أخبار القارة الأوروبية_بريطانيا
كشفت إحصاءات حديثة زيادة أعداد المهاجرين إلى بريطانيا رغم السياسات المناهضة للاجئين والتي تتبعها الحكومة البريطانية في أعقاب خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
كان رئيس الوزراء البريطاني “ريشي سوناك” قد شدد في وقت سابق على أن القوارب الصغيرة التي تعبر القنال انخفضت بنسبة 20٪.
وقال سوناك: “لن أرتاح حتى تتوقف القوارب.. بالقبضة والتصميم، يمكن للحكومة أن تصلح هذا الأمر، ونحن نستخدم كل أداة تحت تصرفنا.”
قلق في بريطانيا إثر عزوف الطلاب عن المدارس
لكن خطاب رئيس الوزراء هذا جاء بعد فترة وجيزة من الأرقام التي نشرها مكتب الإحصاء الوطني البريطاني، يوم 25 أيار/ مايو، والتي أظهرت أن صافي الهجرة في بريطانيا سجل مستوى قياسيًا بلغ 606 آلاف في العام الماضي، على الرغم من قيود ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، هذه الأرقام بنظر غالبية الناخبين البريطانيين من مختلف الأطياف السياسية “مرتفعة للغاية”، وفقًا لاستطلاعات الرأي.
لكن بنفس الوقت، يقول الناخبون إنهم يريدون المزيد من الممرضات والأطباء والعاملين في قطاع الضيافة، وهو ما عبّر عنه عنوان المجلة الإخبارية البريطانية الأسبوعية “The Economist”: “قد لا يحب البريطانيون الهجرة كثيرًا.. لكنهم حريصون على المهاجرين”.
برأي الأستاذ في جامعة “كينجز لندن” “جوناثان بورتس”: “أدت مجموعة من العوامل إلى تسجيل أرقام هجرة قياسية في المملكة المتحدة، أولها زيادة عدد اللاجئين، وكثير منهم من أوكرانيا وهونغ كونغ. والثاني هو وصول الطلاب الدوليين، وخاصة من الهند ونيجيريا، كذلك ارتفع عدد القادمين للعمل أيضًا”.
فمنذ وقت ليس ببعيد، بدا الأمر كما لو أن المملكة المتحدة انقلبت ضد الهجرة الجماعية مرة واحدة وإلى الأبد، إذ صوتت بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي في عام 2016، مدفوعةً بـ”الهجرة” كأحد الأسباب الرئيسية لتلك الخطوة، لكن ذلك كان نهاية حرية الحركة والتجارة مع الاتحاد الأوروبي، ما ترك المملكة المتحدة بعزلة جعلتها تعاني من نقص العمال وارتفاع التكاليف على العملاء.
ثم في عام 2022 ، أكد مدير مركز الهجرة الدولية التابع مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني “جاي ليندوب”: “أدت سلسلة من الأحداث العالمية غير المسبوقة ورفع القيود في أعقاب وباء كورونا إلى مستويات قياسية للهجرة الدولية إلى المملكة المتحدة”.
إذ اتبعت بريطانيا بعد الـ”بريكست” نظام هجرة جديد كان كل ما استطاع فعله هو: “تقليل الهجرة من الاتحاد الأوروبي إلى الممكلة المتحدة، لكنها زادت من بقية أنحاء العالم”، بحسب بورتس، وأضاف أن “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم يكن جيدًا من الناحية الاقتصادية للمملكة المتحدة، لكننا نكتسب بشكل ثابت ميزة نسبية على أوروبا مع ارتفاع عدد الطلاب الدوليين وتدفق العمال المهرة. وهذا هو الحال بشكل خاص في قطاعات التعليم العالي والتمويل والأعمال والتكنولوجيا”.
رغم كل هذا خفت حدة مواقف تجاه الهجرة لدى البريطانيين، وكتبت مارلي موريس، المديرة المساعدة للهجرة والتجارة والمجتمعات في معهد أبحاث السياسة العامة: “يتوقع الجمهور نظام هجرة منظم جيدًا ومُدار بعناية، لكنهم يريدون أيضًا أن يكون النظام مرنًا ومتجاوبًا ورحيمًا. ويمكن لجدول أعمال خاص بالهجرة واللجوء يجسد هذا المنظور أن يحظى بدعم واسع”.
فحكومة المحافظين تنقسم وفقًا لوجهة نظر اقتصادية حول كيفية تحقيق الزيادة، وكيفية وضع جدول الأعمال هذا، ويشرح الأستاذ في جامعة كينجز لندن جوناثان بورتس: “يريد وزير الخزانة جيريمي المزيد من المهاجرين، بينما تريد وزيرة الداخلية سويلا برافرمان عددًا أقل؛ مرة أخرى، هذا طبيعي.. لأن برافرمان غير مسرورة منذ ذلك، كما توضح بعض خطاباتها المعادية للمهاجرين وتتضمن كراهية الأجانب”.
في تشرين الأول/ أكتوبر 2022 واجهت برافرمان انتقادات شديدة عندما وصفت وصول طالبي اللجوء إلى الساحل الجنوبي للمملكة المتحدة بأنه “غزو”، في اليوم التالي لهجوم على مركز لطالبي اللجوء في دوفرز بمنطقة القنال، وفي وقتٍ لاحق أثارت وزيرة الداخلية المزيد من الجدل بعد أن أعلنت أن البريطانيين من أصلٍ باكستاني هم “المسيطرون” على عصابات الدعارة في البلاد.
قلق في بريطانيا إثر عزوف الطلاب عن المدارس
لذلك وأثناء انتظار الحكومة لانخفاض أرقام الهجرة القياسية، قامت الحكومة بقمع الأشخاص الذين يعبرون القنال الإنجليزية في قوارب صغيرة، التي عبرها نحو 45 ألف شخص، بهذه الطريقة، العام الماضي.
من بين الإجراءات التي استخدمتها حكومة سوناك لإيقاف القوارب الصغيرة، وفقًا لـ”قانون فاتورة الهجرة غير الشرعية” كانت خططًا لإيواء طالبي اللجوء على متن سفن عملاقة، حيث أرسي أول مركز إقامة عائمة قبالة ساحل دورست في جنوب غرب إنجلترا في حزيران/ يونيو، بينما من المقرر أن يستوعب مركزان آخران 1000 طالب لجوء آخرين، وهو أمرٌ نددت به الجمعيات.
مع اقتراب الانتخابات العامة العام المقبل، سيعتمد بقاء حكومة المحافظين على السيطرة على الهجرة. من ناحية أخرى، سيتعين عليها ضمان وجود عدد كافٍ من العاملين في البلاد في قطاعات الطب والطهي والضيافة بالإضافة لقطاعات أخرى، لذلك وفي هذه البيئة المتغيرة، حيث تتنافس البلدان الغنية مع بعضها البعض على العمال المهرة والطلاب، قد يستفيد المهاجرون المحتملون من التغييرات في البيئة السياسية أو قانون الهجرة في المملكة المتحدة، كما يقول بعض الخبراء.