أخبار القارة الأوروبية – برلين
تصوير: رفيف القطيني
أقامت مجموعة المرأة السودانية في العاصمة الألمانية برلين في 11 من شهر مارس الجاري، احتفالاً بـ”يوم المرأة العالمي”، وذلك بحضور سفيرة السودان لدى ألمانيا “إلهام محمد أحمد”.
مجموعة المرأة السودانية ذكرت في افتتاحية الفعالية أنه، “على مر السنين اتحدت المزيد من التجمعات النسوية لتوحيد الجهود المبذولة لاحتضان التمكين الجماعي للمرأة، حيث ناضلت النساء من أجل المساواة في الحقوق بما في ذلك الحق في العمل والتصويت وتقلد المناصب العامة وغيرها”، لافتة إلى أنه: “في العام 1975 تم الاحتفال لأول مرة في يوم 8 مارس باعتباره اليوم العالمي للمرأة في جميع أنحاء العالم، فاليوم العالمي للمرأة هو يوم كرسه الناس في جميع أنحاء العالم للاحتفاء بالمرأة ودورها في المجتمع، فهن يستحقن التكريم الذي يمنحه لهم العالم في هذا اليوم”.
وأضافت المجموعة: “التحية لنساء العالم بجميع أطيافهم وألوانهم السياسية دون تمييز، التحية لجميع النساء القابضات على الجمر. تحية خاصة للسودانيات المناضلات، والتحية موصولة للرجال اللذين ساندوا وما زالوا يساندون المرأة في رسالتها التربوية داخل الأسرة وفي مسيرتها العملية والمجتمعية خارج الأسرة.”
مجموعة المرأة السودانية
سفيرة السودان لدى ألمانيا: المرأة السودانية لها دور بارز في ثورة ديسمبر
سفيرة السودان لدى ألمانيا “إلهام محمد أحمد” قالت في كلمتها: إن “يوم المرأة العالمي هو مناسبة لتذكر نضالات المرأة حول العالم في كل القارات”، موضحة أن “فكرة الاحتفال بيوم المرأة العالمي نشأت في قارة أمريكا الشمالية في أوائل القرن العشرين، وكانت أول احتفال بهذه المناسبة في العام 1909، لتنتشر في أوروبا وفي روسيا السوفيتية في 1917، وفي أواخر الستينيات تبنت الاحتفال الحركة النسوية العالمية في ذلك الوقت، والتي كانت توجهاتها اشتراكية، وأخيرا تبنت الأمم المتحدة الاحتفال بهذا اليوم في العام 1975″.
معالي السفيرة “أحمد” أكدت أن “الأمم المتحدة تعد المؤسسة الأساسية التي أخذت على عاتقها الاحتفال بالمرأة، وفي أكتوبر 1945 بعد إتمام ميثاق الأمم المتحدة ورد في الميثاق بشكل واضح أن أهم أهداف المنظمة تعزيز الحريات الأساسية للجميع دون تمييز وبما في ذلك على أساس الجنس، ومن ثَّم أنشأت الأمم المتحدة لجنة وضع المرأة في العام 1946، ثم جاء بعد ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، هو الوثيقة الأساسية التي اعترفت بالحقوق والحريات الأساسية للبشر دون أي تمييز”.
ولفتت إلهام إلى أن، “العام 1975 شهد إعلان الأمم المتحدة السنة الدولية للمرأة، واحتفل به في 8 مارس وتم تحديد ذلك اليوم كيوم عالمي للاحتفال بالمرأة، عقد أيضا بعد ذلك أول مؤتمر للمرأة في المكسيك في يوليو 1975، وهو ما تبعه العديد من المؤتمرات اللاحقة، وكذلك الأنشطة والوثائق والاتفاقات والمؤتمرات الدولية والمشهور منها مؤتمر بكين عام 1995”.
المرأة السودانية تاريخيا..
أما فيما يتعلق بالمرأة السودانية أوضحت السفيرة “أحمد” أن: “المرأة السودانية على مدار تاريخها القديم كانت تلعب دورا هاما في الحياة السياسية والاجتماعية، منذ ممالك ما قبل التاريخ، ونذكر في التاريخ السوداني النوبي في العهد النوبي القديم مرورا بمشاركة المرأة السودانية في الحركات المناهضة للاستعمار، ومشاركتها أيضا في الحركة السياسية بعد الاستقلال، وصولا لمشاركتها الفاعلة في ثورة ديسمبر المجيدة”.
وأشارت “السفيرة “إلهام محمد أحمد” إلى أنه: “بعد قيام الثورة نصت الوثائق التي شكلت خارطة الطريق في الفترة الانتقالية على دعم مسيرة المرأة من خلال المساواة في الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومحاربة أشكال التمييز ضد المرأة كافة، موضحة أنه “لا تزال هناك العديد من التحديات التي ينبغي لتكثيف الجهود الرسمية والشعبية وجهود المجتمع المدني لتجاوزها بدعم من الدولة ومن المؤسسات المدنية والدولية”.
