سجن منعزل.. انتقادات حقوقية لمخيم جزيرة ساموس اليونانية

أخبار القارة الأوروبية – اليونان

سيعيد الكرامة لمن يسعون للحصول على الحماية الدولية، هكذا وصفت اليونان مخيم اللاجئين الذي افتتحته السبت الماضي، والذي حظي بانتقادات منظمة العفو الدولية وقرابة خمسين منظمة أخرى غير حكومية في ظل إحاطته بالأسلاك الشائكة وكاميرات المراقبة.

المخيم يوجد في جزيرة ساموس المقابلة لتركيا، وهو مزود بماسحات ضوئية تعمل بالأشعة السينية وأبواب مغناطيسية، ويعد الأول من نوعه ويوصف بأنه مغلق وخاضع للمراقبة، ويبدو كأنه سجن منعزل رغم أنه يبعد ربع ساعة بالسيارة عن البلدة الرئيسية.

أقيم المخيم على قطعة أرض تزيد مساحتها عن 12 ألف متر مربع يحدها خط مزدوج من الأسلاك الشائكة، وسينقل إليه أكثر من 300 طالب لجوء من المخيم المكتظ المقام في ضاحية فاثي الفقيرة الذي سيقوم الجيش بعد ذلك بتفكيكه وإزالة الحاويات وتطهيره قبل تسليم الأرض إلى البلدية.

وزير الهجرة اليوناني، نوتيس ميتاراخي، قال خلال افتتاح المخيم  إن المخيمات لا تستوفي الشروط الصحية مشيرا إلى أن مخيمات موريا (في ليسبوس) وفاثي أصبحت الآن من الماضي، مدعيا أن المركز الجديد المغلق الذي يخضع الدخول إليه للمراقبة سيعيد الكرامة لمن يسعون للحصول على الحماية الدولية، والظروف الضرورية للحماية ولاحتجاز المهاجرين غير القانونيين الذين يجب إعادتهم.

وسيقّسم طالبو اللجوء على أحياء عدة، وسيتمكنون من استخدام مناطق تقديم الطعام وممارسة الرياضة والألعاب وكذلك المطابخ المشتركة، تضمّ كل غرفة نوم خمسة أسرّة وخزانة ملابس مع مراحيض وحمامات مشتركة.

وفي داخل المخيم، أنشئ مركز احتجاز لجميع المهاجرين الذين تم رفض منحهم حق اللجوء وحُكم عليهم بالعودة إلى تركيا.

 ومن المقرر الانتهاء من بناء مخيم مماثل الشهر المقبل في ليروس، فيما لم يبدأ العمل بعد في ليسبوس حيث دمر الحريق مخيم موريا العام الماضي، على أن يُنجز في خريف العام 2022، بحسب مصدر حكومي.

المفوضية الأوروبية كانت قد تعهدت بتخصيص 276 مليون يورو لتمويل خمسة مخيمات جديدة في جزر بحر إيجه التي تستقبل معظم المهاجرين القادمين من السواحل التركية المجاورة.

وقالت بيتي غميندر نائبة المدير العام لشؤون الهجرة والداخلية في المفوضية الأوروبية إن المخيم يعد مركز استقبال لجيل جديد في جزر بحر إيجه.

وستعى الحكومة اليونانية لإخلاء مركز “فاثي” المخصص لاستقبال اللاجئين في ساموس بحلول نهاية سبتمبر أيلول الجاري والذي يؤوي نحو 7 آلاف طالب لجوء بين عامي 2015 و2016، رغم أن طاقته الاستيعابية الأساسية تبلغ 680 شخصا.

ومن بين 550 مهاجرا بقوا في الجزيرة، وافق 300 مهاجر ما زالوا يعيشون في ظروف غير صحية على نقلهم إلى المخيم الجديد، لكن لن يسمح لهم بالخروج إلا من الثامنة صباحًا إلى الثامنة مساء، وسينقلون بحافلات خاصة في المدينة وسيجبرون على تقديم بصماتهم وشاراتهم الإلكترونية عند البوابة المغناطيسية عند مدخل المخيم، وستفرض عقوبات تأديبية لمن لا يعود قبل الساعة الثامنة مساء.

هذه الإجراءات اليونانية أثارت استياء المدافعين عن حقوق الإنسان والذين أعربوا عن قلقهم من احتجاز طالبي اللجوء.

فقد انتقدت قرابة خمسين منظمة غير حكومية، منها منظمة العفو الدولية، إقامة هذه المراكز الجديدة التي ستمنع تحديد الأشخاص الأكثر ضعفاً بشكل فعال وتحد من وصول طالبي اللجوء إلى الخدمات، وتزيد من حدة الأثر الضار للإغلاق على الصحة العقلية للأشخاص، بحسب المنظمة.

من جانبها أقرت، ميراي جيرار، ممثلة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في اليونان بأن كلمة مغلق بشأن المخيم تثير القلق مضيفة أن المفوضية تعتبر أن طالب اللجوء يحتاج إلى الحماية، فهو ليس مجرماً أو شخصاً يمثل خطراً على المجتمع، إنه شخص يحتاج إلى المساعدة، معربة عن اعتقادها أن المخيمات يجب أن تكون مفتوحة، وهو ما أشارت إلى أن الحكومة اليونانية قد أكدته للمفوضية.

وبرغم تحفظات المنظمات الحقوقية لا تزال أثنيا تردد أن الهدف هو تخفيف الاكتظاظ في المخيمات التي أقامتها في الجزر مضيفة أنها نجحت في تخفيض عدد الوافدين بنسبة 90% تقريباً منذ عام 2019.

 لكن المنظمات غير الحكومية تعزو هذا التراجع إلى عمليات الطرد غير القانونية لطالبي اللجوء إلى تركيا، وتنفي الحكومة اليونانية المحافظة قيامها بذلك، لكن النتيجة النهائية لهذا الشد والجذب هو مزيد من التقييد على حرية المهاجرين والتعامل معهم وكأنهم مجرمون يخشى فرارهم من العدالة، فالمعايير التي اتبعتها الحكومة اليونانية في بناء هذا المخيم والتي ستنوي تطبيقها في ما تبنيه من مخيمات في وقت لاحق تبدو إلى حد بعيد مشابهة لأنظمة بناء السجون ليصطدم المهاجر الهارب على الأغلب من جحيم الفقر والاستبداد وويلات الحروب في بلاده، بمرراة السجن في بلاد المهجر حتى ولو كان المسمى مخيما للاجئين.

Exit mobile version