أخبار القارة الأوروبية_ هولندا
كشفت إدارة التفتيش على التعليم في هولندا أن أطفال الأسر التي رفضت طلبات لجوئها في البلاد، يكبرون “في بيئة غير آمنة”.
بحسب تقرير المفتشية، فإن مراكز إيواء الأسر “صاخبة وصغيرة”، ما يؤثر على نوعية حياة الأطفال بشكل مباشر، “فلا ينامون بشكل كاف مما يعيق قدرتهم على التعلم”، كما أنهم أحيانا لا يحظون بفرص لإكمال تعليمهم. ودعت المفتشية وزارة التربية إلى “إيلاء مصلحة هؤلاء الأطفال اهتماما أكبر… هولندا وقعت على اتفاقية حقوق الطفل، وبالتالي هي مسؤولة عن ضمان سلامتهم وتعليمهم”.
وغالبا ما تعاني أسر هؤلاء الأطفال نتيجة قرار السلطات رفض طلبات لجوئها، فيسعى الأهل إلى الاستئناف على قرارات الرفض، فضلا عن أنه هناك حالات لم تتمكن السلطات من ترحيلها نتيجة رفض بلدانها استقبالها.
حسب التقرير، يجب أن يحصل أطفال هذه العائلات على فرصة “للتطور” على الرغم من الظروف الصعبة التي تمنع ذلك.
فنتيجة التهديد بالترحيل ونقل تلك العائلات بشكل مستمر من مركز إيواء إلى آخر، يصعب على الأطفال التأقلم بشكل صحي.
واعتبر تقرير المفتشية أن التنقل المستمر غالبا ما يؤدي إلى انقطاع عن التعليم، “نظرا لأن عمليات الترحيل غالبا ما تتم دون استعداد ودون سابق إنذار”، ما يجبر العائلات ومن ضمنها الأطفال على الانقطاع عن روتينهم اليومي بما يشمل التعلم. بالإضافة إلى ذلك، “غالبا ما تكون هناك قوائم انتظار لالتحاق الوافدين الجدد بالمدارس”.
وتمضي العائلات من طالبي اللجوء في الغالب فترات طويلة في مراكز الإيواء. فمثلا، 60% من العائلات التي رفضت طلبات لجوئها واستنفذت كافة السبل للحصول على اللجوء أمضت أكثر من ثلاث سنوات في تلك المراكز. وفي حالات أخرى، هناك من أمضوا أكثر من خمس سنوات.
وقالت المفتشية: “نظرا لطول مدة الإقامة (في مراكز الإيواء)، فإن الوصول إلى التعليم بالنسبة للأطفال، وضمان الأمن والتنمية، ينبغي أن تكون العناوين الأكثر أهمية.”
كان مركز تير أبيل، بالقرب من مدينة غرونينغن (شمال)، مركز الاستقبال الرئيسي في هولندا، قد شهد اكتظاظا غير مسبوق أدى إلى أن ينام ما يصل إلى 700 شخص خارجه. وفي نهاية شهر آب\أغسطس، أعلن عن وفاة رضيع يبلغ من العمر ثلاثة أشهر في الصالة الرياضية داخل المركز، ما لفت الأنظار إلى ظروف الاستقبال هناك.
أطباء عملوا داخل المركز وصفوا ظروف الاستقبال هناك بالسيئة، وقارنوها بظروف الاستقبال في مراكز اللاجئين على طول الحدود الأوروبية.
واستجابة لهذا الواقع، نشرت منظمة أطباء بلا حدود، للمرة الأولى في تاريخها، فريق قبالة مركز تير أبيل، معتبرة أن ظروف الاستقبال هناك “غير إنسانية”.
كما استدعى هذا الوضع تدخلا للقضاء، حيث أمرت محكمة هولندية الحكومة بوجوب تحسين ظروف وشروط الاستقبال في البلاد على نحو فوري، معتبرة أن الظروف الحالية “لا تفي بالمعايير الدولية”. المحكمة طالبت الدولة أيضا بضرورة إيجاد أماكن إيواء لطالبي اللجوء، لديها بنى تحتية كافية ضمن “فترة زمنية” قصيرة.
من جانبه اعتبر وزير التربية “دينيس ويرسما” ووزير الخارجية “إريك فان دير بورغ”، أن الاستنتاجات التي خلص إليها التقرير “غير مرغوب بها”، خاصة لجهة نقل الأطفال مرات عديدة وانقطاعهم عن التعليم لفترات طويلة.
وكان الوزراء قد ناقشوا تحسين أداء المدارس مع أطفال العائلات المرفوضة طلبات لجوئهم، وتم اقتراح تعيين المدرسة التي ستستقبل الأطفال قبل أن تضطر عائلاتهم لمغادرة مركز الإيواء. لكن هذا ليس ممكنا، بحسب وزير التربية، بسبب المشاكل المحيطة بنظام الاستقبال وآليات اللجوء.
هولندا تواصل فرض قيود على لم الشمل رغم عدم قانونيته
وفي ختام تقريرها، دعت المفتشية الحكومة إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لمصالح هؤلاء الأطفال. لكن في المقابل، يجادل بعض الوزراء بضرورة تفضيل مصلحة الدولة المتمثلة في إعادة من ليس لديهم الحق في البقاء في هولندا إلى بلدانهم. وسط هذا الجدل، تعهد كل من وزير التربية ووزير الخارجية ببذل جهود أكبر لإيلاء “أكبر قدر ممكن من الاهتمام” بهؤلاء الأطفال وحقوقهم.
واستقبلت هولندا العام الماضي 35 ألف طلب لجوء من جنسيات مختلفة، بزيادة نسبتها 44% مقارنة بعام 2021. وشكل السوريون المجموعة الأكبر من هؤلاء (36% وفقا لهيئة الإحصاء الهولندية).
ومع نهاية عام 2022، بلغ عدد السوريين في هولندا أكثر من 53 ألفا، بحسب موقع statista المختص بالإحصاء والبيانات.
في هذا السياق، أعلنت هيئة الإحصاء الهولندية، استنادا إلى الإحصائيات المسجلة حتى الأول من كانون الأول/ديسمبر الماضي، أن سرعة نمو السكان في هولندا في عام 2022 تضاعفت مقارنة بالعام السابق.
وتوقعت الهيئة أن يصل عدد سكان البلاد إلى حوالي 20,7 مليون نسمة في عام 2070، ويعود ذلك إلى الهجرة، التي ستنعكس أيضا على ارتفاع بنسب الشباب ضمن السكان.