غراتزيا ديليدا.. الإيطالية الفقيرة صاحبة نوبل في الأدب

غراتزيا ديليدا.. الإيطالية الفقيرة صاحبة نوبل في الأدب

أخبار القارة الأوروبية – بورتريه

تعد غراتزيا ديليدا الحائزة على جائزة نوبل للأدب لعام 1926 من أهم الروائيات الإيطاليات، وتنتمي أعمالها إلى المدرسة الطبيعية، وقد كتبت أكثر من خمسين رواية.

ولدت في نورو في جزيرة سردينيا، وكان والدها عمدة القرية ومزارعاً يزرع أرضه بنفسه.

عاشت ديليدا في بيئة اجتماعية صاخبة وودية، إذ كان والدها يستضيف الكثير من الزوار في مزرعته، وقد كان لهذه البيئة أكبر الأثر في تعرفها أنماطاً متنوعة من الشخصيات والموضوعات الاجتماعية التي كوّنت فيما بعد نواة لرواياتها.

تزوجت في سن مبكرة وانتقلت إلى روما، لكنها كانت تقوم بزيارات منتظمة إلى مسقط رأسها الذي بات مسرحاً لأحداث معظم رواياتها.

ومع أن بيئة رواياتها محلية، لكن الوصف النفسي الدقيق لشخصياتها هيأ لها قبولاً عالمياً.

لم تتلق ديليدا تعليمها في مدارس رسمية، فقد اعتمدت على التثقيف الذاتي وعلى تفاعلها مع القصص الشعبية ومعرفتها بالحياة الريفية في سردينيا، وقرأت الكثير في الأدب الروسي ولكتابٍ إيطاليين.

كتبت أوائل قصصها القصيرة وهي في عامها الثالث عشر، وبدأت مسيرتها الأدبية حين أرسلت أولى رواياتها زهرة سردينيا» عام (1892) إلى صحيفة في روما فنشرتها فوراً.

كتبت ديليدا  في رواية «عجوز الجبل عام (1900) حـول الأثر المأسـاوي للغواية والخطيئة بين البسطاء. ومن أهم رواياتها المبكـرة «بعد الطلاق» عام (1902)، و«الياس بورتولو» عام (1903) التي ترجمت إلى الكثير من اللغات الأوربية، وتصور قصة حب مجرم سابق لعروس أخيه، و«رماد» عام (1904) التي تحكي قصة طفل غير شرعي كان السبب في انتحار أمه، وتحولت إلى فيلم سينمائي عام 1916 لعبت فيه الممثلة إليونورا دوسِه الدور الرئيسي.

وكتبت أيضا رواية «الأم» عام (1920) التي ترجمت إلى الإنكليزية وقدم لها الروائي الإنكليزي ديفيد هربرت لورنس.

وقللت ديليدا في هذه الرواية من التركيز على اللون المحلي وأكثرت من العنصر العاطفي النفسي الذي أضاف نبضاً درامياً غنياً إلى أسلوبها، وتحكي الرواية مأساة أم تحلم بأن يصبح ابنها قساً، وتعمل بجد حتى تحقق هذا الحلم لتجد ابنها القس يستسلم لإغراء الجسد.

وقد عالجت ديليدا موضوعات مشابهة في كثير من رواياتها، كما  تحدثت عن الفقراء وعاداتهم، اعتماداً على القصص الشعبية والطابع الفولكلوري لسردينيا مع إظهار العمق النفسي للطبيعة البشرية بأسلوب يقترب من دوستويفسكي.

وقد ظهر هذا جليا في روايات «طريق الشر» عام (1893) و«حنين» عام (1905) و«أخطاء الغير» عام (1914) و«حريق في أحراش الزيتون» عام (1918) و«إله المخلوقات» عام (1922).

استمرت ديليدا في الكتـابة بالقدر ذاته من النشاط بعد حصولها على جائـزة نوبل فكتبت مجموعتين قصصيتين  هما «بيت الشاعر» عـام (1930) و«شمس الصيف»

. وقد تميزت قصصها هذه بنظرتها المتفائلة إلى الحياة على الرغم من إصابتها بمرض عضال، وصورت الحياة على أنها جميلة وهادئة مع كل المعاناة، فالطبيعة والإنسان عندها يتحدان ليتغلبا على الصعوبات والآلام النفسية والجسدية. وجمعت ديليدا في رواياتها الأخيرة بين المتخيل والسيرة الذاتية كما في روايتها «أرض الرياح» عام (1931).

أما في رواية «الحاجز» عام (1932) فقد تحدثت عن ضرورة الزهد في الأمور الدنيوية، ورأت أن الإيثار أرقى الصفات الإنسانية التي تقرب الإنسان من الله، وهذا الإيمان بالله والإنسان هو ما يميز رواياتها كافة.

من رواياتها الأخيرة «كوزيما» عام (1937) و«أرز لبنا”  عام (1939) اللتان نشرتا في روما بعد وفاتها.

Exit mobile version