أخبار القارة الأوروبية_إيطاليا وألبانيا
ثارت حالة من الجدل بعد إعلان إيطاليا وألبانيا عن اتفاق مشترك يتيح نقل المهاجرين الوافدين على شواطئ إيطاليا إلى ألبانيا.
الاتفاق يسمح لألبانيا بترحيل من ترفض طلبات لجوئهم، إذ أكدت المفوضية الأوروبية ضرورة التزام قوانين الاتحاد الأوروبي والدولي، وطلبت معرفة مزيد من التفاصيل المتعلقة بالصفقة بين البلدين.
في الوقت نفسه، قالت المتحدثة باسم المفوضية، أنيتا هيبر، أن على أي دولة تابعة للاتحاد الأوروبي احترام حقوق طالب اللجوء، وعدم نقله إلى دولة ثالثة.
تزامنا، نددت جمعيات ومنظمات بالاتفاق، إذ ربطت منظمة العفو الدولية ”أمنستي“ المعاهدة الأخيرة بموضوع ”الإعادة القسرية للمهاجرين“، وقالت إنها مرفوضة ومحظورة بموجب القوانين الأوروبية. كما طالبت بإلغاء الاتفاق الإيطالي الألباني.
وأضافت أمنستي أن الصفقة ”ستستعمل للتحايل على القوانين الوطنية وقوانين الاتحاد الأوروبي، وسيعود ذلك بعواقب وخيمة على طالبي اللجوء، الذين سيحتجزون فترات طويلة، وسيقبعون عرضة الانتهاكات“. لا سيما بعد تأكيد إيطاليا بقاء طالبي اللجوء في ألبانيا تحت الوصاية القضائية الإيطالية.
وتعد تفاصيل تطبيق الوصاية مبهمة بالنسبة إلى العاملة في “لجنة الإنقاذ الدولية”، سوزانا زانفريني، مشيرة إلى وجود أسئلة “عن كيفية تطبيق الوصاية القضائية، إذ لا يمكن تصور كيف سيتمكن أشخاص في وضع غير مستقر، من الحصول على حق اللجوء وممارسة حقوقهم الأساسية الأخرى بينما يتواجدون في منطقة خارج الاتحاد الأوروبي”، وفق رويترز.
ورأت المنظمة غير الحكومية “سي ووتش” أن نقل المهاجرين الذين ينقذون في المياه الإيطالية إلى ألبانيا غير منطقي، إذ أشارت المتحدثة باسم المنظمة لوكالة “أسوشييتد برس” إلى أن نزول “هؤلاء الأشخاص في ألبانيا يعني التعارض مع عمل القانون الدولي والأوروبي”.
كمال لفتت إلى فشل الاتفاق في إيضاح نقاط عدة ومنها آلية ترحيل المهاجرين من ألبانيا إلى بلدانهم الأصلية. كما يعد ترحيل المهاجرين بعد نقلهم إلى بلد ثالث قسرا انتهاكا للمعايير الدولية، وفق المسؤول في مجموعة “ميديتيرانيان سيفينغ هيومينز” ماتيا فيراري.
وكان انتقد مسؤولون إيطاليون وألبان الاتفاق الجديد، إذ عد زعيم حزب الخضر الإيطالي، أنجيلو بونيلي، الاتفاق “انتهاكا للقانون الدولي“، وعبر عن خوفه من إنشاء ”معسكرات اعتقال“ لا تحترم كرامة الإنسان. بينما قال زعيم الحزب الليبرالي الإيطالي، ريكاردو ماجي، إن “الخطة فظيعة وستؤدي إلى إنشاء غوانتانامو الإيطالي”.
في حين أكد زعيم الحزب الديمقراطي في ألبانيا، بليند كيليجي، أن الاتفاق “خيانة ضد ألبانيا، أكبر عمل خيانة يمكن أن يرتكبه راما ضد بلدنا“.
ويتيح الاتفاق الذي أبرمته رئيسة الوزراء الإيطالية “جورجيا ميلوني” ونظيرها الألباني “إيدي راما” في روما، الاثنين 6 تشرين الثاني/نوفمبر، نقل 3 آلاف مهاجر وافد على إيطاليا عبر البحر الأبيض المتوسط، إلى ألبانيا ريثما تعالح طلبات لجوئهم، كما يسمح لألبانيا بترحيل المرفوضين منهم.
وستدفع إيطاليا بموجب الاتفاق تكاليف بناء مركزين في ألبانيا (تحت الولاية القضائية الإيطالية)، في منطقتي ميناء شينغجين وجادير شمال غرب البلاد، لإيواء المهاجرين، ويفترض أن يبدأ استعمال المركزين بحلول الربيع القادم من عام 2024.
كما أوضحت ميلوني أن الاتفاق لا يشمل الأطفال والنساء الحوامل، وقالت إن الحكومة الإيطالية تأمل بإرسال 36 ألف مهاجر سنويا إلى المراكز في ألبانيا، إن سارت مهمة معالجة طلبات اللجوء بالسرعة المطلوبة، وفق بي بي سي. مشيرة إلى أن الاتفاق سيساعد في تخفيف الضغط عن مراكز معالجة طلبات اللجوء في إيطاليا.
وشهدت إيطاليا زيادة في أعداد الوافدين، مع وصول نحو 143 ألف شخص منذ بداية العام، مقارنة بنحو 105 آلاف في 2022.
فكرة نقل طالبي اللجوء إلى دولة ثالثة غير أوروبية ليست جديدة، إذ كان صوت مشرعون دنماركيون قبل نحو عامين، في سبيل إنشاء مركز لاستقبال طالبي اللجوء في رواندا، ولكن لم تستكمل الخطة التي لاقت انتقادا واسعا.
زلزال يضرب شمال إيطاليا دون خسائر
بينما أبرمت المملكة المتحدة اتفاقا مع رواندا يتيح نقل طالبي اللجوء على أراضيها، على الرغم من انتقاد الخطة، والعراقيل التي حالت دون تطبيقها. وما زالت الحكومة البريطانية في انتظار إجابة من المحكمة العليا التي ستبت في المسألة.
ومع وجود نقاط اختلاف بين خطط تلك الدول وخطة إيطاليا، إلا أنها تسعى لوقف تدفق المهاجرين إليها وتشدد الرقابة، على حدودها وتخنق طالبي اللجوء بمراسيم تحدد حريتهم وتزيد من عزلتهم، وفق منظمات عدة ومنها امنستي.
في الأثناء، لا تلوح في الأفق إجابات حول ما اذا كانت إيطاليا قادرة فعلا على تطبيق الاتفاق الأخير، أم أنها ستخضع للمطالب التي تأمل بإلغاء الاتفاق، وتأمين سبل سليمة لنقل المهاجرين إلى أوروبا.