تقرير “مكافحة الجريمة” يكشف مشاكل الاندماج في السويد

أخبار القارة الأوروبية – السويد

أثار تقرير مجلس مكافحة الجريمة في السويد “بروا” حالة من الجدل داخل الأوساط السياسية والثقافية في البلاد بعد أن أشار إلى ارتفاع معدل المشتبه في ارتكابهم جرائم من المهاجرين.

التقرير أفاد بأن الأشخاص المولودين في السويد وخارجها من المهاجرين يشتبه بهم في ارتكاب الجرائم أكبر بمرتين ونصف من عدد الأشخاص المولودين في السويد من أبوين مولودين داخل البلاد، مشيرا إلى أن المولودين في السويد من أبوين ولدوا في خارج البلاد لهم النسبة الأكبر من الاشتباه في حين كانت النسبة التي تليها لمن ولدوا في الخارج.

العمر أيضا كان له دور في نتائج الإحصائيات حيث بينت الدراسة أن نسبة المشتبه بهم تزداد بين الشباب الذين ولدوا في السويد سواء كانوا من أبوين مهاجرين أو ولدوا في الخارج لكن الشباب بشكل عام هم الفئة الأكثر ارتكابا للجرائم.

ورغم انخفاض عدد المتهمين بارتكاب الجرائم بشكل عام في البلاد إلا أن الجرائم أصبحت أخطر وأكثر خسائر في الأرواح والممتلكات كما ارتفع العدد في  بعض الجرائم مثل العنف المسلح في فئة المولودين في السويد من والدين مهاجرين وأيضا جرائم المخدرات في جميع الفئات.

التقرير اثار جدلا في الأوساط السياسية والاجتماعية بالسويد ودفع وزير العدل والهجرة، مورغان يوهانسون، للتعليق على نتائجه بالقول إنها خطيرة وسوف يستغلها العنصريون واليمين المعارض لتشويه سياسة الهجرة والمهاجرين معتبرا أن القاعدة العامة لأي مجتمع متحضر أن يتم الحكم على الجميع من خلال أفعالهم لا أصولهم.

يوهانسون أضاف أن المهاجرين ممثلون في مقدمة الجريمة، لكنهم أيضا ممثلون بوضوح في مقدمة العاملين في الرعاية الصحية والخدمات العامة التي تنتشر في السويد، متوقعا أن تستخدم القوى العنصرية تلك الإحصاءات لصالحها وترويجها إعلاميا ونشرها بالمجتمع السويدي للتاثير على المواطنين لدعاية انتخابية ونشر الكراهية.

من جانبه قال فريدريك خوسهولت الكاتب المتخصص في قضايا الاندماج والهجرة في صحيفة اكسبريسن واسعة الانتشار في السويد إن المهاجرين القادمين من سوريا ومصر والمغرب والسودان يبرزون في الجريمة أكثر من غيرهم معتبرا أن نتائج تقرير مجلس مكافحة الجريمة صادمة وتعكس فشل السويد في برامج الاندماج وظهور مجتمع مواز أدى لظهور ضواحي معزولة تسمى بالمناطق الضعيفة.

خوسهولت شدد على أن التقرير أوضح إلى أي مدى انعزل المهاجرين والسويديين من أصول مهاجرة في ضواحي مهمشة تعاني من البطالة والفقر وانخفاض الدخول ما أدى لظهور الجريمة وتفشيها في أوساط الجيل الثاني معتبرا أن نسبة 15.3% من الرجال في هذه المجموعة كانوا مشتبها بهم في جرائم على مدى أربع سنوات معتبرا ان تشديد العقوبات وسياسة الترحيل ضد مرتكبي الجرائم الخطيرة لم تساهم في ردعهم.

كما أوضح الكاتب أن التقرير لا يشمل سوى جرائم العنف والسرقة والاغتصاب ولم يشمل مرتكبي الجرائم الجنسية وجرائم الشرف والعنف العائلي، داعيا للبدء في تدابير جديدة لمناهضة الفصل العرقي الذي يؤدي لانعزال الأصول المهاجرة في مجتمعات منعزلة في السويد.

