أخبار القارة الأوروبية_ ألمانيا
في العقود الأخيرة انخفض سكان ألمانيا وتزامن ذلك مع نقص عدد الطلاب الذين يدرسون الهندسة والعلوم وهو الأمر الذي يشكل خطرا على قوة ألمانيا الصناعية.
يشار الهندسة والمهندسين في ألمانيا يتمتعون بشهرة عالمية لا سيما في الجودة والابتكار، بيد أن شعار “صنع في ألمانيا” الذي تفتخر به الصناعة الألمانية أصبح في خطر.
وفقا لدراسة حديثة أجرتها وكالة الإحصاء الاتحادية في ألمانيا انخفض عدد الطلاب الجامعيين الذين يدرسون مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات التي تُعرف اختصارا بـ “STEM” بنسبة 6 بالمئة في عام واحد فقط.
ألمانيا ليست الدولة الوحيدة التي تعاني من نقص العمالة الماهرة إذ تعاني الكثير من البلدان من المشكلة ذاتها، بيد أن ما يجعل الأمر خطيرا في ألمانيا هو أن هذه المشكلة تتزامن أيضا مع نقص عدد سكان الجمهورية الاتحادية.
وتتفاقم هذه المشكلة مع تقاعد كثير من المهندسين والمتخصصين التقنيين، فيما يأتي ذلك في وقت تخطو فيه ألمانيا خطوات متسارعة في مجال التحول صوب الاقتصاد الأخضر والرقمنة ما يعني أنها في حاجة إلى جيش من العمال ذوي مهارات كبيرة في مجال تكنولوجيا المعلومات والهندسة وغيرها من المجالات التقنية المتقدمة.
وقد أفاد المعهد الاقتصادي الألماني ومقره مدينة كولونيا أن ألمانيا عانت من نقص بلغ حوالي 320 ألف متخصص في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في أبريل / نيسان العام الماضي.
وتوقع المعهد عدم تحسن الوضع في ضوء انخفاض عدد المسجلين في البرامج الدراسية ذات الصلة.
من جانبها سلطت وزارة التعليم والبحث في ألمانيا الضوء على خطورة الأمر إذ استهلت خطة العمل التي تهدف إلى زيادة الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بالقول: “لا تحظى مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بعد بالتقدير رغم أهميتها الاقتصادية والاجتماعية”.
وفي هذا السياق، قال “أكسل بلونكه”، رئيس قسم “التعليم والابتكار والهجرة” في المعهد الاقتصادي الألماني، إن الحاجة إلى الابتكار تعاظمت في الوقت الحالي، ما يعني الحاجة الملحة إلى المتخصصين التقنيين.
وتسائل “بلونكه”: “هل ألمانيا قادرة على سد فجوة نقص المتخصصين التقنيين؟” وأضاف “إذا لم تستطع ألمانيا ذلك، فإن هذا سوف يلقي بظلاله على القدرة التنافسية وقد تجد الشركات الألمانية أنه لا بديل سوى الانتقال إلى دول أخرى”.
ويرى خبراء أن نقص السكان في ألمانيا يعد أحد الأسباب، فيما يشكل ذلك إشكالية للعلامات التجارية الألمانية للسيارات ذات الشهرة العالمية مثل “بي أم دبليو” و “فولكسفاغن و “مرسيدس بنز”، حيث تعاني هذه الشركات من صعوبات في الانتقال إلى صناعة السيارات الكهربائية.
ويشير الخبراء إلى أن التغييرات الديموغرافية تلعب دورا في هذه الأزمة فمع انخفاض عدد سكان البلاد الأصليين، شهدت ألمانيا على مدى السنوات العشر الماضية زيادة في عدد الطلاب المهاجرين أو الطلاب الذين يهاجرون إليها مع عائلاتهم.
وقال “بلونكه” إن حاجز اللغة وعدم دعم احتياجات الطلاب لا يساعد في تعزيز مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، مضيفا “يدل ذلك على إخفاق في السياسة التعليمية”.
واعتبر أن الطلاب الذين يأتون إلى ألمانيا من بلدان أخرى لديهم جاهزية واستعداد للتفوق في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، مضيفا “القوانين العلمية ولغات البرمجة متجانسة في جميع أنحاء العالم. فإذا كان الطالب يمتلك المعرفة، فمن السهل عليه تطبيق ذلك”.
وبحسب التقديرات، فإن العمال الماهرين والمتخصصين من مصر وتونس والمغرب يزداد تواجدهم في ألمانيا، فيما قال وزير العمل الألماني “هوبرتوس هايل” في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إن القول بـأن “جميع العمال الماهرين في العالم يريدون المجيء إلى ألمانيا هو وهم للأسف”.
ألمانيا تتلف ملايين الكمامات منتهية الصلاحية
يشار إلى أن الحكومة الحالية تحاول تسهيل الهجرة أمام العمالة الماهرة، لكن البيروقراطية والافتقار إلى الرقمنة يمكن أن تدفع العمال الأجانب الذين يرغبون في الانتقال إلى ألمانيا إلى الانتظار لشهور عديدة قبل الحصول على حق العمل في البلاد.
وقد يمثل هذا الانتظار كابوسا بالنسبة للشركات والمصانع الألمانية، إذ يمكن أن يؤدي نقص العمالة الماهرة إلى زيادة الضغوط على العمال الحاليين ما قد ينجم عنه انخفاض في الإنتاجية.
ومن شأن هذا أن يشكل خطرا على تنافس العلامات التجارية الألمانية في الأسواق العالمية خاصة أمام الصين التي تعمل على زيادة قوتها الصناعية، فضلا عن أن دول أخرى تنافس ألمانيا على استقطاب العمالة الماهرة.