بعد إصابة طفلين في حادث أنسي…اليمين المتطرف يشن هجوما على “الهجرة الجماعية”

أخبار القارة الأوروبية_فرنسا

أعلن الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” أن طفلين طعنهما مهاجم بسكين وأصيبا بجروح بالغة بمدينة أنسي الجبلية صارا في حالة مستقرة اليوم الجمعة (9 حزيران/ يونيو 2023) مضيفا أن الأطباء متفائلون بشأن تعافيهم.

وخلال زيارته وزوجته للمصابين قال “ماكرون” إن  الأنباء المتعلقة بالحالة الصحية للأطفال الأربعة الذين أصيبوا الخميس “إيجابية“.

وتتراوح أعمار الأطفال بين 22 و36 شهراً، أما البالغان المصابان فهما متقاعدان، ومن المصابين طفل بريطاني الجنسية وطفلة هولندية “صارت بمنأى عن الخطر” بحسب وزير خارجية هولندا.

فرنسا: دوافع المشتبه به في تنفيذ عملية الطعن غير إرهابية

وقبل أن يتوجه إلى أنسي، زار “إيمانويل” و”بريجيت ماكرون” عائلات الأطفال الثلاثة الذين نقلوا إلى مستشفى في مدينة غرونوبل القريبة (الطفل الرابع أدخل مستشفى في جنيف) وتحدثا مع طاقم التمريض. وقال ماكرون لعناصر الشرطة والمسعفين الذين تعاملوا مع الهجوم “الأطباء مطمئنون للغاية“.

ووصف “ماكرون” الهجوم بأنه “تصرف ينم عن جبن مطلق”، وكتب في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) إن “البلاد في حالة من الصدمة“.

ووضع أفراد اليوم الجمعة زهوراً في الساحة التي استهدف فيها لاجئ سوري عمره 31 عاما الأطفال.

ورغم حالة الصدمة، كانت هناك إشادة واسعة بشاب يقوم بجولة بين كاتدرائيات فرنسا سيراً على الأقدام وتصادف وجوده بالمكان بعدما حاول اعتراض المهاجم ثم طارده.

وأظهر مقطع مصور للهجوم التقطه أحد المارة، المهاجم وهو يقفز من فوق جدار منخفض إلى ساحة لعب للأطفال ويندفع نحو طفل في عربة أطفال بشكل متكرر ويزيح جانبا امرأة تحاول إبعاده.

وأثنت فرنسا على شجاعة شاب قيل إنه واجه المهاجم واستخدم حقيبة ظهره كدرع بينما كان يحاول اعتراض المهاجم.

وأطلق الإعلام الفرنسي على الشاب (24 عاما) لقب “بطل حقيبة الظهر”/ ويعرّف هذا الشخص الذي يدرس علم الإدارة والفلسفة نفسه باسم “هنري” فقط.



وقال “هنري”: “كل ما أعرفه هو أنني لم أكن هناك بالصدفة… كان من غير المعقول ألا أفعل شيئا… تتبعت حدسي وفعلت ما بوسعي لحماية الضعفاء“.

ومددت السلطات الفرنسية الجمعة توقيف “عبد المسيح” منفّذ الهجوم .  ومنذ توقيفه، لم يقدم أي تفسير لدوافعه و”عرقل احتجازه لدى الشرطة” لا سيما من خلال “التدحرج على الأرض”، وفق مصدر مقرب من التحقيق.

وجاء في تغريدة مقتضبة للمدعية العامة “لين بونيت ماتيس”: “مُدّد توقيف المتهم”، وأكد مصدر قريب من التحقيق أن حالة الرجل “تسمح باحتجازه” بعد خضوعه لفحص نفسي.

وحتى الآن “لا يوجد دافع إرهابي واضح” للهجوم، بحسب النيابة العامة في أنسي.

والمهاجم ليس له سجل جنائي ولا عنوان سكن ثابت، وكان الرجل البالغ 31 عاماً والذي عاش لمدة عشر سنوات في السويد قد طلّق زوجته قبل بضعة أشهر وتوجه إلى فرنسا وأقام في أنسي منذ خريف عام 2022. وعند تنفيذه الهجوم لم يكن تحت تأثير المخدرات أو الكحول.

