بعد تشويه الإعلام لكلمته…حملة كراهية ضد سياسي من أصل سوري في ألمانيا

أخبار القارة الأوروبية_ألمانيا

أعرب “معتصم الرفاعي”، عضو مجلس الهجرة والاندماج بنورنبرغ، عن رأيه في ما يصفه بـ “التراجعات الخطيرة” على مستوى حقوق الإنسان في الدول الأوروبية ومنها ألمانيا، وذلك بنبرة احتجاجية خلال المؤتمر الثامن والثلاثين للكنيسة الإنجيلية الألمانية في نورمبرغ، وهو حدث استضاف المستشار الألماني أولاف شولتس الأسبوع الماضي.

مخطط نظام اللجوء الأوروبي المشترك بالنسبة لمعتصم “يلغي حق اللجوء، كحق أساسي من حقوق الإنسان”، لذلك ما كان أمامه إلا أن يجهر بفكرته في مناسبة استدعت ذلك حسبه، لكنه لم يتوقع أن يعرض كلامه على شاشة القناة الألمانية الثانية ZDF بشكل معكوس تماما، يظهره مناصرا لنظام فلاديمير “بوتين” و”بشار الأسد”.

يقول “معتصم”: “قتل نظام الأسد بدعم من بوتين العديد من أقاربي وأصدقائي، وهجر أكثر من 13 مليون سوري من منازلهم. ويتعرض حوالي 150 ألف سوري وسورية للتعذيب في السجون يوميا. فكيف سمحوا لأنفسهم بتقديمي كداعم لهذه الأنظمة”.

ويتعلق الأمر بتقريرين عرضا على القناة الألمانية الثانية، حيث اقتطع صوت “الرفاعي” وسياق حديثه ومضمونه، وقدم على أساس أنه يعارض حديث المستشار “شولتس” ويدافع عن روسيا وحربها ضد أوكرانيا، وهو ما يتعارض مع مضمون خطاب السياسي السوري عضو حزب الخضر، وعكس مبادئه التي اشتهر بها على مدى سنوات من العمل التطوعي الحقوقي والسياسي منذ وصوله إلى ألمانيا. يقول “الأمر تسبب في حملة كراهية شرسة ضدي على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي”.

“معتصم الرفاعي” أوضح أنه:“أعتقد أن عرض تقريرين اثنين يقدماني كداعم لنظام بوتين، أمر مؤسف. لو أن حساباتي على وسائل التواصل الاجتماعي لا تتوفر على آلاف المتابعين، من ضمنهم صحفيين وسياسيين، لكانت سمعتي في الحضيض الآن. لم أكن لأستطيع تدارك الأضرار الناتجة عن التقارير التي نشرت”.

ويضيف المتحدث “للأسف في بعض الأحيان تكون هذه الحوادث ذات دوافع عنصرية، لكن لا يمكنني الجزم في حالتي. لكن من الغريب أن فيديو الاحتجاج استخدم في تقريرين مختلفين على الأقل، وتم تقديمي فيهما على أني داعم لروسيا في حربها على أوكرانيا”.

ويرى “طارق الأوس”، الناشط الحقوقي السوري، أن “الرفاعي” “كان سيتعرض لحملة شرسة حتى بدون التقرير الذي حور كلامه، لكن التقرير زاد من حدتها بشكل كبير للغاية، فالملايين ممن رأوا التقرير على شاشة التلفزيون ليسوا منعزلين عن مواقع التواصل الاجتماعي، فحتى من نشر إشادة بالنشاط الذي قام به معتصم، هاجمته حسابات أشخاص تابعوا بالأساس من ما نشرته ZDF عبر تقريرها الذي بنته على فكرة مناقضة تماما لخطاب الحقوقي الشاب”.

وليس الأشخاص أو السياسيون المقربون من الرفاعي فقط من ساهموا في الحملة التضامنية معه، بل منظمات حقوقية كثيرة وذات صيت، مثل منظمة برو أزول، التي تعد من أكبر المنظمات الحقوقية المدافعة عن حقوق اللاجئين في ألمانيا”.