السفيرة السودانية شددت على أن: “الحديث عن المرأة السودانية له شجون وأفضل من يتحدث عن المرأة هم النساء والرجال في ألمانيا، فكل منكم سفير للوطن السوداني من خلال سلوكه”، لافتة إلى أن “السودانيين في ألمانيا من أقل الجاليات نسبة من حيث ارتكاب المخالفات بجميع أشكالها الأمر الذي يعطي صورة طيبة عن السودان لدى الشعب الألماني.”
ودعت السفيرة إلى ترجمة اسهامات السودانيين في المجالات المتخلفة إلى واقع ملموس في الحياة السياسية والاقتصادية والمدنية في ألمانيا، من خلال لعب دور فاعل في مجتمعاتهم الصغيرة وتطوير هذا الدور ليصل إلى منتهاه للمشاركة في الهياكل المحلية والإقليمية والنيابية لخدمة المجتمعات، مثلما تفعل الكثير من الجاليات في ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية وحتى في الولايات المتحدة ودول المهجر، مؤكدة على أهمية توحد جميع السودانيين تحت راية السودان الوطن الواحد.
سفيرة السودان لدى ألمانيا “إلهام محمد أحمد”
إلى جانب ذلك، ذكرت السفيرة “أحمد” في تصريح خاص لـ”أخبار القارة الأوروبية” عن حول دور المرأة السودانية في النضال الحديث، أن “المرأة السودانية تناظل منذ سنوات طويلة في عمق التاريخ من أيام الحضارة النوبية ومن قبلها من خلال ما يعرف بالكانداكات أو الملكات، وهن حكمن السودان وأجزاء كبيرة من المنطقة قبل أن تكون الحدود الحالية للدول وهي أمور مسجلة في التاريخ”، مؤكدة أن “المرأة السودانية تطورت وولجت كل مجالات الخدمة والتعليم، والآن لا نتحدث عن أن التعليم أو الوظائف أو عمل المرأة السودانية في الوظائف شيء جديد عليها، وإنما المرأة السودانية اصبحت خبيرة وأصبحت جزء أساسي مع أخيها الرجل في تشكيل المجتمع السوداني والحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.
وعن دور المرأة السودانية كقائدة في الآونة الأخيرة أوضحت السفيرة أن: “المرأة السودانية شاركت بفعالية في ثورة ديسمبر المجيدة وكل العالم شاهد على دورها ونضالها، وحاليا المرأة السودانية وخاصة الشابات تسهم إسهاما كبيرا في تشكيل مستقبل السودان السياسي ونحن سعداء أن البلاد تشهد حراك سياسي كبير جدا يقود لتشكيل حكومة مدنية تقود بدورها للانتخابات القادمة إن شاء الله”.
رمز وطني وقومي..
المهندسة “فاتن يوسف” عضو مجموعة المرأة السودانية قالت في تصريح خاص لـ”أخبار القارة الأوروبية” إن: “المرأة السودانية لعبت دور القيادة والريادة، وأسهمت في تنمية بلدها بصور مختلفة منذ أقدم العصور، وأصبحت أسماء نساء السودان رمزا وطنيا وقوميا شامخا، لافتة إلى أن “عزة” التي كانت رمزا للشعراء و”فتاة الغد” التي تغنى بها الفنانون، هو دليل على مكانة المرأة السودانية وشموخها، وهي قلادة شرف تزين جيد كل نساء السودان، مشددة على أن حواء لا تزال حبلة، وأيادي المرأة ممتدة، في دروب مضيئة بكنداكات السودان”.
المهندسة “فاتن يوسف” عضو مجموعة المرأة السودانية
يذكر أن مجموعة المرأة السودانية هي مجموعة نسوية طوعية غير حكومية تكونت من قرابة 13 امرأة من النساء السودانيات في برلين في العام 2015، حيث نشأت المجموعة تحت مظلة الجالية السودانية، وفي ديسمبر ٢٠٢٢ تم تسجيل المجموعة ككيان مستقل بذاته باسم (سودانية)، وهي مجموعة مستقلة لا تتبع أي تيار سياسي أو حزبي ولا تتبنى أي طابع عرقي أو إثني، وتهدف المجموعة إلى خلق برامج اجتماعية وثقافية تعنى بالمرأة والطفل في برلين ولتوسيع قاعدة مشاركة المرأة السودانية في برلين في العمل الاجتماعي الثقافي الطوعي، فضلا عن تعميق مفهوم الهوية لدى الأطفال وتعريفهم بالثقافة والموروثات السودانية من خلال الأنشطة المختلفة التابعة لها.
طبيبات في دروب النجاح..
وشاركت في الفعالية طبيبات عربيات في دروب النجاح خارج الوطن إذ ألقت الدكتورة اليمنية “شذى عبد الرحمن بلجون” اخصائية الجراحة التجميلية كلمة تحدثت فيها عن تجربتها : “وُلدت في مدينة عدن، عاصمة اليمن الجنوبي سابقاً، ونشأت في أسرة مثقفة من الطراز الأول كان لها دور مهم في الشأن الثقافي في مدينة عدن والمجتمع اليمني، ووالدي هو الإعلامي المعروف “عبد الرحمن بلجون” مدير عام الإذاعة والتلفزيون في ثمانينيات القرن الماضي سابقاً، ووالدتي هي الأستاذة “عائدة جعشان” المحاضرة في جامعة عدن بقسم الفلسفة”، كما إن عمي الأستاذ “محمد عمر بلحوم” وهو أحد مؤسسي اذاعة عدن والذي عمل لاحقاً كمذيع في اذاعة هولندا قسم عربي”.