وكان “عبدالمسيح”، الوالد لطفل يبلغ ثلاث سنوات، في وضع قانوني عندما وصل إلى فرنسا قبل بضعة أشهر. وفي طلب لجوء جديد قُدِّم إلى فرنسا في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، صنّف نفسه “مسيحياً من سوريا” بحسب مصدر في الشرطة. وكان يضع صليباً عند توقيفه.

الصدمة الهائلة في فرنسا التي أحدثها الهجوم بسكين على أطفال صغار في متنزه لم تمنع توظيفه سياسياً، ولم تحدث دقيقة الصمت في الجمعية الوطنية فور وقوع المأساة الأثر المرجو. ودعت رئيسة الوزراء “إليزابيت بورن” الجميع إلى “التحلي بالمسؤولية في هذه الظروف“.

وحذّر المتحدث باسم الحكومة “أوليفييه فيران” من “لعبة التفسيرات والتبريرات الضارّة”، ودعا وزير الاقتصاد “برونو لومير” إلى “ترك السياسة جانباً لبعض الوقت”.

 لكن تلك التصريحات كانت أشبه بصرخة في واد، إذ إن الهجرة موضوع شديد الحساسية ومثير للانقسام في فرنسا.

واغتنم اليمين المتطرف واليمين في فرنسا الهجوم للتنديد بـ”نزعة التوحش” الناتجة من “الهجرة الجماعية”. وسخرت زعيمة اليمين المتطرف “مارين لوبن” الجمعة من تصريحات المسؤولين قائلة “هل هناك سلطة عليا يتعين طلب الإذن منها للحديث عن المشاكل؟“.

وقالت عبر إذاعة “أوروبا 1″، “أشعر بأنني مضطرة لتقديم إجابات، وأعتقد أن الفرنسيين ينتظرون منا أن نقدم إجابات“.

فور انتشار نبأ الهجوم الخميس، استنكر العديد من قادة اليمين واليمين المتطرف “الهجرة الجماعية”، وتحدث بعضهم عن “النزعة الإسلامية الراديكالية” و”الإرهاب” قبل أن يتبيّن أن المهاجم مسيحي وتعلن النيابة العامة أنه تصرف “من دون دافع إرهابي واضح“.

واعتبر رئيس حزب “التجمع الوطني” “جوردان بارديلا” عبر تويتر أنه “يجب إعادة النظر في سياستنا للهجرة برمتها وعدد من القواعد الأوروبية”. بدوره، قال نائب رئيس الحزب ديفيد راشلين إن “الهجرة الجماعية لها صلة مباشرة بنزعة التوحش التي تعانيها بلادنا“.

 

مثّل الهجوم فرصة ظهور أيضاً لليمين التقليدي الذي يحاول حالياً فرض مقترحاته في المشروع الجديد للهجرة الذي تسعى الغالبية الرئاسية لصوغه.

وقال رئيس كتلة حزب “الجمهوريين” “أوليفييه مارليكس” إن “الهجرة الجماعية غير المضبوطة تقتل“.

وصرح رئيس الحزب “إيريك سيوتي” الخميس “علينا أن نستخلص كل العبر بدون سذاجة وبحزم ووضوح“.

كما انتقد “سيوتي” الجمعة “الإدارة الكارثية للجوء في أوروبا” ودعا إلى عدم “الخضوع للقواعد المفروضة علينا” بعد الآن.

وبحسب استطلاع أجراه معهد “إيفوب” ونشرته في نهاية أيار/مايو صحيفة “لوجورنال دوديمونش”، يؤيد 69% من الفرنسيين تعديل الدستور لإتاحة عدم التقيد بالقواعد الأوروبية من أجل الحد من الهجرة.

 

في هذا السياق، كتب على منزل نائب من اليسار الراديكالي في مدينة بوردو (جنوب غرب) الجمعة شعار يقول “مهاجروكم، أمواتنا”، ويتهم اليمين المتطرف اليسار الراديكالي بأنه مؤيد للهجرة الجماعية.

من جهته، أعرب الكاتب الجزائري “كمال داود” الجمعة عن أسفه “لغياب التفريق” بين الهجرة والجريمة في النقاش العام.

وقال “داود”: “يمكننا أن نحصر الأمر بالقراءة السياسة وتلك المتصلة بالهوية، لكن المأساة الإنسانية أكثر تعقيداً بكثير“.

Exit mobile version