جدية الأمر وانعكاسه على مصداقية شاب حقوقي، جعلت شخصيات حقوقية وسياسية على مستوى أوروبا تتضامن معه وتطالب القناة بتصحيح الخطأ وتقديم الاعتذار بالشكل المناسب، مثل كاترين لانغنزيبن، عضو البرلمان الأوروبي ولجنة الشؤون الخارجية.

لم تكن هذه تجربة معتصم الأولى المريرة مع حملات الكراهية، إذ يقول “تعرضت أكثر من مرة لحملات ممنهجة لمحاولة شيطنتي، هذا الأمر يعاني منه الكثير من المهاجرين الذين انخرطوا في العمل السياسي والحقوقي”. وتحدث الشاب عن حادثة سابقة مع هيئة تحرير قناة العالم الإيرانية الداعمة لنظام الملالي، التي قامت باستعمال حوارات سابقة له حصلت عليها من وسائل إعلامية أخرى، وحذفت المقاطع التي يتحدث خلالها الرفاعي عن جرائم روسيا وإيران ونظام الأسد.

“طارق الأوس” يؤكد أن الأمر يتكرر ويعاني منه الكثير من المهاجرين خاصة ممن انخرطوا في العمل السياسي والحقوقي في المجتمعات المضيفة الجديدة ومنها ألمانيا.

وتحدث عن تعرضه أيضا لموقف مشابه. “خلال حملتي الانتخابية السابقة –خلال ترشحه لعضوية البوندستاغ – تم تحوير كلامي تماما عن سياقه بسبب خطأ صحفي، وكانت الهجمة العنصرية التي تلته كبيرة للغاية. أنا سعيد للغاية أن معتصم لم يتأثر بشكل كبير بما حصل، ومستمر على موقفه الشجاع”.

خسارة ألمانيا أمام بولندا تسبب خيبة أمل كبيرة لهانزي فليك

نشرت القناة اعتذارا مكتوبا على صفحتها على تويتر، وهو ما يجده “طارق الأوس”: “غير كاف أبدا، فالتقريرين الذين عرضتهما القناة وصلا إلى أكثر من 6 ملايين مشاهد، لكن الاعتذار عبر تغريدة على تويتر لم يره إلا ألف أو ألف و 500 شخص على الأكثر”. ويرى المتحدث أن الأنسب لحجم الخطأ المرتكب هو تقديم اعتذار رسمي لمعتصم الرفاعي عبر نفس البرامج التي تم تحوير كلامه خلالها، فعوض تقديمه كمدافع عن حقوق الإنسان، أظهروه شخصا يدافع عن ظلم النظام الروسي”.

أما “معتصم الرفاعي”، فينتظر اعتذارا رسميا على جميع منصات القناة، واعتذار خلال بداية كل البرامج التي نشرت تقارير استخدم فيها فيديو احتجاجه ضد خطة إصلاح نظام اللجوء الأوروبي المشترك على أنه اجتجاج ضد دعم أوكرانيا. ” أما هذا الاعتذار المقتضب، فهو لا يكفي لإصلاح ما فعلته القناة بحقي”. وأكد المتحدث في تصريحاته لمهاجر نيوز “في حال عدم تجاوب القناة وتصحيح خطئها، سأضطر لإتخاذ خطوات قانونية”.



ويرى “طارق الأوس” أنه لابد من “إيجاد حلول لما يحصل على إثر مثل هذه الأخطاء المهنية، وذلك عبر اعتماد قوانين صارمة حول موضوع تعليقات الكراهية في الأنترنيت”. ولفت المتحدث الانتباه إلى أنه “بموازاة الهجوم على معتصم الرفاعي، كان هناك أيضا تضامن كبير للغاية معه، من مختلف الأشخاص والمنظمات الحقوقية”. “لكن من المحزن أن يغيب عن حملة التضامن هذه رد فعل الأحزاب الألمانية، خاصة منها المعروف عنها دفاعها عن حقوق المهاجرين واللاجئين، والتي دمجت المهاجرين واللاجئين ضمن صفوفها”. وفي التدوينة التالية نموذج لتضامن شخصي من نائب رئيس كتلة اليسار البرلمانية بالبوندستاغ، الذي انتقد تحوير كلام الرفاعي من طرف القناة.

Exit mobile version