أوروبا تتحرك لمنع الهجرة عبر المانش

أوروبا تتحرك لمنع الهجرة عبر المانش

أخبار القارة الأوروبية – تقارير

مع تفاقم أوضاع المهاجرين في أوروبا بشكل عام، باتت الدول الأوروبية بحاجة إلى إجراءات أكثر صرامة لوضع حد لهذه الأزمة التي باتت لها أبعاد سياسية وإنسانية، ولا سيما بعد حادثة مصرع 27 مهاجرا، الأربعاء الماضي، بعدما غرق زورقهم قبالة “كاليه” من حيث انطلقوا في شمال فرنسا خلال محاولتهم للعبور نحو السواحل البريطانية، في كارثة إنسانية غير مسبوقة على طريق الهجرة ما أجبر باريس ولندن على الاتفاق على “الضرورة الملحّة” لتعزيز التعاون بينهما لوقف هذه المآسي.

اجتماع رباعي..

دول معنية بالأزمة على رأسها فرنسا وهولندا وإيطاليا وألمانيا عقدت اجتماعا بفرنسا لمناقشة أزمة المهاجرين وتهريب البشر، فيما طلب وزير داخلية فرنسا  “جيرالد دارمانان” من بريطانيا إنشاء قنوات هجرة شرعية للاجئين وعدم تسهيل عثورهم على عمل باقتصاد الظل، وأكد خلال اجتماع مع مسؤولين عن الهجرة بأربع دول أوروبية “تعزيز التعاون” ضد عمليات التهريب و”تحسين التعاون” مع بريطانيا

فرنسا اتفقت مع بلجيكا وهولندا وألمانيا على اتخاذ تدابير أكثر صرامة ضد عصابات تهريب الأشخاص العاملين في القنال الإنجليزي (بحر المانش)، وتوافقت الدول الأربع على “تعزيز تعاونها عمليا” ضد عمليات التهريب و”تحسين التعاون المشترك مع المملكة المتحدة”.

وعقد الاجتماع دون بريطانيا وهي دولة معنية بالمشكلة، ذلك بعد أن ألغى ” دارمانان” مشاركة نظيرته “بريتي باتيل” الجمعة بعد اندلاع خلاف دبلوماسي عندما نشر رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون” رسالة كتبها إلى الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” قبل أن يتلقاها ماكرون” نفسه.

“دارمانان” أكد بعد اجتماع كاليه أنه يريد التشاور مع نظيرته البريطانية وأضاف: “نريد أن نعمل مع البريطانيين، إنهم حلفاؤنا”، لكنه أضاف أن فرنسا لا تريد أن تكون رهينة للسياسة الداخلية البريطانية.

وأعلن “دارمانان” أن وكالة حماية الحدود الأوروبية “فرونتكس” ستنشر طائرة اعتبارا من الأربعاء، مطلع ديسمبر/ كانون الأول المقبل مشيرا إلى أنها: “ستحلق نهارا وليلا لتتمكن من مساعدة الشرطة الفرنسية والهولندية والبلجيكية” في مراقبة الساحل، وفي الوقت نفسه، أعرب عن تعاطفه مع محنة اللاجئين وشدد على البعد الإنساني للعملية على الساحل.

“شتيفان ماير” سكرتير الدولة البرلماني في وزارة الداخلية الفيدرالية الألمانية والذي حضر الاجتماع قال في في مؤتمر صحافي في مقر بلدية “كاليه” إن “لبريطانيا دورا مهما تؤديه، وينبغي التوصل إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا”.

الاجتماع الذي عقد الأحد في “كاليه”، حضره الوزراء المسؤولون عن الهجرة في فرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا والمفوض الأوروبي للشؤون الداخلية ومديرا الوكالتين الأوروبيتين للأمن (يوروبول) والحدود (فرونتكس).

محادثات بين بريطانيا وأوروبا..

من جانبها قالت وزيرة الداخلية البريطانية في تغريدة إنها ستجري “محادثات عاجلة مع نظرائها الأوروبيين” الأسبوع المقبل “لتفادي مآس جديدة في المانش، مضيفة أن مقتل هؤلاء الاشخاص ال27 ينبغي أن يكون نداء واضحا للتعاون”.