المقال الذي نشرته الصحيفة حظى بمتابعة ملحوظة على وسائل التواصل الاجتماعي، ورأى الكاتب أن التقرير يعكس أوضاعاً سيئة للجيل الثاني من المهاجرين، مبينا أن “15.3 % من الرجال في هذه الحقائق التي كشفها تقرير Brå “قنبلة سياسية” ستجعل النقاش العام حول المهاجرين والجرائم يستند على معلومات موثوقة، في وقت يدور نقاش سياسي حول دور الهجرة في الجريمة مع اقتراحات بإغلاق الحدود، وتطبيق قواعد ترحيل أكثر صرامة، وتدابير مناهضة للفصل العرقي.

وتبرز مشكلة أخرى في السويد هي المدارس ومواجهة أولياء الأمور صعوبات في مساعدة أبنائهم على حل واجباتهم المدرسية، وبفشل الخدمات الاجتماعية (السوسيال) حيث تم توفير المال للحلول السهلة الرخيصة مثل مراكز الرعاية الإجبارية، ما يجعل التقرير الصادر عن مركز الجريمة صورة طبق الأصل للفصل العرقي في السويد.

استثمار سياسي

المخاوف تزداد من استغلال وسائل الإعلام والعناصر المتطرفة وأحزاب المعارضة لمثل هذه الدراسة في تشويه صورة المهاجرين وشن الحملات ضدهم، مع تجاهل دراسات أخرى تعكس صورة إيجابية عنهم.

فمعهد الدراسات المستقبلية أعد دراسة شارك فيها 6500 شخص من 4 بلديات في السويد كشفت عن اعتياد المهاجرين على الحياة في السويد حتى لوكانوا ينتقدونها لكنهم لا يستطيعون التخلي عنها.

وبينت الدراسة أن معظم المهاجرين اعتادوا على نمط  الحياة المنظم ومستوى الرفاهية في الخدمات ويشعرون بالتأقلم مع المجتمع السويدي، وأن 67% من المهاجرين لا يرغبون بالانتقال من المناطق أو البلديات التي يسكنون فيها، ولا يفكرون في العودة لبلادهم رغم شعورهم ببعض المعوقات.

الدراسة شارك فيها مهاجرون من العراق وسوريا وأفغانستان والصومال وتناولت مختلف الشؤون التي تتعلق بالقيم والمبادئ في المجتمع السويدي مثل المساواة وحقوق المرأة والدين والعائلة والعلاقات الاجتماعية

النسبة الأكبر من المهاجرين يرون أن أوضاعهم تحسنت بشكل إيجابي منذ وصولهم للسويد والحياة أسهل وأكثر استقرارا وأمنا وهدوءا مقارنة بالأوضاع التي كانوا يعيشون فيها في بلدانهم الأصلية خاصة فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والرعاية الصحية والسكن والأمن والامان الاقتصادي والبيئة النظيفة المنظة في المدارس والرعاية الخدمية للأطفال.

هناك مشاكل ثقافية يصعب على المهاجرين خاصة من الجيل الأول التعامل معها مثل الاندماج في الأنشطة العامة السويدية وبناء صداقات مع سويديين لكن الجيل الثاني من المهاجرين أي الأبناء يكونون أفضل بكثير في هذه الجوانب .

المهاجرون في السويد يندمجون شيئا فشيئا وهم سعداء بأوضاعهم ونسب المشتبه بهم في الجرائم قد لا تعكس حقيقة أوضاعهم بشكل عام، لكن هناك تيارات سياسية بعينها تناصبهم العداء وتشن عليهم حملات إعلامية ، وقد تستغل دراسة مركز الجريمة للهجوم عليهم دون إعطاء أهمية لدراسات أخرى مثل تلك الصادرة عن مركز الدراسات المستقبلية، ما يساهم بشكل ما في تعطيل وتيرة اندماجهم بالمجتمع السويدي والتي تسير بمعدل مقبول للغاية.

Exit mobile version