بالعوز الناجم عن الحرب وأزمة الطاقة حالها حال الملايين في القارة العجوز.
وبحسب الصحفية الأسبانية “روزا كيرفانتيس” فإنه “: “منذ حوالي شهرين تزداد القيمة المادية التي يحتاج المستهلكون اقتطاعها من دخلهم لشراء سلة التسوق، ومع مرور الأيام طال الغلاء بعض الأسعار بصورة غير متوقعة”.
وأضافت: “المتاجر الكبرى استغلت الوضع لزيادة أرباحها، ففي كل الدول ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تتراوح بين 5 و10%، إلا في إسبانيا وصلت إلى 14.4%، والمسؤول عن ذلك هو جشع المتاجر الكبيرة”.
ولوحظ في الآونة الأخيرة بحسب “كيرفانتيس” أن 9 من 10 منتجات في سلة التسوق أصبحت أغلى مما كانت عليه، ونسبة كبيرة من حجم الارتفاعات ناجم عن استغلال شركات الأغذية للأزمة.
وكشف تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أنه خلال شهر سبتمبر سجلت أسعار المواد الخام الغذائية الحبوب والسكر ومنتجات الألبان واللحوم والزيوت النباتية انخفاضًا بنسبة 1.1٪ في إسبانيا.
وهنا أكدت “كيرفانتيس” أن هذا هو الانخفاض السادس على التوالي حتى الآن هذا العام، ومع ذلك لا تزال عملية الشراء اليوم في إسبانيا أغلى بنسبة 14.4٪.
“كيرفانتيس” تابعت: “حتى المدارس تكافح لإطعام الأطفال المحتاجين، فقد تم تحويل ميزانية الكتب والصيانة لدعم الطعام، وهذا التخفيض مروّع وسيكون له تداعيات كبيرة على القطاع التعليمي”.
بنوك الطعام في أسبانيا استنفرت محاولةً سد العجز، وهو ما يحدث أيضا في المدارس التي تسعى لخلق نوع من التكافل الاجتماعي، لمساعدة شريحة الفقراء وذوي الدخل المحدود الذين باتوا يشكلون نسبة كبيرة في البلاد.
ووجه الاتحاد الإسباني لبنوك الطعام (فيسبال) دعوة للمتطوعين في أسبانيا للعمل في البنوك المرتبطة به والبالغ عددها 54، مشيرا إلى أن البنوك بحاجة إلى أكثر من 120 ألف متطوع لمساعدة فرقها وكوادرها الذين هم في أمس الحاجة للمساعدة في الوقت الحالي، بحسب تعبير الاتحاد.
” ليا ماريا نهرا” عاملة في الصليب الأحمر الأسباني علقت بأنه: “نقوم بتوزيع الغذاء وتوصيله إلى الأفراد والعائلات التي تعيش في حالة فقر، فضلاً عن المشردين وغيرهم ممن هم في حالة عوز اقتصادي”.
وأضافت وهي أسبانية من أصول عربية: “إن أعداد محتاجي المساعدات في تزايد كبير، وفي ذات الوقت بنوك الطعام تعاني من وضع حرج وتتلقى تبرعات أقل”.
ويعد الحليب والزيت والمنتجات الطازجة، الأطعمة التي تشتد الحاجة إليها، بحسب ماريا نهرا، وفي الوقت نفسه هي أكثر المنتجات التي يزداد الطلب عليها.
وأكملت بأنه: “كان هناك عائلات تستجر أصنافا قليلة من المنتجات، كالزيت والأجبان، أما اليوم فأصبحوا يطلبون أي منتج يُسمح لهم باستجراره مهما كان رخيص الثمن”.
يذكر أن الشعب الأسباني كان يهدر ما يقارب 1,36 مليون طن من الطعام كل عام، أي ما يعادل 31 كيلوغراما من الطعام الصالح للأكل لكل مواطن، الأمر الذي دفع الدولة لسن قوانين رادعة لهذا الهدر الغذائي.