وتابعت الدكتورة “شذى”: “كانت أسرتي دائماً تحث على طلب العلم والاطلاع والمثابرة، حظيت بنفس الوقت بطفولة هانئة وسعيدة في أسرة يملؤها الحب والسعادة، إلى أن حدثت المأساة التي غيرت مسار الحياة العائلية بالكامل، ففي الثالث عشر من يناير العام ١٩٨٦ أُعتقل والدي إبان الانقلاب العسكري دون ذنب جناه من قبل أمن الدولة وتم إخفائه قسرياً، ثم تم العثور على بطاقته الشخصية في مقبرة جماعية بحسب ما أفادت للأسرة منظمة العفو الدولية، لتنقلب الموازين، وتصبح هي وأشقائها الثلاثة بلا معيل، وتعرضت الأسرة للمضايقات من النظام الجديد ما اضطر الوالدة للجوء بالأسرة إلى الشام ثم العودة إلى ألمانيا الشرقية حيث كان والدها ملحقا ثقافيا قبل ذلك، وبدأت الأسرة تتعامل مع مجتمع جديد يجب هضمه واستيعابه والعمل من خلاله لتحقيق النجاح”.
الدكتورة اليمنية “شذى عبد الرحمن بلجون”
الدكتورة “شذى” أكدت أن “الحياة لم تكن سهلة في البداية.. أمُ مفجوعة بزوجها بعهدتها 4 أطفال : أنا وشقيقتي التؤام الدكتوره “ندى عبد الرحمن بلجون” اخصائية الجراحة التجميلية في مشفى ماجدبورج الجامعي وشقيقي “بلجون” و”وضاح”، موضحة أن “الإمكانات كانت محدودة ولم تكن تستطيع الالتحاق بالتدريب النظامي لتعلم اللغة الألمانية، وبالتالي تعلموا اللغة الألمانية من المدرسة بالممارسة، وتم وضعي مع أختي في سجل الطلبة المتميزين والذين حصلوا على الثناء من إدارة المدرسة”.
النظرة النمطية..
ولفتت الدكتورة اليمنية “شذى” إلى أنها: “أردت دراسة تخصص يجمع بين خدمة المجتمع الإنساني والتعبير عن المبعد الجمالي للحياة، فكانت دراستي لطب وتخصصي في جراحة التجميل انعكاساً لهذه الرغبةـ ولم تكن الطرق معبدة، في مرحله دراسة الطب ولا بعد التخرج، فقد توجب علي أن أعمل أنا وشقيقتي “ندى” لتغطية نفقات الدراسة، فعملنا في مهن شتى، وكذلك بعد التخرج توجب الاستمرار في مشافي عديدة بألمانيا لتحصيل التدريب الضروري”.
وشددت “شذى” على رغبتها وإصرارها على تغيير النظرة النمطية للمرأة الشرقية، فواصلت الليل بالنهار بالعمل الدؤب دون الاستمتاع بالإجازات، لتحقيق النجاح المهني المتميز الذي يليق بالمرأة العربية، حتى تحقق النجاح، الذي يعود الفضل فيه لأسرتها ووالديها والمجتمع الألماني الذي سمح بذلك، مشددة على أنها وشقيقتها التوأم ندى تعاهدا على أن تكونا صورة مشرفة للمرأة العربية واليمنية في بلاد المهجر.
واختتمت “شذى” حديثا بالقول: “من وجهة نظري فإن أنوثه المرأة لا تنتهي كونها تعيش في المجهر، كل امرأة جميلة، ومن حقها أن تعيش أنوثتها بكل صورها، ودعت النساء العربيات الراغبات في بداية حياتهن في المجتمع الألماني أن يجدن في قصتها ما يشد أزرهن ويقوي عزيمتهن على المضي قدماً في طريق النجاح”.
كما شاركت في الفعالية الدكتورة السورية “نجاة عبد الصمد” اخصائية النساء والتوليد” وهي كاتبة ومترجمة وطبيبة توليد من مواليد 1967، تقيم في ألمانيا ولها خمس روايات منها رواية «لا ماء يرويها» الصادرة عن دار منشورات ضفاف في عام 2017 والتي فازت بجائزة كتارا للرواية العربية، كما لها إصدارات في الترجمة عن اللغة الروسية منها قصة «مذكرات طبيب شاب» للكاتب الروسي “ميخائيل بولغاكوف”.
الدكتورة السورية “نجاة عبد الصمد”
وشهد الحفل تكريم الأطفال المشاركين بالفعاليات السابقة، فضلا عن عرض أزياء “التوب السوداني”، واختتمت الاحتفالية بأمسية غنائية مع المطرب “عزو المبارك”، والعازف “زين المبارك”.