كما شدد وزير الصحة البريطاني “ساجد جويد” الأحد على أن بريطانيا لن تستطيع حل المشكلة بمفردها دون تعاون الفرنسيين.

وفي لندن، تظاهر نحو 150 شخصا السبت الماضي أمام مقر رئاسة الحكومة تنديدا بسياسة اللجوء المعتمدة في المملكة المتحدة.

كما تجمع سكان محليون وممثلو عن جمعيات في مركز مدينة “كاليه” تكريما لضحايا غرق قارب المهاجرين في المانش.

على صعيد آخر أنقذ خفر السواحل الإيطالي نحو 250 مهاجرا من بينهم رضيع حديث الولادة من قارب انجرف على بعد بضعة أميال قبالة ساحل منطقة كالابريا.

وقال خفر السواحل في بيان إن عمليات الإنقاذ التي تمت خلال ليلتي السبت والأحد (27 و28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021) تعرضت لصعوبات وكانت معقدة بسبب سوء الأحوال الجوية وارتفاع الأمواج وإن تلك العمليات استمرت أكثر من 16 ساعة.

إلى جانب ذلك، أضاف خفر السواحل أن 244 شخصا في الإجمال، من بينهم 41 قاصرا ووليد خرج للنور في القارب يوم السبت، جرى إنقاذهم، اذ اشتركت في عملية الإنقاذ، سفينة تجارية وناقلة تابعة للوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل “فرونتكس”.

وشهدت إيطاليا تزايدا حادا في وصول قوارب تقل مهاجرين في الأسابيع القليلة الماضية بما يشكل مزيدا من الضغوط على حكومة رئيس الوزراء ماريو دراغي للتوصل إلى اتفاق مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي عن كيفية التعامل مع هذا التدفق.

كما أنقذ خفر السواحل الإيطالي 296 مهاجرا آخرين في البحر المتوسط في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني لدى محاولتهم الوصول إلى أوروبا. وتظهر بيانات وزارة الداخلية أن 62236 مهاجرا وصلوا إلى إيطاليا في 2021 حتى الآن مقابل وصول 32542 في ذات الفترة من العام الماضي.

الفاتيكان وزيادة المساعدات..

ومن جانبه، طالب البابا فرنسيس بابا الفاتيكان بزيادة المساعدات المقدمة للمهاجرين، وفي حضور العديد من المصلين في ساحة القديس بطرس في روما، قال البابا الأحد (28 نوفمبر/ تشرين الثاني) في أول الأحاد الأربعة السابقة لعيد الميلاد إنه يجدد نداءه لكل من يمكنهم الإسهام في حل المشكلة وعلى رأسهم السلطات المدنية والجيش.

البابا أضاف أن “الأخبار الواردة عن الأشخاص الذين لقوا حتفهم في القناة الإنجليزية وعلى الحدود البيلاروسية البولندية وفي البحر المتوسط، سببت له ألما بالغا”.

وازدادت في الآونة الأخيرة أزمة عبور المهاجرين عبر بحر المانش من فرنسا تجاه بريطانيا، ما تسبب في وضع مأساوي، لا سيما وأن معظم المهاجرين يفضلون استخدام القوارب في ظل التكلفة العالية لاستخدام الشاحنات التجارية المتجهة إلى المملكة المتحدة والتي تصل إلى ضعف مبلغ العبور على متن القوارب، إذ يدفع الشخص حوالي ألفين أو ثلاثة آلاف يورو مقابل العبور على متن قارب، فيما تتراوح تكلفة الاختباء في الشاحنات من الـ5 آلاف حتى تصل إلى 13 ألف يورو.

هذه المعطيات تجعل استمرار موجات الهجرة عبر بحر الشمال تستمر رغم الخطورة التي تصاحبها وتقلب أحوال الطقس في فصل الشتاء، ما يجبر الحكومتين في لندن وباريس على التعاون فيما بينما من ناحية وعلى المستوى الأوروبي لحل هذه الأزمة من جوانبها كافة.

Exit mobile version